من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•في نهاية الأسبوع تحدّث رئيس الولايات المتحدة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهذا أغضب ويجب أن يغضب اليمين كله. إن رئيساً أميركياً يتطلع إلى "اتفاق شامل بشأن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني" ويؤمن بأن "سلاماً كهذا ممكن وأن الوقت حان لإنهاء الصفقة"، كما صرح البيت الأبيض في نهاية المحادثة، معناه فاجعة كبرى بالنسبة للمستوطنين ومساعديهم. ومن مسيح ورع جاء بمعجزة من أجل إنقاذ إسرائيل من عذابات الذي سبقه في منصبه، يمكن أن يتضح أن ترامب هو أكبر كابوس عرفه اليمين الإسرائيلي.
•لم ينتبه اليمين في إطار تهليله لرحيل أوباما أنه حتى عندما أعلن ترامب نيته نقل السفارة [الأميركية] إلى القدس، وحتى عندما تعهد مستشاروه لإسرائيل بأنها تستطيع أن تستوطن كما تشاء، فإنه قد أظهر مثابرة غير معهودة في سعيه إلى تحقيق حل للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وفي قوله إن مثل هذا الاتفاق ممكن. وبالنسبة إلى شخص يعتبر نفسه أهم رجل أعمال في العالم، فهو يتطلع إلى تحقيق "الاتفاق الأكثر صعوبة". كان ينبغي لهذا الإصرار أن يضيء الضوء الأحمر لدى اليمين منذ وقت طويل، لكن شيطنة اليمين لأوباما والرغبة الشديدة في العيش كل مرة من جديد تجربة الخروج من العبودية إلى الانعتاق، أعمت أبصار الجميع.
•لقد كان أوباما مضطراً إلى الأخذ في الحسبان رأي اللوبي المؤيد لإسرائيل، ورأي الأغلبية الجمهورية في الكونغرس، وكتلة الصقور القوية من أعضاء حزبه. وعند الحاجة كان نتنياهو يستخدم الجميع، أحياناً كان ينجح مثلما فعل عندما أحبط خطة أوباما للسلام في العام 2011، وأحياناً كان يفشل مثل النضال ضد الاتفاق النووي. ليس لدى ترامب مثل هذه المشكلة. فالحزب الجمهوري لا يجرؤ على الوقوف ضده، وبالتأكيد ليس كما فعل مع أوباما. إن كل من يتابع المرونة الايديولوجية المدهشة التي يظهرها الجمهوريون في الفترة الأخيرة حيال الموضوعات الداخلية مثل محاولة إلغاء قانون الضمان الصحي لأوباما، أو موضوعات خارجية مثل تحول فلاديمير بوتين إلى شخص محبب من الأمة، يفهم أن نتنياهو قد يبقى في النهاية وحيداً. وإذا كان ترامب ورقة رابحة كما يروي نتنياهو أمام الجميع، فليس هناك ما يثير القلق. لكن إذا كان ترامب لا يأخذ في الاعتبار إلا ما يفكر هو به، وهذا الأكثر معقولية، فإنه سيأتي اليوم الذي سيسأل فيه نتنياهو نفسه إذا كان التعامل مع إدارة أوباما أفضل.
•إن الانشغال بمسألة هل ترامب قال أو لم يقل الكلمة السحرية "دولتين" في المؤتمر الصحافي الذي عقده الشهر الماضي مع نتنياهو، أو في حديثه مع عباس في نهاية الأسبوع، لا أهمية لها، هذا إن لم يكن ذلك مهزلة. هناك سبل كثيرة لعدم التوصل إلى اتفاق- الحرية المطلقة في الاستيطان، ضم معاليه أدوميم، ضم المنطقة ج، إقامة حكم ذاتي، كنتونات، إقامة بنتوستانات على شاكلة الأبرتهايد، لم لا؟ لكن من أجل التوصل إلى اتفاق هناك سبيل واحد، حتى لو كان كثيرون في اليمين يعتقدون أنهم إذا أنكروا ذلك مرات عديدة فإن الواقع يتغير تبعاً لذلك.
•الصورة ستتّضح، ولن تنال استحسان اليمين، من خلال المحادثات التي يجريها الموفد جايسون غرينبلات اليوم وغداً في القدس وفي رام الله. إن من أوضح لترامب ولصهره جيراد كوشنير عدم وجود حل آخر سوى حل الدولتين في إطار مبادرة السلام السعودية، هي الدول العربية "المعتدلة" التي تريد، مثل نتنياهو، تعزيز وقوف ترامب في مواجهة إيران. لكن بخلاف نتنياهو، فقد أوضحت هذه الدول لترامب أن السبيل إلى استنفاذ الجبهة السنية هو من خلال حل المشكلة الفلسطينية، أو على الأقل تحقيق تقدم نحو الحل. وعندما فهم عباس الرسالة في نهاية الأسبوع قفز من الفرح.
•لو كان البيت الأبيض أيام أوباما هو الذي أعلن في نهاية حديث مع عباس أن الرئيس يؤمن بأن اتفاق سلام إسرائيلي - فلسطيني "سيكون له صدى إيجابي في المنطقة والعالم"، لكان اليمين الإسرائيلي والأميركي انقض عليه بغضب لأنه تجرأ على الربط بين تسوية النزاع والكوارث التي تجتاح المنطقة. لكن عندما يقول ترامب ذلك، فإن الجميع يصمت، وهذا ما سيحدث لاحقاً.
•على هذه الخلفية سُمع بالأمس كلام عن مؤتمر سلام إقليمي يفكر ترامب بعقده في الأردن وفي مصر وربما حتى في السعودية. منذ اللحظة التي انتخب فيها ترامب، بذل والبيت الأبيض جهوداً واضحة من أجل تسوية الأمور مع السعودية ودول الخليج التي فضلت كلينتون عليه. وعلى الرغم من أن 15 إرهابياً من أصل 19 قاموا بتدمير البرجين التوأم هم من السعودية، فإن ترامب لم يضع السعودية في قائمة الدول الممنوعة الهجرة منها إلى الولايات المتحدة. وهو على وشك الموافقة على صفقة سلاح بنحو 390 مليون دولار مع السعودية أجّلها أوباما، على أمل أن يؤدي ذلك إلى عمليات شراء أكثر كثافة مستقبلاً. وهو ينوي زيادة الدعم الأميركي للحرب التي تخوضها السعودية في اليمن، وهذا الأسبوع سيزور البيت الأبيض وزير الدفاع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من أجل تنسيق كل هذه الأمور.
•وما لا يقل أهمية هو أن لترامب وعائلته علاقات عمل مع جزء من دول الخليج. وهم اعتادوا التعامل مع أصحاب المليارات من أمثالهم، ويتحدثون بلغتهم أكثر مما هم معتادون الحديث مع رئيس حكومة مثل نتنياهو. من هذه الزاوية، فإن السعودية تواصل استخدام نفوذها الكبير على السياسة الأميركية الخارجية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الرغم من حقيقة أن الولايات المتحدة أصبحت أقل اعتماداً على النفط السعودي مما كانت عليه في الماضي.
•لقد فضّلت إسرائيل تحت حكم نتنياهو إظهارعلاقاتها السرية مع الدول السنية من أجل محاولة إقناع العالم كله بأن في الإمكان أن تعزز مكانتك في الشرق الأوسط مع استمرار الاحتلال. لكن هذه الجبهة السنية سيف ذو حدّين، فبعد أن وظفنا فيها الكثير من الصعب جداً رفض طلبها حل المشكلة الفلسطينية، خاصة إذا حظي بدعم ترامب.