أضاف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمس (الأحد) خطوة أخرى إلى سلسلة الخطوات الدبلوماسية التي قرّر اتخاذها في إثر قرار مجلس الأمن الدولي ضدّ الاستيطان في المناطق [المحتلة] مساء يوم الجمعة الفائت.
وفي إطار هذه الخطوة طالب نتنياهو وزارة الخارجية بإرجاء سفر الدبلوماسيين لإجراء لقاءات رسمية في الدول التي صوتت لصالح القرار في مجلس الأمن، وتقليص المشاورات مع سفارات هذه الدول في إسرائيل.
كما أوعز أيضاً بإيقاف المشاورات لتنسيق اللقاءات المخطط لها في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس مع رئيسة الحكومة البريطانية ورئيس حكومة الصين.
كما ستُرجئ وزارة الخارجية الإسرائيلية علاقات العمل مع سفارات هذه الدول الـ 12 في إسرائيل ولن يُشارك سفراؤها في لقاءات وزارة الخارجية في القدس.
وقررت إسرائيل تقييد تحركات المنظمات الأممية التي تنشط في أراضيها من خلال منع إصدار تأشيرات دخول لمستخدمين أمميين إضافيين ومنع زيارات لبعثات تعمل مع هذه المنظمات.
واستدعى نتنياهو أمس سفير الولايات المتحدة دان شابيرو إلى جلسة استماع.
وقالت مصادر سياسية رفيعة في القدس إن استدعاء السفير الأميركي يعتبر خطوة استثنائية جداً لأن نتنياهو عقد الجلسة بنفسه وفي ديوانه وذلك بخلاف السفراء الآخرين.
واستدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي المعتمدين لدى إسرائيل ما عدا الولايات المتحدة لتوبيخهم على مواقف دولهم الداعمة لهذا القرار.
وقام رئيس الحكومة مساء أمس بإيقاد الشمعة الثانية لعيد الأنوار [حانوكا] في حائط المبكى [البراق]، وقال في سياق كلمة ألقاها في هذه المناسبة إنه لم يكن ينوي أن يكون في هذا الموقع لكن في ضوء قرار مجلس الأمن اعتقد أنه لا يوجد مكان أفضل لإيقاد شمعة العيد من حائط المبكى.
وأكد نتنياهو أن حائط المبكى ليس محتلاً والحي اليهودي في البلدة القديمة في القدس ليس محتلاً والأماكن الأخرى ليست محتلة ولذلك لن تقبل إسرائيل بهذا القرار.
وعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية اجتماعاً خاصاً لبحث تداعيات مشروع القرار الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي ضد المستوطنات.
وقالت مصادر سياسية رفيعة في القدس إنها تخشى من أن يوجه الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما صفعة سياسية أخرى إلى إسرائيل قبل أن ينهي مهمات منصبه بعد نحو ثلاثة أسابيع.
وأضافت هذه المصادر أن المجلس الوزاري المصغر بحث إمكان إقدام إدارة أوباما على الدفع قدماً بمشروع قرار آخر في مجلس الأمن الدولي يحدد المعايير لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين لحل النزاع بين الطرفين. كما تخشى المحافل السياسية من تلقي إسرائيل ضربة أخرى في مؤتمر السلام المقرر عقده في باريس في منتصف كانون الثاني/ يناير المقبل.
وقالت المصادر نفسها إن مواجهة حقيقية تدور حالياً بين الرئيس أوباما ورئيس الحكومة نتنياهو وتمت فيها إزالة جميع الأقنعة.
وقال نتنياهو في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مستهل الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية صباح أمس، إنه يشاطر الحكومة مشاعر الغضب والإحباط من قرار مجلس الأمن الدولي ضد المستوطنات ووصف القرار بأنه غير متزن وعدائي تجاه دولة إسرائيل واتخذ بشكل غير لائق.
وأضاف رئيس الحكومة أنه وفقاً للمعلومات لدى إسرائيل ما من شك في أن إدارة الرئيس الأميركي أوباما وقفت وراء هذه الخطوة وبادرت اليها ونسقت صيغة القرار وعكفت على تمريره في مجلس الأمن الدولي. وشدّد نتنياهو على أن ذلك يتنافى بشكل واضح مع السياسة الأميركية التقليدية التي قضت بعدم السعي إلى فرض شروط للتسوية الدائمة أو كل ما يتعلق بذلك في مجلس الأمن الدولي. كما يتنافى ذلك مع تعهد الرئيس أوباما من سنة 2011 القاضي بالامتناع عن اتخاذ خطوات من هذا القبيل.
