فقط الخيار الأردني: لا ضم ولا دولتان
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

– NRG
المؤلف

•الاجتماع بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب، وتشديد الرئيس الأميركي على أنه ليس "منغلقاً" على حل الدولتين، يزيدان من الحاجة الإسرائيلية إلى بلورة حلول بديلة لمشكلة يهودا والسامرة [الضفة الغربية] وتقديمها. حتى الآن درج النقاش السائد في هذا المجال على تناول معالجة احتمالين فقط: دولة فلسطينية أو الضم.

•إن هذين الاحتمالين خطران، إذ لا يبدو أن الفلسطينيين مستعدون للموافقة على بناء دولة وفق شروط إسرائيل الدنيا - دولة منزوعة السلاح، وجود أمني في وادي الأردن، والموافقة على إنهاء النزاع. وهذا هو السبب الذي جعلهم يجهدون في السنوات الأخيرة للحصول على دولتهم من المجتمع الدولي، والقفز عن ضرورة التوصل إلى اتفاقات مع إسرائيل. وتدل التجربة في قطاع غزة على أنه في المستقبل المنظور على الأقل، فإن كل منطقة يحصل عليها الفلسطينيون ستستخدم من أجل مواصلة الصراع ضد إسرائيل وليس من أجل البناء الذاتي.

•لكن فكرة الضم أيضاً خطرة جداً جرّاء أزمة الوضع الحالي انجرّ العديد من أنصار اليمين أكثر فأكثر نحو فكرة "ضم مُترف de-luxe" أي فرض سيادة إسرائيلية على الأرض مع منح حكم ذاتي للفلسطينيين، أو على الأقل لهؤلاء الموجودين خارج المنطقة ج. قد تبدو الفكرة على الورق رائعة - مزايا من دون عيوب. لكن من الصعب أن ينجح هذا الحل، فهو لم ينجح في أفريقيا الجنوبية التي اضطرت في النهاية إلى منح السود المواطنة الكاملة، ومن الصعب أن نصدق أن الفلسطينيين في يهودا والسامرة سيكونون واحدة من الجماعات في العالم التي لا يحمل أفرادها هوية ولا ينتمون إلى دولة. 

•ولا يقل صعوبة الاعتقاد بأن المجتمع الدولي سيسمح لإسرائيل بالقيام بذلك، ففي نهاية الأمر إن تطبيق السيادة في يهودا والسامرة سيؤدي إلى ضغط دولي للمطالبة "لكل إنسان الحق في التصويت" في الانتخابات، وستضطر إسرائيل إلى منح الفلسطينيين الهوية مع كل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر على طابعها اليهودي. صحيح أن العالم سمح لإسرائيل بوضع من هذا النوع: مقيم غير مواطن طيلة نصف قرن في القدس الشرقية، لكن ما كان يمكن تحقيقه في العام 1967 لم يعد ممكناً في العام 2017. بالإضافة إلى ذلك، فإن الموافقة الصامتة على الوضع في العقود الأخيرة، عاشت على افتراض أن الوضع مؤقت فقط وينطبق على عدد قليل نسبياً من السكان وأنه سيتغير مع قيام الدولة الفلسطينية. 

•ثمة سبب يمنع النقاش العام من التطرق إلى حل ثالث محتمل: السعي إلى إحياء "الخيار الأردني" - أي سيطرة أردنية على المناطق في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] التي تعتبر اليوم للفلسطينيين، والمناطق التي تبقى في يد إسرائيل يجري ضمها ويُعطى سكانها من الفلسطيينين الهوية الإسرائيلية.

•إن حسنات هذا التوجه واضحة: إذا سيطر الأردن على هذه المناطق يزول الضغط الأخلاقي الذي يضع إسرائيل في مواجهة داخلية وخارجية صعبة، فالفلسطينيون سيصبحون مواطنين في الأردن، الدولة التي لإسرائيل اتفاق سلام رسمي وعلاقات أمنية عميقة وطويلة الأمد معها، وهي طرف بالتأكيد سيوافق بسهولة نسبية على جعل مناطق يهودا والسامرة منزوعة السلاح، وسيقبل بوجود قوات من الجيش الإسرائيلي في وادي الأردن. وقد يقبل الأردنيون أيضاً باستمرار الاستيطان اليهودي في المناطق التي انتقلت إلى سيطرتهم.

•صحيح أن معنى هذا خسارتنا السيطرة على هذه الأجزاء من وطننا، بالإضافة إلى خطر سيطرة الفلسطينيين وجهات إسلامية خطرة في نهاية الأمر على الأردن. لكن مثل هذا الخطر موجود اليوم أيضاً، والردود التي يمكننا أن نوفرها لمواجهته اليوم ستكون فاعلة إذا حدث ذلك مستقبلاً.

•لماذا لا يجري الحديث عن هذا الاحتمال بتاتاً؟ يبدو أن السبب هو الميل الإسرائيلي إلى الانشغال فقط بحلول نكون فيها نحن "المسيطرون" وتعتمد علينا فقط. إن تقديم تنازل للفلسطينيين هو مثل هذا الحل وكذلك الضم. أما "الخيار الأردني" فهو مرتبط بالطبع بالمملكة المجاورة، وهذه أوضحت منذ نشوب الانتفاضة الأولى في العام 1987 أنها لم تعد مهتمة بالسيطرة على يهودا والسامرة [الضفة الغربية].

•إن إحباط يتسحاق شامير اتفاق بيرس - حسين في تلك السنة هو بمثابة "كارثة" سنندم عليها، لكن يجب أن نحاول على الرغم من ذلك إعادة إحياء هذا الحل. إن المعيار الأساسي على نهج إسرائيل السياسي لا يجب أن يكون موافقة جميع الأطراف المهمة عليه، بل التوجه المطلوب لإسرائيل نفسها. إذا اقتنع الرئيس الأميركي وكثر آخرون في الغرب، الذين هم يدركون اليوم المخاطر التي تتربص بهم من الدول العربية غير المستقرة، بأن هذا هو الحل الأفضل، فإن لديهم ما يكفي من الأدوات ومن الجزر والعصي من أجل إقناع الأردن بالسّير في التوجه المرغوب فيه. 

•ومن بين هذه الأدوات تحذير واضح إلى عمّان بأنه إذا لم يقتنع الأردن بتحمل المسؤولية عن يهودا والسامرة [الضفة الغربية] تماماً مثلما بدأت مصر بتحمل المسؤولية عن قطاع غزة، فإن إسرائيل قد تتخلى عن هذه المناطق للفلسطينيين. وعلى الرغم من الخطاب الأردني المؤيد للفلسطينيين، فإن خطر مثل هذا الاحتمال على الأردنيين لا يقل عن خطره على إسرائيل.

 

 

المزيد ضمن العدد 2558