من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•اختار وزير الخارجية الأميركي جون كيري، تخصيص جزء رئيسي من خطابه لعلاقته الخاصة بإسرائيل منذ زيارته الأولى إليها عندما كان سيناتوراً شاباً قبل 30 عاماً. وروى كيف صعد إلى متسادا، وسبح في البحر الميت، وانتقل من بلدة توراتية إلى أخرى وشاهد فظائع المحرقة في "يد فاشام"، وكيف قاد بنفسه طائرة تابعة لسلاح الجو فوق إسرائيل كي يفهم حاجاتها الأمنية.
•ليس هناك الكثير من السياسيين الأميركيين الذين يعرفون إسرائيل كما يعرفها جون كيري. وليس هناك سياسي أميركي رسمي تعمق في فهم النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني واستثمر خبرته من أجل التوصل إلى حل له مثل جون كيري. هذه الأمور برزت بوضوح في خطابه. وقد أحسن وزير الخارجية الأميركي في تحليل وضع عملية السلام في هذه الأيام. عدم الثقة العميقة بين الطرفين، واليأس والغضب والإحباط في الجانب الفلسطيني، مقابل الخوف والانعزال واللامبالاة في الجانب الإسرائيلي.
•لقد كان خطاب كيري خطاباً صهيونياً مؤيداً لإسرائيل بامتياز. وكل من يؤيد فعلاً حل الدولتين وإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية يجب أن يبارك كلامه ويؤيده. هذا أمر لا يوجد فيه مكان وسط، لا بالنسبة إلى الذين سارعوا إلى مهاجمة كيري قبل أن يلقي خطابه، ولا لمن هاجموه بعد إلقائه، مثل زعيم البيت اليهودي نفتالي بينت ورؤساء لوبي المستوطنين. لقد أشار كيري في خطابه إلى أن الأقلية هي التي تقود حالياً حكومة إسرائيل والأغلبية الإسرائيلية اللامبالية نحو حل الدولة الواحدة.
•قد يكون وزير الخارجية تصرف بحماقة أكثر من مرة، وربما بهوس، في محادثات السنوات الأربع الأخيرة، لكنه فعل ذلك من أجل هدف جيد وعادل. لقد حاول بكل قواه إنهاء نزاع عمره 100 سنة من أجل ضمان مستقبل إسرائيل، أكبر حليف لأميركا، وكذلك لإنهاء معاناة الفلسطينيين. وللأسف الشديد فإن شريكيه في هذه المهمة - رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس- ببساطة - لم يريدا ذلك مثله. وخلال السنوات الأربع الأخيرة كان نتنياهو وعباس مثل بعضهما البعض، فهما ركزا على المحافظة على الوضع الراهن، وتحصنا بمواقفهما، ولم يكونا مستعدين للقيام بحد أدنى من المجازفة، أو للتحرك مليمتراً واحداً من أجل محاولة إحداث انعطافة.
•لقد كان خطاب كيري طويلاً وتفصيلياً، لكن أساسه هو خطة السلام التي قدمها. وهذه الخطة لا تهدف إلى أن تكون حلاً مفروضاً، بل هدفها تقديم مبادئ أساسية يمكن في ضوئها إجراء مفاوضات مستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين. واستندت الخطة إلى الإطار الذي انتهى كيري من وضعه في آذار/مارس 2014 بعد بضعة أشهر من المحادثات مع الطرفين.
•عندما نقرأ كلام كيري نرى فوراً أنه قبل بالقسم الأكبر من المطالب الإسرائيلية وفي طليعتها المطالبة بأن يتضمن أي اتفاق سلام في المستقبل اعترافاً فلسطينياً بإسرائيل كدولة يهودية. وقال كيري أيضاً إن حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يكون عادلاً وواقعياً بحيث لا يؤثر على طابع دولة إسرائيل. وأضاف أن أي ترسيم للحدود المستقبلية يجب أن يقوم على بقاء كتل المستوطنات الكبرى تحت سيادة إسرائيل، وأوضح أن الحل النهائي يجب أن يشكل نهاية للنزاع وللمطالب الفلسطينية من إسرائيل، وشدد على أن الترتيبات الأمنية تشكل مكوناً مركزياً في أي اتفاق.
