•الهجوم الذي وفقاً لتقارير سورية استهدف مطار المزة العسكري الواقع غربي دمشق، كان موجهاً حسب كل المؤشرات لتدمير شحنة صواريخ أرض - أرض إيرانية دقيقة مُرسلة إلى حزب الله.
•يمكن استخلاص ذلك من كون الأهداف التي هوجمت موجودة في منطقة المطار، ومن خلال معرفتنا بأن إيران تنقل الصواريخ التي تزود بها حزب الله بواسطة طائرات شحن تهبط في منطقة دمشق، خاصة في المطار العسكري غربي العاصمة الذي يبعد مسافة قصيرة عن حدود لبنان.
•في الفترة الأخيرة أعلن نصر الله وكبار المسؤولين في الحرس الثوري في إيران أن حزب الله يحصل من إيران على صواريخ، ومنها صواريخ دقيقة – كما يبدو موجهة من قِبل قمر اصطناعي (GPS)، وهي قادرة على الوصول إلى وسط إسرائيل وحتى إلى جنوبها وتهديد أغلبية المنشآت الحيوية والمطارات المدنية والعسكرية في الدولة.
•والمقصود على ما يبدو صواريخ مُحسّنة من نوع الفاتح 111 أو الفاتح 110 وربما أيضاً صواريخ زلزال المصنوعة في إيران. ويراوح مدى هذه الصواريخ ما بين 200 و300 كيلومتر، وتبلغ زنة رأسها الحربي نحو 400 كيلوغرام. وأعلن حزب الله سابقاً أنه ينوي استخدام هذه الصواريخ لمهاجمة مقر قيادة هيئة الأركان العامة في تل أبيب وأهداف حيوية أخرى في شتى أنحاء إسرائيل.
•تبلغ دقة هذه الصواريخ نصف قطر مداه عدة أمتار فقط، بدلاً من مئات الأمتار في الصواريخ غير الموجهة. وهذا هو السبب الذي يدفع إسرائيل إلى تقليص عدد هذه الصواريخ التي يملكها حزب الله، إذ كلما كان عدد الصواريخ الدقيقة التي يملكها رجال نصر الله كبيراً كلما ازدادت قدرته في المواجهة المقبلة مع إسرائيل على ضرب المزيد من المنشآت الحيوية والتسبب بخسائر كبيرة جداً لأراضي إسرائيل.
•وجاء في معلومات نشرتها مصادر في المعارضة السورية أن منشآت عسكرية تعرضت أيضاً للهجوم في منطقة جبل قاسيون، وهي المنطقة الجبلية المشرفة على دمشق حيث توجد معسكرات عسكرية كثيرة. فإذا كان صحيحاً أن منشآت في جبل قاسيون تعرضت للهجوم، فربما يكون المقصود بذلك، على الأقل وفق مصادر في المعارضة السورية، مخازن صواريخ ومنظومات مضادة للطائرات كان من المفترض أن تنقل إلى حزب الله، أو من أجل مساعدة منظومة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله.
•ثمة حقيقة مهمة أشار إليها بيان هيئة الأركان السورية الرسمي حين قال إن الهجوم جرى بواسطة طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي حلقت في منطقة بحيرة طبريا ولم تتسلل إلى أجواء سورية. وبحسب السوريين أطلقت هذه الطائرات صواريخ موجهة دقيقة نحو أهداف موجودة في مطار في منطقة دمشق. وتدل الصور من موقع الهجوم على أنه حدث بوسائل دقيقة بسبب وقوع الكثير من الانفجارات الفرعية في المنطقة، وربما تسببت بسقوط مصابين.
•من مصلحة السوريين إبراز حقيقة أن إسرائيل لم تتسلل إلى أراضيهم، وبذلك لا يكونوا مضطرين إلى توضيح لماذا جرى الهجوم المنسوب إلى إسرائيل بنجاح من دون إصابة الطائرات أو إعاقة تحركها. من ناحية أخرى، إذا كان سلاح الجو قام بالهجوم فعلاً، فليس من مصلحة إسرائيل، وهي ليست مضطرة، إلى الدخول إلى أراضي سورية لمهاجمة أهداف في منطقة دمشق كي لا تحتك بمنظومات الدفاع الجوية وبالطائرات التي يستخدمها الروس في الأراضي السورية.
•من المعروف أن في الإمكان إطلاق صاروخ جو - أرض دقيق جداً من بعد عشرات وحتى مئات الكيلومترات وإصابة الهدف بدقة تراوح بين متر ومترين. وقد تحدثت تقارير للمعارضة السورية عن مشاركة طائرات F-35 التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي للمرة الأولى في الهجوم، لكن يمكن التقدير أنه حتى لو استخدم سلاح الجو فعلاً هذه الطائرات كما تدعي مصادر المعارضة السورية، فإنه ليس لدى هذه المصادر القدرة على تفحص هذا الأمر ومعرفته.
•يمكن افتراض أنه ليس من مصلحة إسرائيل تبديد الغموض ولهذا يلتزم الجيش الإسرائيلي الصمت. وإلى جانب المحافظة على سرية المعلومات العسكرية، فليس هناك رغبة في إسرائيل في تحدي السوريين بصورة قد تجبرهم على الرد. صحيح أن السوريين قالوا علناً إن إسرائيل هي التي هاجمت، لكن ما لم تتحمل إسرائيل المسؤولية فإمكانية حدوث تدهورمحدودة.
•في الماضي أعلنت هيئة الأركان السورية قيام طائرات إسرائيلية بهجوم على سورية أثناء تحليقها فوق بحيرة طبريا. هذا ما حدث عندما اغتيل القاتل سمير القنطار في ضاحية دمشق. وبحسب السوريين فقد نفذ الهجوم يومها بواسطة صواريخ. بيد أن الانتصار في حلب زرع الثقة في النظام في دمشق وفي قواته الأمنية، مع الدعم الروسي والإيراني. ويبدو هذان اليوم أقل حساسية وخوفاً من رد إسرائيلي. ومن هنا يجب التعامل بجدية مع البيان الصادر عن رئاسة الأركان السورية وفيه أن سورية ستردّ على الهجوم المنسوب إلى إسرائيل.
•من المحتمل أن يكون هذا مجرد كلام فارغ كما في الماضي، لكن في ضوء النجاحات الأخيرة في الحرب ضد المتمردين فليس من المستبعد أن يحاول الجيش السوري القيام بنوع من عملية انتقامية إما في هضبة الجولان أو في شمال إسرائيل، والجيش الإسرائيلي يعي ذلك ويستعد لمواجهة مثل هذا الاحتمال. ثمة أمر آخر أكيد هو أن الضرر الناتج عن الهجوم على مطار المزة هو كما يبدو كبير وسيلحق ضرراً كبيراً بقدرات حزب الله على شن هجوم على إسرائيل.
•وبالاستناد إلى كلام خبراء، فإن ما جرى هو جزء من حرب، بين الحروب، التي يحاول الجيش الإسرائيلي بواسطتها، كما يبدو، منع إلحاق الأذى بالسكان المدنيين، ومنع إصابة منشآت حيوية في إسرائيل في حال نشوب حرب. إنها معركة سيزيفية يجب أن تدور من دون توقف لأن الطرف الآخر سيعثر على أساليب ووسائل لتهريب السلاح المتطور والنوعي إلى حزب الله. وهذا تحديداً ما تحاول إسرائيل إحباطه في مواجهة حزب الله وأيضاً في مواجهة حركة "حماس".