العبرة بالأفعال وليست بالأقوال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•التوجه المباشر لرئيس الحكومة إلى المواطنين العرب من خلال شريط فيديو، أثار لدى الجمهور مفاجأة تشوبها الشكوك. فحكومة إسرائيل التي يرأسها نتنياهو لم تفوّت أي فرصة للتحريض ضد الجمهور العربي وممثليه في الكنيست. لكن الكلام المهين الذي قاله نتنياهو يوم الانتخابات: "العرب يتدفقون بكميات" [نحو صناديق الاقتراع]، والذي اعتذر عنه بصورة جزئية وشديدة المراوغة أيضاً في الشريط الجديد، وتصريحاته عن العرب في ساحة الهجوم في ديزنغوف [الهجوم الذي نفذه نشأت ملحم في تل أبيب، وقول نتنياهو إنه يرفض قيام دولة داخل الدولة]، وحملة نزع الشرعية التي يشنها ضد أعضاء الكنيست العرب، المترافقة بمبادرات من نوع قانون الإقصاء - كل هذه الأمور تثير الشك في صدق نياته.

•هل نتنياهو الذي وفقاً لكلامه يريد "القيام بخطوة إلى الأمام" في علاقات الدولة مع المواطنين العرب ويدعوهم إلى "القيام بدورهم في المجتمع الإسرائيلي"، يقصد حقاً بكلامه هذا تأكيد ما قاله سابقاً: "رؤيتي هي أن يكبر أبناء وبنات العرب بأمان، وهم يدركون أنه ليس هناك أي شيء لا يستطيعون تحقيقه في دولة إسرائيل كمواطنين متساوين في الحقوق في ديمقراطيتنا"؟ أم أن المقصود هو حفلة تنكرية لتلميع صورته أو لخدمة مصالح مضمرة؟

•يدرك نتنياهو وحكومته مثلما أدركت حكومات إسرائيل على مر الأجيال، أن أغلبية مواطني إسرائيل من العرب لن يتخلوا عن مواطنتهم وأنهم يتطلعون إلى الاندماج الكامل في المجتمع الإسرائيلي. ومن أجل تحقيق ذلك، يتعين على الحكومة القيام بمهمات كثيرة: دمج العرب في سوق العمل، والدفع قدماً بمؤسسات التعليم، وتخطيط مدن عربية، وتسوية متفق عليها للبلدات البدوية غير المعترف بها في النقب، والاستثمار في البنى التحتية، ومحاربة الجريمة في البلدات العربية، وغير ذلك.

•لكن، بالإضافة إلى هذه المجالات المهمة، يتعين على رئيس الحكومة على المستوى السياسي، الاعتراف برواية (narrative) المواطنين العرب ووقف العمل على محو هويتهم. إن الاستثمار المدني حيوي ومطلوب، لكنه لا يمكن أن يكون شرطاً لقمع الهوية والرواية الفلسطينيين اللذين يشملان مثلاً الشاعر الوطني الفلسطيني محمود درويش، الذي شبه وزير الدفاع قصائده في الأسبوع الماضي بكتاب "كفاحي" لهتلر.

 

•كعادته، اختار نتنياهو التحدث في شريط معدّ، وليس في مناسبة دُعي إليها ممثلون عن الجمهور العربي أو صحافيون عرب قد يطرحون عليه أسئلة صعبة. وعلى الرغم من ذلك، نأمل أن لا يكون كلامه مجرد شعارات فارغة. لذلك، يمكن التمسك بكلماته هو نفسه، التي بحسبها "لا يكفي الكلام عن تساوي الفرص، ما يحسم الأمر هو الأفعال". حسناً يفعل نتنياهو لو يقود نحو دولة المساواة الحقيقية بمستوياتها العملية والرمزية، ويسعى كذلك إلى تسوية سلمية حقيقية مع الفلسطينيين، تزيل التوتر وتسمح بحياة مشتركة حقيقية بين اليهود والعرب داخل إسرائيل. ومن دون ذلك، فإن الخطاب برغم رسائله الإيجابية لن يدخل كتاب تاريخ دولة إسرائيل، وفقط سيوضع على الرف.