•في المقابل، تضمنت خطة كيري مجموعة التسويات التي يتعين على إسرائيل تقديمها، وفي طليعتها الاعتراف بأن تكون القدس عاصمة للدولتين. وأوضح كيري أن ترسيم حدود الدولة الفلسطينية يجب أن يقوم على أساس خطوط 1967 مع تبادل أراضٍ متفق عليها ومتساوية في حجمها، كما يجب الاعتراف بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين.
•إن المشكلة الأساسية في الخطة التي قدمها كيري هي أنها جاءت متأخرة جداً. يعرف وزير الخارجية أنه أخطأ عندما لم يطرح على الطاولة في سنة 2014 وثيقة إطار تتضمن هذه المبادئ تحديداً. ويعترف مستشاروه الكبار بأنه لو كان ممكناً العودة بالزمن 33 شهراً إلى الوراء، لكان كيري قدم خطته للسلام إلى الإسرائيليين والفلسطينيين ودعاهم إلى المفاوضات على أساسها. وخطوة كهذه مرفقة بإنذار: "اقبلوا أو ارحلوا" كانت ستفرض على الطرفين اتخاذ قرارات استراتيجية وكانت ستجعل خطة كيري موجودة في أي مفاوضات مستقبلية. إن تقديم الخطة بالأمس قبل 3 أسابيع من دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، سيجعلها ذات أهمية رمزية فقط.
•وكما فعل في العديد من المناسبات في الماضي، لم يصغ رئيس الحكومة نتنياهو قط إلى كلام كيري، ولم يتطرق إلى جوهر الموضوع. لقد رد نتنياهو بتصريح هجومي تضمن انتقادات شخصية حادة. كما شملت انتقاداته قدراً لا بأس به من النفاق والكذب: المبادئ التي قدمها كيري في خطابه هي نفسها التي وافق عليها نتنياهو في آذار/مارس 2014. يومها كان لدى رئيس الحكومة تحفظات كان ينوي التعبير عنها علناً، لكنه فعلياً وافق على إجراء مفاوضات على أساس هذه الخطة تحديداً، على الرغم من أنه حتى اليوم يرفض الاعتراف بذلك.
•التوأم السياسي لنتنياهو، عباس، ردّ بقدر لا يقل من النفاق. فعندما عرض عليه أوباما الخطة في 2014، تعهد له عباس بأن يفكر فيها ويعود إليه بجواب، وما يزال أوباما ينتظر. حتى بعد خطاب كيري رفض عباس أن يقول هل يقبل بالخطة أم أنه يرفضها.
•الرئيس الجديد للولايات المتحدة دونالد ترامب الذي استوعب قرار مجلس الأمن في موضوع المستوطنات واكتفى بتغريدة ضعيفة على تويتر، لم ينجح في ضبط نفسه حيال خطاب كيري. فقبل ساعة من بدء وزير الخارجية كلامه أطلق ترامب ثلاث تغريدات أظهر فيها مدى استيائه.
•لقد كرر ترامب تصريحاته في الأشهر الأخيرة بأن أحد أهدافه هو تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وأوضح أنه يريد إنجاز "صفقة" تنهي "الحرب التي لا نهاية لها" بين الطرفين، وعيّن محاميه والمقرب منه جايسون غرينبليط موفداً خاصاً لعملية السلام. ترامب وغرينبليط سيكشفان قريباً عما إذا يرغبان في إنجاز هذه الصفقة التاريخية التي ستكون على ما يبدو مشابهة لتلك التي حددها كيري في خطابه، أم لا.