•في مطلع حزيران/يونيو، وبعد الأخذ في الحسبان جدول أعمال وزير الخارجية الأميركية جون كيري، سيُعقد في باريس لقاء لوزراء الخارجية قبيل عقد مؤتمر السلام في باريس أواخر هذه السنة. وقد طُلب من المندوبين الإسرائيليين والفلسطينيين البقاء في البيت.
•أعترف بأنني لدى سماعي هذه الفكرة من وزير الخارجية الفرنسية السابق لوران فابيوس فرحت لأنني وجدت أنه ما يزال هناك من يهتم بمشكلتنا، واعتقدتُ أن هذا أفضل من عدم القيام بشيء. وكانت لديّ بعض التحفظات على بنية الاقتراح لا على اللقاء بحد ذاته.
•لكن المحادثات التي أجريتها في الفترة الأخيرة في بعض الدول الأوروبية المهمة، وفي واشنطن ونيويورك وكذلك في موسكو، تُظهر صورة مختلفة جداً؛ بروكسيل غاضبة، وواشنطن مترددة، ولا يعرف الآخرون ما المطلوب منهم تحديداً، لكنهم سيحضرون الاجتماع لأنهم لا يرغبون في المس بـ "وليد" الرئيس فرانسوا هولاند. إن سبب التخوف في بروكسل هو السعي الفرنسي المتواصل لسحب المبادرات السياسية من اللجنة الرباعية، حيث يوجد صوت مركزي للاتحاد الأوروبي بأعضائه الـ28. وفي واشنطن برز من جديد الفارق المهم بين الرئيس باراك أوباما وبين وزير خارجيته المتفائل. كذلك لا ترفض روسيا الخطوة الفرنسية، إذ ترى أن الميزة الأساسية هي المكانة الهامشية للولايات المتحدة في هذه المبادرة. ولا يبدو أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون متحمس للاجتماع، لكن، في إطار جهوده لضمان تركة سياسية في أواخر السنة، يبدو مهماً بالنسبة إليه استغلال منصة المؤتمر لمناقشة تقريراللجنة الرباعية بشأن الوضع في المناطق.
•وفي رام الله أيضاً لم أتمكن من رؤية حماس لمؤتمر باريس، بل رغبة في ضمان استمرار العلاقات الجيدة مع الرئيس هولاند. وثمة اعتقاد عام أن الهدف هذه المرة هو تشكيل نوع من مجموعة اتصال (contact Group) أكثر من مؤتمر دولي، لأن اللاعبَين الأساسيَّين- إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية - ليسا مدعوَّين إلى باريس. ويبدو ذلك أقرب إلى اجتماع الأهل لمناقشة ما فعله أولادهم.
•من الصعب عليّ أن أفهم لماذا اختار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يرفض المؤتمر خلال محادثاته مع وزير الخارجية الفرنسية، وأيضاً هذا الأسبوع في أثناء لقائه رئيس الحكومة مانويل فالس. لم يرفض أي طرف في العالم هذا المؤتمر كي لا يزعج فرنسا. وكان في إمكاننا نحن أيضاً أن نتمنى النجاح للمحاولة من دون أن ندفع ثمناً، ولا حتى ثمن بطاقات سفر.
•من الممكن أن تكون باريس تخبىء أرنباً غير متوقع في قبعة أحد الدبلوماسيين، وسيظهر فقط لدى اجتماع وزراء الخارجية. ولكن إذا لم يكن هذا هو الوضع، يبدو لي أن الأمر بمثابة تبديد للإرادة الطيّبة، لأن هذه الخطوة لن تساهم في تحسين الوضع على الأرض، وخصوصاً أن الرئيس الفلسطيني لا يستطيع التحدث باسم غزة (وأي حل سيجري التوصل إليه سيكون جزئياً)، كما أن رئيس الحكومة الإسرائيلية غير مستعد لدفع ثمن الاتفاق الدائم. ومن دون أرنب في القبعة لن يستطيع العالم تغيير الوضع حالياً.
•يجب أن يؤدي الجهد العالمي المشترك إلى شيء أكثر تواضعاً على طريق اتفاق سلام شامل في وقت متأخر: أي وضع المبادىء العامة المتعلقة بتسوية دائمة، واقتراح ضمانات على الطرفين بحيث لا تدفع أي تسوية جزئية، على شكل المرحلة الأولى من "خريطة الطريق" (دولة فلسطينية ضمن حدود موقتة)، بالطرفين نحو وضع مرحلي دائم عديم الفائدة.