•بعيداً عن الأضواء يعاني الجيش الإسرائيلي من نقص في القوة البشرية، فالعديد من المناصب برتبة نقيب شاغرة، ووضع الجيش النظامي آخذ في التدهور بسبب صورته السيئة وبسبب مغريات الحياة المدنية.
•إن هذا الموضوع هو من أهم الموضوعات التي تقلق المؤسسة الأمنية، لكن أحداً لا يتحدث عنه علناً. وفي الواقع يمر الجيش الإسرائيلي النظامي في أكبر أزمة في تاريخه. ومن مظاهرها عجز الجيش عن تعيين العديد من القادة ضباطاً من رتبة نقيب. لقد بدأت جودة الخدمة النظامية في الجيش تتدهور بصورة مثيرة للقلق. ولو استمر التوجه الحالي، فإن ميزات الخدمة النظامية ستصبح في العقد المقبل مشابهة للخدمة في السجون، وفي دائرة اطفاء الحرائق، وشرطة إسرائيل.
•ونظراً لأن الجيش لا يضخ إلى وسائل الاعلام سوى المعلومات التي تلائمه، فإن الكلام عن الأزمة في الغرف المغلقة يدور عن "أزمة نقباء" لأن مغادرة الخدمة النظامية تظهر قبل كل شيء بين الضباط الذين ينهون خدمتهم النظامية في القواعد ويسرعون إلى الحياة المدنية.
•في الماضي عرف الجيش كيف يُبقي في صفوفه الضباط الشباب المميزين من خلال برامج أجور ودراسات ومناصب مهمة. لكن الوضع تغير اليوم. صحيح أنه يوجد اليوم ضباط ممتازون في الخدمة النظامية، لكن عددهم يتناقص. وفي المحصلة هناك نقص يقدر بالمئات في مناصب نظامية أولى وبخاصة في المنظومات التكنولوجية. والأزمة خطيرة إلى حد أن أهم وحدات التكنولوجيا الأمنية، وهي إدارة تطوير وسائل القتال والبنى التحتية التكنولوجية، يوجد فيها الكثير من المناصب الشاغرة. في التشكيلات القتالية وفي الوحدات اللوجستية أغلبية المناصب مشغولة، لكنها ليست الخيار الأول ولا الثاني بالنسبة إلى الذين يخدمون في الجيش.
•لقد شهد الجيش في الماضي أزمات في صفوفه النظامية، أكبرها برز بعد حرب لبنان الأولى حين أدى انخفاض الرواتب وتردي صورة الجيش إلى مغادرة عدد كبير من المجندين. وأخذ الجيش سنوات طويلة لإصلاح الضرر الذي برز في السنوات 1983 - 1985.
•بدأت علامات الأزمة الحالية في الظهور بعد حرب لبنان الثانية، لكن في الفترة الأخيرة يمكن رؤية مؤشرات انخفاض اضافية. فبالإضافة إلى النقص الحاد في عدد النقباء، فإن كل من يتابع الجيش الإسرائيلي منذ مدة طويلة لا بد أن يلاحظ تراجع جودة الذين يخدمون في الجيش النظامي.
•ثمة معطى آخر كرر نفسه في السنوات الأخيرة وهو يطرد النوم من أعين قيادة الجيش الإسرائيلي، هو تصريح العشرات من الذين يخدمون في القوات النظامية في استمارة دائرة العلوم السلوكية، أنهم يبحثون عن عمل في المجال المدني خلال خدمتهم. ومن يجد عملاً جيداً يترك، ومن السهل نسبياً ترك الجيش حالياً في سن 24 - 25 لأن التعويض يتراكم ولا يدفع مالياً، ويستطيع الضباط أن يأخذوا معهم الحقوق التي جمعوها.
•إن أحد أسباب الأزمة في المنظومات التكنولوجية هي العروض المغرية التي تأتي من القطاع المدني بالإضافة الى تقديمات مثل سيارة، والازدهار الكبير الذي يشهده سوق التكنولوجيا المتطورة.
•لكن في رأي د. أيال أفراتي، فإن هذا ليس العنصر المركزي. وأفراتي هو عقيد في الاحتياط كان في الماضي رئيساً لشعبة العلوم السلوكية في الجيش، ويهتم حالياً بالقوة البشرية في مختلف الأجهزة الأمنية والمدنية.
•يقول أفراتي: "هذا الوضع لن يتغير طالما أن جنود الجيش النظامي من عمر 22 - 23 يخجلون من الظهور ببزاتهم العسكرية. إن صورة الجيش النظامي في تدهور ليس فقط بسبب الهجمات القاسية لوزارة المال، بل إن المشكلة أعمق بكثير وتعود إلى التغييرات العميقة التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي، فحالياً لا ترغب الأم اليهودية بأن يخدم ابنها الناجح في الجيش. ويبدو أن العقد الذي يربط المجتمع الإسرائيلي بالذين يخدمون في الجيش انكسر، وستكون النتيجة المزيد من الانخفاض في جودة الجيش النظامي، ويبدو أن هذه عملية لا مفر منها وستكون لها انعكاسات كبيرة. من المهم أن نفهم أن الجيش سينجح دائماً في ملء المراكز الأولى من رتبة عميد وعقيد بأشخاص كفوئين. لكن عدد هؤلاء صغير جداً، وهناك دائماً مجموعة من الناس بالنسبة إليهم الخدمة في الجيش هي مجال للارتقاء الإجتماعي. لكن في المراتب الأكبر حجماً للجيش، فإن الفارق كبير والصورة مقلقة جداً. وعلى ما يبدو لن نستطيع المحافظة على جودة القوة البشرية في الجيش الإسرائيلي.