هل فقد نتنياهو صلته بالواقع؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•هل هذا ما يحدث لنتنياهو؟ هل هو يفقــد صلتـه بالواقع. هــذا ما جـرى لدافيد بن - غوريون في نهاية 15 عاماً في السلطة. لقد كان تصرفه في قضية لافون جنونياً، وجرت إزاحته عن السلطة [وزعامة حزبه]. وهذا ما حدث مع مناحم بيغن بعد 6 سنوات من الحكم، إذ اعترف قائلاً: "لا أستطيع الاستمرار" واعتكف في منزله. فهل هذا ما يحدث لنتنياهو اليوم بعد 12 عاماً في الحكم؟

•إن الأعمال الأخيرة لنتنياهو ليست عقلانية، وهي جنونية من زاوية مصالحه الشخصية. كان في استطاعته ضم يتسحاق هيرتسوغ، الجيد، والمستقيم والخنوع والمنضبط إلى حكومته. وكان هيرتسوغ سيجلب معه حزبه كله أو أغلبيته تقريباً، الأمر الذي كان سيضمن استمرار الحكومة لفترة طويلة. وكان في إمكان هيرتسوغ طمأنة دول العالم التي بدأت تتخوف من نتنياهو. وفي نهاية المطاف ماذا طلب؟ هل طلب أن يقدم نتنياهو وعوداً محددة مكتوبة؟ ما خطورة ذلك؟ ومتى تردد نتنياهو في نكث وعوده المكتوبة تماماً مثلما نكث وعوده الشفهية؟

•بدلاً من الشريك المريح، اختار نتنياهو ليبرمان، الأزعر المخادع الذي لا يخفي ازدراءه العميق لنتنياهو. كما لا يخفي أيضاً سعيه إلى وراثة نتنياهو في أقرب فرصة. إنه شريك يعتبره العالم كله رجلاً خطراً. لماذا اختاره؟ من دون لماذا، لا يوجد سبب منطقي. إن إدخال ليبرمان إلى الحكومة عمل انتحاري. ومنحه وزارة الدفاع عمل جنوني. 

•إذن ماذا يجري لنتنياهو؟ حتى الآن تصرف بصورة عاقلة وبراغماتية. صحيح أنه اختار طريقاً في نهايتها الهلاك، ونهايتنا. صحيح أن كل خطوة قام بها أضرت تقريباً بالديمقراطية الإسرائيلية، وبمحكمة العدل العليا، والآن بالجيش أيضاً. لكن كان يمكن تفسير تلك الخطوات بأنها وسيلة لبقائه في السلطة. إنما الأمر لم يعد كذلك.

•لا يستطيع شخص الاستمرار في قيادة الدولة عندما يتزايد عدد الأشخاص المحترمين من أصحاب التأثير والنفوذ، ورؤساء المؤسسات المركزية- القيادة العسكرية، المحاكم، الإعلام، الفنون والأكاديما - الذين توصلوا إلى استنتاج بأنه رجل خطر، وعندما يشعر  أشخاص من صلب المؤسسة الحاكمة مثل مئير داغان، والجنرال يائير غولان وموشيه يعلون بأنه من الضروري ضميرياً أن يهبّوا للقيام بالتحذير. هذا ما جرى في حالة بن - غوريون. وأين هو نتنياهو بالمقارنة مع بن - غوريون. إن هذه عملية بطيئة، وليتها لا تتأخر كثيراً. ما الذي يجب فعله من أجل تسريع الأمر؟ لقد تم تقديم اقتراحات كثيرة، وأنا أيضاً قدمت اقتراحات، لكن الاقتراح الأكثر عملية هو الذي قرأته يوم الجمعة في مقال يائير أسولين في "هآرتس".إنه اقتراح بسيط وعملي وقابل للتطبيق الفوري، فقط لو فهم جميع الذين لهم صلة بالأمر بأنهم يتحملون مسؤولية كبيرة تجاه مصير الدولة.

•والاقتراح كما أفهمه هو: أن يتقدم الآن أعضاء الكنيست الشباب من المعسكر الصهيوني [....] باستقالتهم من حزبهم الذي لم يعد أكثر من جيفة حية، وأن يؤلفوا حزباً جديداً شاباً ينبض بالحياة، وأن ينضم إليهم أعضاء الكنيست الآخرون الذي يرون الطوفان الآتي، ويسعوا للحصول على دعم يعلون وغابي أشكينازي وبِني بيغن، وأن يقيموا فوراً كتلة جديدة في الكنيست، ويرفعوا راية، ويضعوا لأنفسهم خطة تشدد على ما هو مشترك فيما بينهم لا على ما هو مختلف بشأنه: راية السلام، والديمقراطية، والعدالة، والشراكة الاجتماعية، وطهارة السلاح.

•كما يجب عليهم أن يتخلصوا من التصنيفات القديمة، أي "يسار" و"يمين" و"وسط"، و"أشكناز" و"شرقيين"، وأن ينشئوا حزباً إسرائيلياً لجميع الإسرائيليين من دون تمييز جندري وطائفي وقومي وعنصري، وأن يدعوا الشبان والشابات الرائعين الذين ألفوا في هذه الدولة عشرات الجمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان، وعن المساواة والسلام، للانضمام إلى هذا  المسعى الإنقاذي.

 

•من أجل القيام بذلك، لا حاجة إلى انتظار المسيح المخلص أو الحلم. ففي الإمكان، لا بل يجب، النهوض والعمل بدءاً من صباح الغد، لأن البديل مخيف!

 

 

المزيد ضمن العدد 2379