أوهام نصر الله
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•النقاش بشأن نتائج حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] التي يصادف هذا الأسبوع مرور عشر سنوات على اندلاعها، يجب أن يبدأ من النهاية، من الأسطر الأخيرة. من منظور عقد من الزمن لا شك في أن إنجازات إسرائيل في هذه الحرب، بغض النظر عن أهميتها، كان يمكن تحقيقها بثمن أقل بكثير من الثمن الذي دُفع. إن إبعاد حزب الله عن الحدود وانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان، وحتى قواعد لعبة جديدة تضمن الهدوء على طول الحدود، هي أهداف كان يمكن تحقيقها من دون توريط إسرائيل في حرب استمرت 33 يوماً، ومن دون تعريض سكان مستوطنات الشمال وحتى الخضيرة وحيفا، إلى تساقط مطر صواريخ، ومن دون دفع ثمن بشري كبير.

•على الرغم من كل ذلك، فإن الأداء الفاشل للقيادتين الأمنية والسياسية في إسرائيل أثناء حرب لبنان الثانية لا يحول هذه الحرب إلى هزيمة إسرائيلية. فما جرى هو تضييع فرصة، خاصة على مستوى الوعي، ودفع ثمن مبالغ فيه لقاء انجازات لا يمكن الاستخفاف بها. 

•ومثل إسرائيل، كذلك حقق تنظيم حزب الله إنجازات خلال الحرب. الأهم بينها نجاحه في الصمود في وجه الهجمة الإسرائيلية، والاستمرار في اطلاق الصواريخ حتى آخر يوم من الحرب. وقد نجح حسن نصر الله زعيم حزب الله في استغلال الثغرة التي ظهرت بين خطاب زعماء إسرائيل وعلى رأسهم رئيس الحكومة إيهود أولمرت الذي تعهد بالقضاء على القوة العسكرية للتنظيم وتفكيك ترسانته الصاروخية، وبين عدم وجود قدرة عملية على تحقيق هذا الهدف البعيد المدى وغير الواقعي تماماً، وبالطبع الإحجام الإسرائيلي عن شنّ عملية برية داخل أراضي لبنان. 

•إن انجاز حزب الله في الصمود ونجاحه في التسبب بالضرر لإسرائيل لم يغطيا الثمن الباهظ الذي دفعه - مئات القتلى وبالأساس الدمار الذي تسببت به الحرب للطائفة الشيعية في لبنان، التي تدعم حزب الله وقائده. إنما يبدو أن الدرس الوحيد الذي تعلمه حزب الله من الحرب استعداداً لجولة القتال المقبلة مع إسرائيل إن أتت، هو كيف يمكن القتال في الحرب المقبلة على غرار الحرب السابقة، على نحو أفضل. وبالفعل، زاد الحزب ترسانته الصاروخية من نحو 12-18 ألف صاروخ عشية حرب لبنان الثانية إلى نحو 100 ألف صاروخ بعد عشر سنوات، وبعضها يغطي مداه كل مناطق إسرائيل.

•وبخلاف إسرائيل، سارع نصر الله بتقولّلاته إلى رفع إنجازاته إلى مستوى "انتصار تاريخي" و"نصر إلهي" على إسرائيل. إن نجاح نصر الله التسويقي يمكن عزوه إلى الفارق الكبير بين المجتمع الإسرائيلي والمجتمع الشيعي في لبنان الذي هو مجتمع ضعيف ومعبأ، والخيال يحل فيه محل الواقع، وأي بادرة انتقاد تخنق.

•لكن مع مرور السنوات، يبدو ادعاء نصر الله الانتصار ادعاء باطل، فالحرب لم تساعده داخلياً سواء على مستوى الطائفة الشيعية التي تذمرت من الثمن الذي دفعته في الحرب، وأيضاً على مستوى لاعبين آخرين في الساحة اللبنانية، أعجبوا بقدرة الحزب على الصمود أمام الضربات الإسرائيلية لكنهم ظلوا مصممين على المحافظة على مكانتهم في مواجهة التحدي الذي فرضه عليهم حزب الله. وقد سلطت الحرب الضوء على الهوية الشيعية للحزب وعلى علاقته بإيران. وهذه مسألة حساسة بالنسبة لهذا التنظيم الذي قدم نفسه كمن يخوض حروب العرب والمسلمين جميعاً. من هذه الزاوية كانت الحرب مقدمة للثورة السورية التي نشبت في 2011 وخلطت كل أوراق نصر الله. لقد تكبد الحزب من جراء مشاركته في الحرب في سورية مقتل أكثر من ألف من مقاتليه، وأثارت تلك المشاركة تذمراً في أوساط شيعة لبنان، الذين في ضوء التطرف في أوساط التنظيمات الإسلامية السلفية التي تعتبر كل شيعي عدواً يستحق الموت، لم يبق أمامهم أي خيار سوى البقاء خلف حزب الله.

 

•هكذا تتحول حرب لبنان إلى ذكرى بعيدة ومنسية، وهذا سبب لأن يتذكر نصر الله اعتذاره في صيف 2006 بأنه لو كان يعرف كيف ستتطور الأمور، لما كان أمر بخطف الجنود الإسرائيليين والتسبب باندلاع الحرب.

 

 

المزيد ضمن العدد 2408