من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•في السنوات الأخيرة أمكن ملاحظة الاستخدام المتواصل في الخطاب الإسرائيلي لمصطلحات مثل "فرصة لدفع تعاون إقليمي قدماً"، أو "مبادرة إقليمية". وهذا الخطاب لا ينحصر بالطرف اليساري من الخريطة السياسية، بل يتبناه بحماسة أيضاً أطراف في حكومة اليمين، بينهم رئيس الحكومة ووزير الدفاع.
•إن تبني هذا الخطاب ليس أمراً بديهياً؛ وهو ثمرة عمل فكري وإعلامي واسع النطاق قامت به منظمات مختلفة في المجتمع المدني رأت أن هناك فرصة تاريخية- نتيجة التغيرات التي تحصل في المنطقة- للتعاون مع دول عربية "معتدلة" لها مصالح مشتركة مع إسرائيل، مثل كبح التمدد السياسي والإيديولوجي لإيران والشيعة، والحرب المشتركة ضد الإسلام الجهادي السني. لقد بدأت هذه التغيرات بعد حرب لبنان الثانية سنة 2006، لكنها تغلغلت في وعي الجمهور والمؤسسة السياسية بعد أن اتضحت النتائج المدمرة "للربيع العربي"، وبعد نشوء الكيان الداعشي. بكلام آخر إذا أردنا استخدام كلام ماركس، الواقع هنا هو الذي غيّر الوعي.
•إن الهدف الأصلي للرؤيا الإقليمية لم يكن الهروب أو إبعاد الاهتمام عن المشكلة الفلسطينية، بل محاولة دفع الدول العربية إلى تشكيل مظلة لعملية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ففي ظل واقع تعثر المحادثات الثنائية، في إمكان الإطار الإقليمي تخليص الطرفين من الطريق المسدود. ووفقاً لهذا المنطق، فإن دولاً العربية قادرة على المساعدة بعدة طرق: لدى مصر، إذا قادت هذه الخطوة، وسائل للضغط على "حماس" بسبب الحدود المشتركة؛ وللأردن مصلحة في حل متفق عليه للمشكلة الفلسطينية ورغبة في لعب دور في القدس؛ وحتى السعودية قادرة على منح الشرعية الدينية لأي تسوية سياسية. ولجميع هذه الدول نفوذ لدى السلطة الفلسطينية.
•لكن المشكلة الأساسية هي أن إدراك [هذه الحقائق] مر بعملية تغيير تتلاءم مع المواقف السياسية لمقرري السياسات. بتعبير آخر، فإن الذين يروّجون الخطاب الإقليمي في أوساط اليمين لا يفعلون ذلك من أجل إحراز تقدم في المشكلة الفلسطينية، بل من أجل تحقيق ارباح صافية في العالم العربي، من شأنها أن تعزز صورة الاعتدال للحكومة في الداخل والخارج، من دون الاضطرار إلى دفع الثمن بالعملة الفلسطينية.
•صحيح أن أموراً مثل عودة السفير المصري، وزيارة وزير الخارجية المصري، وتعاوناً استخباراتياً وعسكرياً مع مصر والأردن وربما مع دول خليجية - وفقاً لتقارير في الإعلام الغربي- توحي بأن الحل الإقليمي يتقدم بصورة جيدة، مع أن المسار الفلسطيني عالق. وبالاستناد إلى استطلاع للرأي العام قام به معهد "ميتفيم" الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية، فإن الجمهور يحب ذلك، ويريد أن يرى بصورة خاصة تعاوناً مع مصر؛ وتحتل السلطة الفلسطينية المركز الرابع في سلم أولويات التعاون، أي أن الجمهور استجاب بترحاب للرغبة في إجراء حوار إقليمي، لكن وفق الصيغة التي حددها له المخططون في أوساط اليمين.
•إن هذه النظرة الإقليمية خطأ من أساسها ولن تؤدي إلى النتيجة المرجوة. من الممكن تحقيق انجازات معينة في مجال التعاون الإقليمي، لكنها ستكون محدودة وسرية. لقد كانت لنا في الماضي اتصالات مع دول ومنظمات وشخصيات رفيعة في العالم العربي، لكن هذه الاتصالات كانت غير شرعية، وجرت من وراء الكواليس. وكان هناك زعماء عرب دفعوا حياتهم ثمناً لها.
•إن الفترة الوحيدة التي حظيت فيها إسرائيل بشبكة علاقات واسعة وعلنية كانت في التسعينيات، بعد توقيع اتفاقات أوسلو. ولكن جميع الإنجازات الدبلوماسية والاقتصادية تبخرت مع بداية انتفاضة الأقصى. مما يعني أنه لا يوجد تعاون حقيقي وعلني من دون وجود حل، أو على الأقل من دون حدوث تقدم مهم في مشكلة النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. وكل محاولة لتسويق تعاون إقليمي من دون التطرق إلى المشكلة الفلسطينية هو أقرب إلى ذر الرمال في العيون.
•وفي ضوء واقع أن خطاب الفرص والمبادرة الإقليمية تبنته الحكومة والجمهور بأكمله، يجب أن نركز الآن على إدخال خطاب آخر إلى الوعي، ألا وهو خطاب تضييع الفرصة. يحب الجمهور الإسرائيلي أن يكرر العبارة الشهيرة لوزير الخارجية الأسطوري أبا إيبان القائلة بأن "العرب لا يضيعون فرصة من أجل تضييع الفرصة". لكن يشير بحث أكاديمي أنهيته في الفترة الأخيرة إلى أنه ليس الفلسطينيون وحدهم من ضيعوا الفرص بل إسرائيل أيضاً. ومن هنا، فإن التركيز في الفترة الحالية يجب أن يكون ليس فقط على اكتشاف الفرصة التاريخية - والموجودة فعلاً - بل على كيفية عدم تضييعها. ووفقاً للوضع كما يبدو حالياً، لا تبدي الحكومة رغبة فعلية في استغلال الفرصة التاريخية من أجل الدفع قدماً بمبادرة إقليمية تطالب بتطبيق حل الدولتين وفق ما جاء في توصيات اللجنة الرباعية الدولية.