اقتلوهم دمهم مباح
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•دم الفلسطينيين والعرب في إسرائيل مباح. هو مباح في الأراضي المحتلة، ومباح في إسرائيل. هو مباح لأنه رخيص ولا يساوي شيئاً. هو رخيص في أم الحيران، ورخيص على حاجز طولكرم، ورخيص في مواقع البناء وفي الحواجز. عندما يكون القتلى من العرب لا أحد يهتم. أما عندما يقتل جندي في حادثة، يحتل الخبر عناوين الصحف الأولى. فلسطيني يقتل أثناء نومه تقريباً في منزله لا أحد يهتم. لا أحد ممن قتل في الأيام الأخيرة لم يكن سيُقتل لو لم يكن فلسطينياً أو بدوياً. ثمة شك في أن أياً منهم كان يستحق أن يموت. هل الهدف من هذا القتل بالجملة إشعال الوضع على الأرض من أجل تحويل الأنظار عن قضايا أخرى، كما سبق وجرى في إسرائيل، وكما يجري في الأنظمة الظلامية؟ من الصعب معرفة ذلك. لكن من السهل القول إن الدم قد أُبيح.

•لقد أبيح دم العرب بالأمس في النقب. صهيونية 2017 تهدم بلدة يقيم فيها لاجئون بدو من أجل إقامة بلدة يهودية مكانها. إنه عنف الصهيونية الأولى الصافية والأساسية، وهي صهيونية قومية وعنصرية. لنقارن ما حدث بما يحدث في عمونه [البؤرة الاستيطانية غير القانونية] وستجدون دليلاً ساطعاً على الأبرتهايد. مع اليهود تدور نقاشات وتدفع تعويضات، ومع العرب هناك توحّش. في أي عملية إخلاء ليهود لم تستخدم الشرطة الرصاص الحيّ، أما في أم الحيران فمسموح باستخدامه. ومسموح أيضاً المس بعضو الكنيست أيمن عودة لأن رجال الشرطة تدربوا على التفكير بأن أعضاء الكنيست من العرب خونة. هذا ما سمعوه من وزيرهم غلعاد إردان.

•يعقوب أبو القيعان، أستاذ قتل في سيارته بتهمة أنه دهس رجال شرطة عمداً، وبدأوا فوراً بنشر الأكاذيب: هو من تنظيم داعش، ولديه أربع نساء (ذكر عضو الكنيست أحمد الطيبي أمس أن زوجته الوحيدة تحمل شهادة دكتوراه، وشقيقه مفتش في وزارة التعليم). بعد هذا كيف يمكن أن نصدق الشرطة التي سارعت إلى ادّعاء أنه دهس رجال الشرطة عمداً؟ هناك على الأقل شاهد واحد، كوبي سنيتس، الذي أخبر بالأمس موقع "حديث محلي" أن ما شاهده هو العكس: في البداية الشرطة أطلقت النار على سيارته، وحينئذ فقد أبو القيعان السيطرة عليها. وحتى الشريط الذي نشر بالأمس يطرح شكوكاً كبيرة جداً حول ما جرى، ويتكوّن لدى المشاهد انطباع بأن إطلاق النار سبق الدهس.

•إليكم ما جرى في الأسبوع الأخير قبل ما حدث في أم الحيران: في مخيم الفارعه قتل جنود إسرائيليون شخصاً كان قد استيقظ للتو من نومه بنحو 11 طلقة من مسافة قريبة جداً أمام أنظار والدته بحجة أنه حاول مهاجمتهم، وكان هذا، محمد صلاحي، ابناً وحيداً يعيش مع والدته في غرفة واحدة. في تكواع أطلقت شرطة حرس الحدود النار وقتلت فتى من راشقي الحجارة، وبعد ذلك جرّ الجنود هذا الفتى، قصي العمور، الذي كان يحتضر على الأرض كأنهم يجرون كيساً من البطاطا، وضربوا رأسه بالحجارة، ووثقت ذلك الكاميرات.

•كما وثقت الكاميرات في اليوم التالي مقتل نضال مهداوي ابن الـ44 عاماً على حاجز طولكرم، وكان المشهد مريعاً، فقد ظهر مهداوي واقفاً من دون حراك وكان الجنود يطلقون النار من حوله من دون سبب واضح، وعندما بدأ يركض محاولاً على ما يبدو النجاة بنفسه، قتلوه. لكن، كأن شيئاً لم يحدث. في الإعلام صّور الأمر على أن "المخرب" قتل. إن جر فتى يحتضر وإعدام شخص على حاجز، كان ينبغي أن يصدما كل إنسان، كما كان ينبغي أن يقلقا كل إسرائيلي، لأن مرتكبي هذه الجرائم هم أولادهم وجنودهم وشرطتهم. لكن الضحايا كانوا فلسطينيين.

•بين أم الحيران وتكواع والفارعه وطولكرم يمر خط مباشر واحد: إن نزع الإنسانية [عن الفلسطينيين] هو ما يوجّه الجنود والشرطة.

•وهذا يبدأ من حملات التحريض وينتهي بالإصبع السريعة على الزناد. الجذور عميقة ويجب أن نعترف بها: في نظر الإسرائيليين كل العرب متشابهون وهم ليسوا بشراً مساوين لنا، وليسوا مثلنا. فهم لا يحبون أولادهم وحياتهم مثلنا. لقد ولدوا للقتل ولا مشكلة في قتلهم، فجميعهم أعداء، أشخاص مشبوهون، مخربون، وقتلة - حياتهم وموتهم لا قيمة لهما. لذلك، اقتلوهم ولن يمسّكم أي سوء. اقتلوهم لأن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل معهم.