•عندما لا يكون الجمهور الإسرائيلي في حالة خوف على وجوده، تكون السلطة خائفة، والعكس صحيح. لذا تسعى الزعامة طوال الوقت لبث شيء من الخوف في الجمهور كي تجعله أسيراً للمخاوف. فالخوف يضمن تعلق الجمهور بزعمائه. وإذا كان الخوف يستخدم من قِبل الجيش من أجل تحويل الانتباه، أو للمحافظة على توتر أمني لأغراض تتعلق بالميزانية الأمنية، فإنه من جهة الزعيم السياسي بمثابة تلاعب بالحقائق وهو نوع من غسيل الدماغ.
•لم نكن قد تعافينا بعد من خوف الأنفاق الذي أحياه مجدداً مراقب الدولة، حتى هبط علينا خوف جديد: التجربة التي قام بها الإيرانيون لصواريخ S-300، ولم يعد سلاح الجو الإسرائيلي قادراً على التحرك بحرية في سماء إيران. وحتى الآن لم يخرج زعيم ليوضح لنا إن كانت هذه منظومة سلاح متطورة، أو إنها منظومة أقل أهمية في ساحة القتال الجوي المستقبلي.
•على ما يبدو، ليست صواريخ S-300 غريبة عن سلاح الجو الإسرائيلي وعن حلف شمال الأطلسي. فقد كشفت تقارير أجنبية أنه في سنة 2015 تدربت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي على مواجهة مثل هذه الصواريخ في اليونان، العضو في حلف شمال الأطلسي، والتي حصلت على صواريخ S-300 من قبرص سنة 2000، ويمكن افتراض أن هذه الصواريخ كانت موضع بحث من جانب الأميركيين الذين على وجه العموم يتعاونون مع إسرائيل في كل نشاط على المستوى التكنولوجي.
•بالإضافة إلى ذلك، يتزود سلاح الجو الإسرائيلي بطائرات الشبح. ويوجد في العالم منظومات سلاح تطلق من الجو ومن الأرض ومن البحر صواريخ تتخطى القدرة التدميرية لصواريخ مدى S-300. كما تستخدم أسلحة الجو في العالم طائرات من دون طيار لمهاجمة أهداف من دون تعريض حياة الطيارين إلى الخطر، بما في ذلك طائرات من دون طيار لها قدرة على التملص. لكن من الذي يهمه تشجيع الخوف الوطني في مواجهة منظومة سلاح تحولت إلى رمز شيطاني؟
•طوال سنوات عاشت إسرائيل في ظل الصاروخ الباليستي المضاد للطائرات SA-5 الذي نشر في سورية وكان قادراً عند الضرورة على إسقاط أي طائرة إسرائيلية فوق البحر المتوسط. لكن هذا لم يحدث. وفي الثمانينات والتسعينات، عندما أراد سلاح البحر الإقدام على شراء سفن صاروخية جديدة، شُنَّت حملة دعائية في الإعلام حذّرت من أن كل سلاح بحر عربي- من تونس وحتى مصر - مستعد لإطلاق مئات الصواريخ بحر - بحر من عشرات السفن الصاروخية وصواريخ بر - بحر، بحيث أنه إذا نشبت حرب لن يصل كيس قمح واحد إلى إسرائيل عن طريق البحر...
•حالياً يُستخدم لبنان كساحة تخويف أساسية، لأنه لم يكن لدى الجمهور - وهذا صحيح - ولا لمرة واحدة، معلومات استخباراتية معمقة عن هذه الساحة، ولأن ممثلي الجمهور في الحكومة القادرين على الوصول إلى المعلومات ليس من مصلحتهم تخفيض مستوى الخوف. لذلك يعتبر صاروخ ياخونوت الموجود بحسب التقديرات لدى حزب الله، كتهديد حقيقي يمكنه إغلاق كل مرافئ إسرائيل. لكن بمقدار ما يمكن التوصل إلى تقدير، فإن حزب الله لم يصل إلى هذا المستوى. إنما تحول هذا الاحتمال إلى واقع حقيقي وحافظ على مستوى الخوف. وينطبق ذلك على صواريخ حزب الله الدقيقة، ففي مخيلة الجمهور الكرياه [مركز وزارة الدفاع] في تل أبيب قد دمرت. وتحدث ممثلو الجمهور وما يزالون يتحدثون عن سقوط آلاف القتلى في الجبهة الداخلية، وهم بذلك يزيدون الإحساس ببارانويا (جنون الخوف) لا أساس لها عملياً.
•وتشكل غزة قمة الرعب. يقولون إن "حماس" استكملت الحصول على الوسائل القتالية التي خسرتها في عملية الجرف الصامد. ربما هذا صحيح كمياً، لكن في ظل الحصار المصري - الإسرائيلي المفروض على غزة، فإن "حماس" غير قادرة على تصنيع صواريخ من النوعية التي تصنعها الصناعة العسكرية الإيرانية أو السورية، أو مثل تلك التي هُربت سابقاً من سيناء. يتعيّن على الزعماء إطلاع الجمهور على الحقيقة، وزرع الثقة في نفسه لا إلقاء الرعب في قلبه فقط من أجل المحافظة على مناصبهم.