وأكد نتنياهو أن حكومته ستعمل كل ما هو ضروري لضمان عدم تضرر إسرائيل من هذا القرار. وأمر باستدعاء سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي المعتمدين لدى إسرائيل ما عدا الولايات المتحدة إلى وزارة الخارجية لتوبيخهم على مواقف دولهم. كما أمر بإعداد خطة عمل حيال الأمم المتحدة وأطراف دولية أخرى سيتم طرحها أمام المجلس الوزاري المصغر في غضون شهر.
وكان نتنياهو أدلى بتصريحات إلى وسائل إعلام غداة القرار الذي تم تبنيه في مجلس الأمن، وصف فيها القرار بأنه سخيف وينطوي على محاولة لن تنجح لفرض شروط على إسرائيل في التسوية النهائية للنزاع مع الفلسطينيين.
وقال نتنياهو إن كل من يحاول المساس بإسرائيل سيدفع ثمناً باهظاً، وستتم جباية هذا الثمن أيضًا من جانب إسرائيل. وأشار إلى أن دولتين تقيمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل شاركتا في طرح مشروع القانون في الأمم المتحدة ولذا أوعز باستدعاء سفيري إسرائيل من السنغال ونيوزيلاندا. وأوعز بإيقاف جميع المساعدات الإسرائيلية إلى السنغال.
بموازاة ذلك أوعز وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان [رئيس "إسرائيل بيتنا"] إلى الجهات المختصة بوقف الاتصالات واللقاءات المدنية مع ممثلي السلطة الفلسطينية.
وأكدت مصادر مسؤولة في وزارة الدفاع أن هذا القرار لا يشمل التنسيق الأمني مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة.
ودعا وزير التربية والتعليم نفتالي بينت [رئيس "البيت اليهودي"] إلى فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق ج في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] رداً على هذا القرار.
وقال بينت إن هناك خيارين هما الرضوخ أو السيادة، وأشار إلى أن الرضوخ والتنازلات جربت خلال 25 سنة وحان الوقت للسيادة.
وقالت مصادر في بلدية القدس ان القرار الدولي ضد الاستيطان الإسرائيلي لن يؤدي إلى وقف عمليات البناء في المدينة.
وتوقعت هذه المصادر أن تصادق لجنة التنظيم والبناء المحلية في البلدية خلال الأسابيع القليلة المقبلة على بناء أكثر من 5600 وحدة سكنية جديدة في أحياء [مستوطنات] يهودية تقع خارج الخط الأخضر.
في المقابل أثنت عضو الكنيست زهافا غالئون رئيسة حزب ميرتس على قرار الأمم المتحدة.
وكتبت غالئون في صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك": "أنا مسرورة لأن الإدارة الأميركية لم تستخدم حق النقض ضد هذا القرار. إن هذا القرار ليس ضدّ إسرائيل، فهو يُميز بين المستوطنات وبين إسرائيل داخل حدود الخطّ الأخضر ويعارض سياسة توسيع البناء ومحاولة ضم الأراضي في المناطق [المحتلة]. وكلنا نعرف أن هناك معارضة دولية واسعة لهذه السياسة. لقد قررت الحكومة أنه لن تكون نتائج لهذا القرار لكن هناك نتائج له حقاً".
وقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال احتفال نظمته بلدية بيت لحم في مناسبة الأعياد الميلادية الليلة قبل الماضية، إن قرار مجلس الأمن الدولي يفتح الباب من أجل المفاوضات والسلام.
وفي واشنطن كشف مصدر مطلع في الحزب الجمهوري الأميركي أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تعهد مجدداً بتسريع خطوات نقل سفارة بلده لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس رداً على القرار الدولي ضد الاستيطان الإسرائيلي. وقال المصدر إن الرئيس المنتخب عبر لمقربين منه عن عزمه على القيام بزيارة رئاسية إلى هذه المدينة المقدسة السنة المقبلة باعتبارها عاصمة إسرائيل.
وأضاف ان ترامب أعرب عن غضبه الشديد من صدور القرار المذكور بعد أن كان واثقاً من أنه أجهضه من خلال إقناع مصر بتأجيل طرحه في مجلس الأمن الدولي إلى ما بعد رحيل إدارة أوباما الشهر المقبل.