رئيس الحكومة المقبل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•أحيت أزمة القطار [محاولة نتنياهو، الاستجابة لضغوط الأحزاب الدينية، ووقف أعمال صيانة القطار يوم السبت]، والاستطلاع الذي نشرته محطة "حداشوت 2" الذي منح يئير لبيد 24 مقعداً، الروح في المعلقين الذين يعتقدون بقرب نهاية نتنياهو، والذين لم ييأسوا من حدوث ذلك على الرغم من وجوده 7 سنوات على التوالي في الحكم، وتأثيره على مدى 20 عاماً في الواقع الإسرائيلي أكثر من أي سياسي آخر.

•في الماضي كانت هناك أسباب جوهرية لخسارته الحكم: خسارته في الانتخابات أمام باراك في 1999، أو عندما انهار تمثيل الليكود إلى 12 مقعداً في 2006- يومها صوّر عدد من المعلقين والمؤرخين نتنياهو كزعيم فاشل ونزق ومكروه لن يترك بصمة في التاريخ الإسرائيلي. وبعد صعوده من هذه الحفر، عادت التكهنات بشأن سقوطه لكن الأسباب تقلصت: الاحتجاج الاجتماعي [على غلاء أسعار الشقق السكنية صيف 2011]، الحرب الفاشلة في غزة [الرصاص المصهور]، الشكوك والتحقيقات، والنزاعات الداخلية على أنواعها، والآن جاءت قضية القطار. 

•ليس المقصد من هذا الكلام التعبير عن الدعم لنتنياهو، فهو رجل إشكالي يلحق ضرراً بالغاً بالنسيج الهش للدولة الإسرائيلية، وصاحب نظرة سياسية لا تبعث على التفاؤل، ونظرته الاقتصادية غير صحيحة وثبت تأثيرها المدمر في العالم كله في السنوات الأخيرة. ويثير سلوكه الشخصي والعام عدم الارتياح على الأقل، هذا إذا لم نذهب إلى حد الاشتباه بمعاييره الأخلاقية الاشكالية وبجنون العظمة لديه. 

•لكن طالما أن التحقيقات المختلفة ضد نتنياهو لم تؤدّ إلى تحقيق جنائي، ولا إلى العثور على أدلة مقنعة تستطيع أن تؤدي إلى إدانته، فمن المحتمل أن يعاد انتخابه، ليس لأنه رئيس حكومة جيد، بل لأنه نجح في أن يزرع في عقول العديد من الناس عدم وجود بديل منه. هذا هو التحدي الذي على أطراف المعارضة التي ترغب في أن ترثه، مواجهته، لا سيما بعد أن فشلت الواحدة تلو الأخرى في ذلك منذ تلاشي مسيرة إيهود باراك السياسية، وتورط إيهود أولمرت الجنائي.

•حالياً هناك اثنان يحاولان تحديه. نفتالي بينت الذي يصطدم المرة تلو الأخرى بجدران الائتلاف الحكومي الذي هو شريك فيه، لأنه بوصفه زعيماً للمستوطنين لا يستطيع إسقاط حكومة يمين متطرف. وبالاضافة إلى ذلك، نظراً لكونه زعيماً لقطاع واضح، ديني- استيطاني- أشكينازي، فإنه يلاقي صعوبة في خرق حدود الاجماع. وعلى الرغم من توجهه في السنوات الأخيرة أكثر نحو اليمين، إلا أنه يتحفط من التعبير علناً عن مواقف متطرفة مثل أيديولوجيا البيت اليهودي. 

•بهذا المعنى، فإن يئير لبيد له أفضلية. فهو شخصية ناجحة، يساعد البرجوازية على ستر عنصريتها وتوحشها من خلال شعارات جذابة (ماذا يعني في نظرك أن تكون إسرائيلياً؟)، لكن على الرغم من هذا النجاح الذي تظهره الاستطلاعات، فإن لبيد لا يهدد سياسياً محنكاً مثل نتنياهو.

 

•والفارق بين الرجلين ليس فقط في مستوى الخبرة، إذ مهما كان لبيد محبوباً ومرغوباً، فهو مجرد دمية يرغب كثيرون في تقليدها، لكن ضعفه الإيديولوجي أمر معروف، وهو استبدل بسرعة بطاقة دخوله إلى السياسة وعلمانيته غير الخاضعة للمساومة بزياراته الى حائط المبكى. لا يوجد عاقل يرغب في أن يشبه نتنياهو الذي لا يعتبر زعيماً محبوباً، لكن الجمهور يرى بالاضافة إلى شهيته المجنونة للسلطة أن لديه إيديولوجيا. نتنياهو هو ابن والده، رجل يميني متشدد لا يتنازل عن شيء، ولن يحقق السلام أبداً لأنه لا يثق بالعرب. هناك كثيرون يصدقون هذه البضاعة، ونتنياهو يعرف كيف يسوّقها. لذا، فإن حكمه ليس في خطر. 

 

 

المزيد ضمن العدد 2452