إسرائيل ترد على قرار الأمم المتحدة ضد المستوطنات بمجموعة خطوات غاضبة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•توالت الضربات الواحدة تلو الأخرى في إطار حملة العقاب العالمية التي أعلنتها إسرائيل رداً على قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة ضد المستوطنات. فقد ألغى رئيس الحكومة زيارة نظيره الأوكراني، وأعلن أنه لن يحضر الاجتماع المخطط له في الكلية البريطانية، واستدعى للتشاور سفراءه في الدول المارقة [الدول التي قدمت اقتراح القرار: السنغال ونيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا]، ومنع زيارة وزراء إلى دول أخرى تجرأت على إثارة غضبه وأيدت مشروع القرار يوم الجمعة الماضي. وطلب وزير الدفاع من الجيش وقف الاتصالات المدنية مع السلطة الفلسطينية، وقارن يوم الاثنين الماضي المؤتمر السياسي الذي تنوي فرنسا عقده الشهر المقبل بمحاكمة دريفوس (وكما سيبدو ستعلو ذكرى المحرقة في ما بعد).

•تهبّ في الأيام الأخيرة من الوزراء ومن بعض كبار موظفي الحكومة ومن تغريدات اليمين، روح جديدة. هناك ليس فقط خيبة أمل من العالم القاسي، بل هناك رغبة في تلقين هذا العالم درساً موجعاً. وحتى المساعدة التكنولوجية والعلمية التي تقدمها إسرائيل إلى المجتمع الدولي هي في خطر حالياً. وتتصرف إسرائيل الرسمية تحت وطأة الإهانة التي وجهها إليها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته وكأنها في دوامة صدمة. 

•يحمل الرد الإسرائيلي الذي يطال دولاً أعضاء في مجلس الأمن مثل السنغال ونيوزيلندا (لكن ليس مصر الموجودة تحت أنفنا على الرغم من تصويتها في النهاية مع القرار)، كمّاً من الخطوات الارتجالية الغاضبة. قرار وزير الدفاع وقف الاتصالات المدنية [مع السلطة الفلسطينية] لم يطبق بأكمله، وثمة شك في وجود نية لفعل ذلك، فوزير الدفاع لديه الخبرة الكافية كي يدرك أن الارتباط بين إسرائيل والسلطة هو ارتباط متبادل. ومن دون لقاءات تنسيق دائمة ستنشأ مشكلات مباشرة على الأرض من شأنها أن تؤثر على حياة المستوطنين اليومية.

•بالإضافة إلى ذلك، فإن وقف القناة المدنية من الممكن أن يؤثر على قناة التنسيق الأمني المهمة بالنسبة لإسرائيل، وقد لعبت السلطة الفلسطينية دوراً مهماً (التزمت به في وقت متأخر) في كبح هجمات الطعن والدهس التي وقعت هذه السنة. كما أن التنسيق الأمني هو مصلحة فلسطينية أيضاً، لكن من الأفضل عدم المراهنة على العلاقات الهشة مع السلطة حالياً من خلال إعلان مقاطعة جزئية، لا تعرف الوحدات الميدانية للجيش على الأرض كيف تفسر مدى جديتها.

•طوال أزمة عمونه وقانون تسوية الوضع القانوني للبؤر الاستيطانية غير الشرعية، كان ليبرمان، تحديداً، الأكثر براغماتية في الحكومة. لكن الآن بعد الصحوة الأيديولوجية التي يعيشها اليمين منذ قرار الأمم المتحدة، فحتى وزير الدفاع يقف صفاً واحداً مع الأصوات الأكثر صقرية في الائتلاف الحكومي. إن المسؤولين عن الأزمة الحالية في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل هما رئيس الحكومة نتنياهو وسلوكه في السنوات الأخيرة والرئيس أوباما الذي قرر تصفية حسابه الشخصي مع نتنياهو عشية مغادرته البيت الأبيض. لكن لا يمكن تجاهل ذنب نفتالي بينت، فهو الذي طوّق نتنياهو من اليمين كجزء من النضال ضد إخلاء عمونه ودفعه نحو مغامرة قانون تسوية الوضع القانوني للبؤر غير الشرعية. لقد مال نتنياهو نحو النواة الصلبة الأيديولوجية في اليمين، خوفاً من أن يخسر دعمها ومن أن تدعم بينت - ومشى بكامل وعيه نحو الاشتباك مع أوباما.

•منذ مطلع هذه السنة ونتنياهو يتحدث عن خطر خطوات أميركية معادية لإسرائيل في الساحة الدولية في الفترة ما بين الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر وتبدل الرئاسة في كانون الثاني/يناير. وكانت هذه إحدى الحجج الرئيسية التي استخدمها من أجل إقناع حزب العمل بالدخول إلى الائتلاف الحكومي في أيار/مايو في المفاوضات التي انتهت بانضمام حزب إسرائيل بيتنا إلى الحكومة. ومنذ اللحظة التي تشكل فيها الائتلاف الحكومي، اندفع نتنياهو نحو مواجهة حتمية مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها.

•من الأفضل ألا نرتبك لدى سماع التصريحات الحازمة التي ستصدر هذا الأسبوع عن نتنياهو ووزرائه. ومن راقب من قرب رئيس الحكومة في ظهوره العلني في الأيام الأخيرة لم يكن صعباً عليه رؤية عصبيته غير الاعتيادية. ومستوى الضغط في المقر الرسمي الذي يترافق كالعادة بطنين متواصل في المؤسسة السياسية عن المزيد من التحقيقات المرتقبة [المتعلقة بشبهات تحوم فوق رأس الحكومة]، يبدو مرتفعاً للغاية.  

•إن الحكمة التي تسود القدس هي أنه في 20 من كانون الثاني/يناير سيصل دونالد ترامب، المخلص الأكبر من وراء البحار، وسينقذنا من جميع هذه المحن. لكن التصويت في مجلس الأمن، حتى لو لم يُترجم حالياً في خطوات عملية، ومع أن جدول الأعمال العالمي مشغول حالياً بمشكلات أكثر إلحاحاً، إلاّ إنه يعكس تغييراً معيناً في علاقة المجتمع الدولي بإسرائيل. ويبدو من أغلبية ما ينشر في واشنطن أن أوباما قرر الانتقام من نتنياهو على خلفية شبكة العلاقات الشخصية بينهما، بالإضافة إلى عدم استعداد رئيس الحكومة للمضي قدُماً في عملية سياسية مع الفلسطينيين. من المعروف أن ترامب حساس لكرامته أكثر بكثير من أوباما. ويمكن أن نتوقع كيف سيتصرف في المستقبل إذا شكّ في أن نتنياهو يجري من وراء ظهره قنوات اتصال بديلة مع مجلس الشيوخ الأميركي.

 

 

المزيد ضمن العدد 2522