•قبيل نهاية هذا الشهر، تحتفل مصر وإسرائيل بمرور 38 عاماً على توقيع اتفاق السلام بينهما. تتعامل إسرائيل مع الحدث بصفته اتفاقاً بين دولتين، فيما تتحدث مصر عن اتفاق في إطار مخطط كامب ديفيد، وليس عبثاً أنه في كامب ديفيد كان يوجد المكون الفلسطيني الذي كان في نظر مصر وسيبقى جزءاً لا يتجزأ من السلام. ولهذا السبب رأينا كيف امتنع الرئيس مبارك على مدى عقود عن القيام بأي تطبيع مع إسرائيل لأن المشكلة الفلسطينية لم تُحل.
•بعد مرور 38 عاماً على التوقيع التاريخي وقول رئيس الحكومة آنذاك مناحيم بيغن "لا سفك دماء بعد اليوم"، ماذا بقي من هذا الاتفاق؟ أولاً؛ الإطار بقي على الرغم من الاضطرابات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط ومصر تحديداً. إن المحافظة على إطار الاتفاق أهم من حقيقة أن اتفاق السلام مصلحة متبادلة للدولتين. لكن ماذا أبعد من ذلك؟
•نبدأ بالأمور التي تساهم في تعزيز الصلات المتبادلة: الاتصالات بين الجيشين والاستخبارات في البلدين مزدهرة بصورة لم نشهدها من قبل، وهناك تواصل هاتفي مباشر بين زعيمي الدولتين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن اتفاق الـQIZ- الاتفاق الثلاثي بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة- ما يزال على حاله. ولكن ماذا غير ما ذكرنا؟ يصعب علي العثور على شيء.
•بالمقارنة مع الجوانب الإيجابية النابعة من الاتفاق، فإن الميزان غير الإيجابي كبير جداً: بداية أشير إلى أنني لا أرى حلاً في الأفق، والدليل هو عدم وجود سفير [في مصر] منذ ست سنوات بعد الهجوم على السفارة الإسرائيلية في مصر في أيلول/سبتمبر 2011. ومنذ ذلك الوقت توقفت زيارات الشخصيات، وتراجعت السياحة، وأصبحت الصلات في مجالي الزارعة والثقافة شيئاً من الماضي.
•علاوة على ذلك، فإن قرار مبارك عدم السماح لطاقم السفارة الإسرائيلية في القاهرة بالقيام بمهمته الدبلوماسية من خلال لقاءات ونشاطات على الأرض ما يزال قائماً، على الرغم من التغيرات التي حدثت في مصر. في المقابل، فإن السفارة المصرية في إسرائيل تتمتع بحرية التحرك من دون قيود. وهذا يسمى عدم تناسب أو إذا شئتم عدم تبادلية. ويبدو أن هذا الوضع لا يزعج إسرائيل. أحد كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الذي أجريت معه مقابلة قبيل انتهاء مهمته، لم يترك مجالاً للشك في أن العلاقات الأمنية بين الدولتين تُعتبر أكثر أهمية بكثير من التطبيع.
•إنني أختلف معه في هذه النقطة، لأنني أعتقد أن الفشل في العثور على طريق إلى قلوب المصريين والفشل في التنبؤ بسقوط نظام مبارك، وعدم العثور على عوامل للتأثير وقت الأزمة، يعود إلى عدم وجود مصالح في مجالات كثيرة. لم تنفعنا العلاقات الأمنية عندما سقط نظام مبارك. ولم ينجح رجال السياسة المحترمون عندنا في التواصل الهاتفي مع الزعيم الموقت في تلك الفترة الماريشال طنطاوي عندما هوجمت السفارة الإسرائيلية وكان أفرادها عرضة لخطر حقيقي.
•حان الوقت لمراجعة مقاربتنا. ويجب ألا نتردد في طرح موضوعات مهمة بالنسبة إلينا في إطار العلاقات المتبادلة بهدف ترسيخ السلام الذي نحتفل به. كلمة أخيرة موجهة إلى متخذي القرارات عندنا: أيضاً بعد 38 عاماً، فإن أهمية اتفاق السلام بالنسبة إلى مصر لا تقل عن أهميته بالنسبة إلى إسرائيل.