•"هناك احتمال بأن يسجل التاريخ دونالد ترامب كرئيس مهم جداً"، هذا ما قاله هنري كيسنجر في مقابلة مع CBS في الأسبوع الماضي. لا يمكن الاشتباه بأن وزير الخارجية السابق يبحث عن منصب له في إدارة ترامب، لكن ثمة وزن كبير لتقديرات من يعتبر واحدً من أهم الدبلوماسيين في الحقبة الحديثة.
•يبرر كيسنجر كلامه بأن شخصية الرئيس المنتخب غير الاعتيادية، والصدمة التي أثارها انتخابه في عواصم العالم المختلفة، وفرتا فرصاً غير مسبوقة من أجل ملء "الفراغ الذي تركه وراءه الرئيس أوباما، الذي خلال ولايته انسحبت الولايات المتحدة من الساحة الدولية". وفي الحقيقة هناك إجماع شامل تقريباً على أن أوباما فشل في مجال السياسة الخارجية.
•وبالنسبة إلى إسرائيل، كان الرئيس أوباما، كما يبدو، من أكثر المعادين لها منذ وقت طويل بما في ذلك خلال فترة الرئيس كارتر. وبعد التصويت البائس ونتائجه غير المتوقعة في مجلس الأمن، كان هناك من ادّعى أنه كان يتعين على إسرائيل بذل جهود إضافية من أجل التوصل إلى تفاهمات مع الإدارة الأميركية. لكن على الرغم من حقيقة أن في الإمكان دائماً القيام بذلك، فثمة شك، في ضوء توجه الإدارة الأميركية حيال إسرائيل ورغبتها في وضع العصي في دواليب إدارة ترامب، أن تعطي مثل هذه الجهود أي نتيجة.
•إن عمق اغتراب إدارة أوباما حيال حكومة إسرائيل هو الذي مهد من بين أمور أخرى الطريق أمام الاقتراح الفلسطيني المتشدد، على الرغم من أنه يتعارض مع موقف كل الإدارات السابقة - الديمقراطية والجمهورية على حد سواء - حيال العملية السياسية، وعلى الرغم من تناقضه مع الموقف الأميركي الرسمي منذ فترة إدارة بوش (الأب)، الذي يعتبر المستوطنات "عقبة أمام السلام" لكنها ليست غير قانونية.
•لقد تولى أوباما منصبه وفي جعبته عقيدة منظمة جيداً (على الأقل في نظره)، يريد بموجبها أن يصبح العالم والولايات المتحدة بعد ذهابه- عالماً منظماً من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، والتخلي عن دور أميركا كزعيمة للعالم الحر- باستثناء "مهمة" تاريخية واحدة: التوصل إلى فجر جديد في العلاقة مع العالمين الإسلامي والعربي، حتى لو كان المضي قدماً بهذه "المهمة" سيدفع ثمنه الباهظ حلفاء أميركا التقليديون وعلى رأسهم إسرائيل. إن وجهة النظر الأساسية هذه هي المهيمنة على جميع اعتبارات أوباما وأفعاله، من "خطاب القاهرة" وصولاً إلى الضربة من تحت الحزام في مجلس الأمن. إن عدم "وجود كيمياء" شخصية بين الرئيس الأميركي ورئيس حكومة إسرائيل ليس السبب بل النتيجة.
•يمثل فوز ترامب فرصة جديدة من أجل تنسيق جدي وودي بين إسرائيل وأميركا، وفي ديوان رئيس الحكومة يعتقدون أن هناك فرصة جيدة من أجل الدفع قدماً بخطوات مشتركة في موضوعات سياسية وأمنية مختلفة. وتقريباً أي إدارة، حتى برئاسة هيلاري كلينتون، كانت ستكون أفضل من إدارة الرئيس أوباما، لكن يمكن توقع أكثر من إدارة ترامب. لقد ترك كلام السفير الجديد في إسرائيل ديفيد فريدمان انطباعات متباينة. ولكن كما شدد رينيس بريبوس رئيس الطاقم الجديد للبيت الأبيض، فإن السفير ينفذ السياسة ولا يضعها، وحتى الآن لم يجر وضع أي سياسة حتى في موضوع إسرائيل والفلسطينيين.
•إن لقاء قريباً بين ترامب ونتنياهو سيساعد في توضيح المسائل السياسية المختلف عليها بما في ذلك المتعلقة بمشروع الاستيطان في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وبحل "الدولتين"، وبنقل السفارة الأميركية وغيرها. ومن بين الخطوات الإيجابية الأولى بالنسبة إلى إسرائيل، الموافقة من جديد على الاتفاقات التي جرى التوصل إليها بين الرئيس جورج دبليو بوش وأرييل شارون بشأن كتل المستوطنات الكبرى والاتفاق الصامت بشأن البناء في القدس الكبرى – اتفاقات خرقتها إدارة أوباما بفجاجة. ومن المهم أيضاً وضع قواعد تمنع عدم التفاهم بشأن هذه القضايا.
•فوق هذه المسائل المحددة فلا تزال الشكوك تحوم حول ما يتعلق بسياسة ترامب إزاء إيران وإمكانية التوصل إلى "صفقة شاملة" بين أميركا وروسيا بشأن جميع أو معظم الموضوعات الخلافية. وربما هذا ما قصده كيسنجر عندما تحدث عن"فرص غير مسبوقة".