تزايد إطلاق الصواريخ من سيناء: داعش يسعى إلى إيجاد معادلة ردع جديدة حيال إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•إطلاق الصواريخ هذا الصباح (الاثنين) من سيناء في اتجاه النقب الجنوبي، وهو الحادثة الثانية من نوعها خلال أسبوعين، يمكن أن يكشف عن تغيير في طريقة عمل ولاية سيناء، الفرع المحلي لتنظيم داعش. في الحادثتين لم تقع إصابات (إطلاق الصواريخ السابق على إيلات جرى اعتراضه بواسطة منظومة القبة الحديدية)، لكن على ما يبدو يريد التنظيم أن يوجد بذلك "معادلة ردع جديدة"، يدفّع في إطارها إسرائيل ثمناً على المساعدة الفعالة التي تقدمها في الحرب التي تخوضها قوات الأمن المصرية ضده.

•إن ترتيب أولويات ولاية سيناء واضح: الهدف الأهم بالنسبة إليه هو سفك دماء النظام العسكري في مصر، أما الصراع مع إسرائيل فهو بالنسبة إليه مسألة ثانوية في المعادلة. وباستثناء هجوم فتاك واحد وقع داخل أراضي إسرائيل سنة 2011 (وأدى إلى مقتل 8 مواطنين وجنود شمالي إيلات)، عندما كان التنظيم تابعاً للقاعدة، ومن بعده إطلاق بضعة صواريخ على إيلات، فلم تُسجل محاولات واضحة لهجمات ضد أهداف إسرائيلية. لكن يبدو في الفترة الأخيرة أن شيئاً ما بدأ يتغير. ويمكن تفسير ذلك بسلسلة من النجاحات حققها المصريون في الأشهر الأخيرة، والهجمات الجوية التي أصيب من جرائها عدد كبير من أتباع داعش، ومن بينهم وفقاً للتقارير، القائد السابق لفرع "داعش" في سيناء.

•تتحدث إسرائيل ومصر عن تعاون أمني مكثف بينهما على طول الحدود من دون أن تقدما تفاصيل عن ذلك. وينسب داعش إلى إسرائيل تقديم مساعدة استخباراتية للجهود المصرية ضدهم، وكذلك القيام بهجمات جوية بواسطة طائرات من دون طيار مجهزة بالسلاح. ومنذ إطلاق الصواريخ على إيلات، وقعت عدة هجمات على أهداف تابعة لداعش في أنحاء سيناء كان آخرها نهاية يوم السبت، حيث أصيب عدة أعضاء من التنظيم. وإطلاق الصواريخ هذا الصباح هو بمثابة تلميح لإسرائيل بأنها لا تستطيع مراقبة ما يجري في سيناء كمتفرجة، وسيكون لتصعيد القتال هناك انعكاسات على الجانب الشرقي من الحدود. لكن إرجاع وسائل الإعلام العربية بصورة تلقائية هجمات الطائرات من دون طيار إلى إسرائيل، ليس بالضرورة دقيقاً.

•في الأشهر الأخيرة بدأ المصريون باستخدام طائرات من دون طيار هجومية من صنع الصين اسمها "وينغلونغ". ووفقاً لتقارير نشرت في عدد من مواقع الإنترنت، باع الصينيون في السنوات الأخيرة طائرات من دون طيار هجومية من أنواع مختلفة إلى عدد من الدول العربية من بينها مصر والسعودية والعراق واتحاد الإمارات. ويمكن أن يدل العدد الكبير من الهجمات في سيناء في الأسابيع الأخيرة، والتي أدت في جزء منها إلى مقتل مدنيين، على مشاركة قوات الأمن المصرية في جزء أساسي منها.

•ويمكن أيضاً تفسير الخط القتالي لداعش في سيناء ضد إسرائيل، الذي انتقل الآن من التصريحات إلى أفعال أولية، بالتغيرات التي طرأت على قيادة الفرع، فالذي يقود التنظيم حالياً هو قائد مصري ليس من مواليد سيناء، ويعتبر من الذين ينتهجون خطاً هجومياً حتى بمصطلحات داعش. وثمة اعتبار آخر يتعلق بما يحدث في مثلث علاقات القوة بين "حماس" في غزة والسلطات المصرية وفرع داعش في سيناء، ففي الفترة الأخيرة تعاونت "حماس" مع فرع داعش في سيناء سراً ضد المصريين، وعالجت الحركة جرحى داعش الذين جرى تهريبهم من سيناء إلى مستشفيات القطاع، وعملت في التهريب المشترك مع أعضاء التنظيم.

•لكن في الأشهر الأخيرة حدثت انعطافة في علاقات القاهرة بغزة، وبدأت مصر بالتخفيف من الضغط في معبر رفح والسماح بعبور عدد أكبر من الناس والبضائع. وفي المقابل تعهدت "حماس" بوقف مساعدتها لداعش. لذا، هناك سببان لغضب فرع داعش في سيناء من "حماس": تعزيز العلاقات مع مصر، والعلاقة الصارمة التي تتعامل فيها "حماس" مع التنظيمات السلفية المقربة من داعش، التي اعتقل العشرات من أنصارها في القطاع. وإذا انتقل التصعيد من الحدود المصرية إلى داخل القطاع أيضاً، فلن يكون هناك سبب لداعش يدعوها كي تتأسف. 

•منذ أيار/مايو الماضي تشدد حكومة نتنياهو في تركيبتها الجديدة بعد أن أصبح أفيغدور ليبرمان وزيراً للدفاع، المرة تلو الأخرى على أنها لن تضبط نفسها رداً على أي استفزاز أو إطلاق نار على أراضيها. وهي تصرفت على هذا المنوال رداً على الصواريخ من غزة، وأيضاً رداً على الانزلاق غير المقصود في معظم الأحيان، لقذائف مدفعية أثناء تبادل إطلاق النار بين نظام الأسد والمتمردين على الحدود السورية في هضبة الجولان. 

•لكن الواقع في سيناء مختلف. مصر إلى جانب الأردن هما أهم الشركاء الأمنيين لإسرائيل في المنطقة. والرد يكمن على ما يبدو في التعاون الوثيق مع مصر، على أمل أن تحقق قواتها الأمنية نجاحات إضافية في الحرب ضد داعش. إنما على الرغم من ذلك كله، من المحتمل أن ينشأ في المدى البعيد تهديد جديد نسبياً، يمكن أن يؤثر على منظومة التوازنات الهشة القائمة بين إسرائيل ومصر و"حماس" وداعش في سيناء وفي قطاع غزة.

 

 

المزيد ضمن العدد 2558