الهجوم في تل أبيب هو الاختبار الأول لوزير الدفاع الجديد أفيغدور ليبرمان
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•هجوم إطلاق النار الذي تسبب أمس (الأربعاء) بمقتل 4 مواطنين في قلب تل أبيب هو الحادث الأكثر دموية منذ ثلاثة أشهر بالضبط، حين قتل سائح أميركي طعناً بالسكين في منتزه في تل أبيب. لقد سُجل في الفترة التي انقضت ما بين الهجومين تراجع كبير في قوة الإرهاب وفي عدد المصابين، مما أدى إلى ظهور تنبؤات وتقديرات بأن فترة الإرهاب أصبحت وراءنا.

•يُظهر الهجوم في منطقة سارونا أن الأمر ليس هكذا تماماً، إذ على الرغم من انخفاض مستوى الإرهاب وبلورة القوى الأمنية في الأشهر الأخيرة صيغة أكثر فاعلية في مواجهة الهجمات التي قام بها بالأساس "ذئاب وحيدة"، فإن الحل لم يكن شاملاً.

•وإلى جانب المهاجمين بالسكاكين، هناك خلايا تحاول الاستيلاء على سلاح ناري من أجل تنفيذ هجمات تحصد عدداً أكبر من الضحايا. ونظراً إلى أن الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية لا تشارك في العمليات الإرهابية، ولأن ثمن السلاح العادي في الضفة الغربية لا يزال مرتفعاً، فإن معظم أدوات القتل محلية الصنع. وتُظهر الصور من ساحة الهجوم بالأمس أن المخربَيْن استخدما أسلحة محلية الصنع، رشيش من طراز كارلو، السلاح المفضل لدى الفلسطينيين في المواجهات الحالية.

•يبدو أن ما جرى هذه المرة هو هجوم أكثر طموحاً وتخطيطاً بقليل مما رأيناه بصورة عامة خلال هذه الأشهر، فقد تحرك المخربان بصورة منسقة، واختارا هدفاً داخل حدود الخط الأخضر (لا بد لبلوغه من شخص ثالث يوصلهما إليه، على معرفة أو من دون معرفة منه بنيتهما). وبالاستناد إلى شهود عيان فقد ارتدى المخربان ملابس مناسبة للتخفي وسط الجمهور.

•ومع ذلك، فلسنا بالضرورة بصدد خلية هي جزء من تنظيم إرهابي منظم. في شباط/فبراير الفائت قُتلت شرطية من حرس الحدود في هجوم بإطلاق نار وقع بالقرب من باب العمود في القدس القديمة. وكان المخربون الثلاثة الذين نفذوا الهجوم من سكان بلدة قباطيا بالقرب من جنين مسلحين أيضاً برشيش من طراز كارلو، لكنهم لم يتحركوا تنفيذاً لسلسلة أوامر صادرة عن قيادة تنظيمية.

•هذه المرة المخربان من سكان بلدة يطا جنوب جبل الخليل. وقد نُشر بالأمس أنهما أقاما في الماضي لمدة عامين في الأردن. والمعروف عن منطقة جنوب جبل الخليل أن "حماس" تقليدياً  قوية فيها بصورة خاصة، مع أنه حتى الأمس لم يصدر أي بيان عن الحركة تعلن فيه مسؤوليتها. ويمكن أن تشير الإقامة في الأردن لو تبين أن التقارير موثوقة، إلى علاقة مع أطراف إرهابية خارجية تابعة لـ"حماس" أو حتى تابعة لتنظيم "داعش". 

•إن هذا هو أول هجوم في شهر رمضان الذي بدأ هذا الأسبوع. وقد تبين من خلال عدة حوادث في الماضي وجود علاقة بين شهر رمضان وتأجج معين في الأجواء العامة في المناطق [المحتلة] أدى إلى هجمات. ومن المفهوم أيضاً أن مقتل 4 مواطنين إسرائيليين وسط البلد سيعتبر في نظر الفلسطينيين المؤيدين للإرهاب نجاحاً - وقد يؤدي إلى محاولات للقيام بأعمال مشابهة. 

 

•وهنا سيكون الاختبار الأول لوزير الدفاع الجديد أفيغدور ليبرمان الذي أكثر، قبل انضمامه إلى الحكومة، من استخدام لغة نارية بعد أحداث مشابهة. لكن منذ دخوله إلى وزارة الدفاع غرق في جدول أعمال كثيف يفرضه عليه منصبه، من جولات عمل على الحدود انتهاء بخطابات في مناسبات عسكرية. واليوم سيظهر الفارق بين الخطاب المتشدد والقدرة العملية على اتخاذ خطوات منذ اللحظة التي أصبحت المسؤولية فيها بين يديه. إن تراجع العنف في الأشهر الأخيرة سببه إلى حد بعيد التضافر بين السياسات الصارمة للجيش والشاباك والامتناع عن العقاب الجماعي في المناطق، وتعزيز التعاون الأمني مع الأجهزة الفلسطينية. وهذه بنية هشة جداً من السهل زعزعتها  من خلال تصريحات غير حذرة. في الأيام المقبلة سيتضح ما إذا كان ليبرمان سيتبنى سياسة تختلف كثيراً عن تلك التي استخدمها بحكمة سلفه موشيه يعلون.