•إن المقارنة بين المسارات الوحشية واللاإنسانية التي حدثت في ألمانيا النازية في مطلع القرن الماضي وما يجري حالياً في المجتمع الإسرائيلي أمر إشكالي. الظروف تغيرت، والخلفية اختلفت، وفي جميع الأحوال هذا موضوع متروك للمؤرخين كي يدرسوه بأساليب علمية مناسبة. أنا لست مؤهلاً، ولا نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللواء يائير غولان مؤهل، ولا قدرة لديه على أن يبدي آراء قاطعة في هذا الشأن. حتى التوقيت الذي اختاره نائب رئيس الأركان كي يقول ما قاله، إشكالي. في عشية ذكرى المحرقة النازية وأثناء خطاب ألقاه بصفته نائباً لرئيس الأركان، ليس هذا هو المكان الصحيح للإدلاء بمثل هذا القول الجازم بشأن موضوع حساس للغاية كما أن هذا لا يدخل في نطاق صلاحياته كرجل عسكري.
•في المقابل، من الواضح تماماً لي مثلما هو واضح بالنسبة لجزء كبير من مواطني إسرائيل، أن الرسالة التي أراد اللواء غولان أن يرسلها صحيحة وفي مكانها. وفضلاً عن ذلك بصفته نائباً عن رئيس الأركان ومسؤولاً عن المحافظة على الحوافز لدى جنود الجيش الإسرائيلي للقتال والتضحية بحياتهم من أجل هدف أخلاقي ومبرر أيضاً، فإنه ليس مخولاً فحسب، بل يجب عليه أن يقول ما قاله.
•في الخلاصة، غولان أخطأ في التوقيت والمكان، وحتى في المقارنة التاريخية. لقد كان لدى رئيس الحكومة سبب كي يبين له خطأه، بل وربما أن يوبخه لأنه خرج عن مجال صلاحياته المهنية. في دولة عادية، حيث توجد قواعد لعبة وتقدير واحترام، يدعو رئيس الحكومة وزير الدفاع ورئيس الأركان وغولان ويقول لهم رأيه بحزم ويطلب منهم الحرص مجدداً على ضرورة أن يتوخى كبار المسؤولين العسكريين في الجيش ومن هم أدنى منهم رتبة، الحذر في كلامهم عندما يتحدثون عن موضوعات لا تتعلق مباشرة بمهاتهم في الجيش ولا بقيم القتال.
•نتنياهو فعل ذلك في البداية، فقد تحدث مع وزير الدفاع وطلب منه أن ينقل الرسالة إلى غولان. وبالفعل أصدر نائب رئيس الأركان بعد التشاور مع رئيس الأركان غادي أيزنكوت، بواسطة الناطق بلسان الجيش توضيحاً. لكن الموضوع لم ينته عند هذا الحد. فكبار المسؤولين في الليكود بقيادة الوزيرة ميري ريغف لم يقولوا كلمتهم. وقبل يومين طالبت ريغف بإقالة رئيس الأركان.
•رئيس الحكومة الذي تصرف في البداية وفقاً لقواعد السلوك المطلوب، لم يحاول السباحة ضد التيار. لماذا يتصرف نتنياهو هكذا؟ الجواب بسيط: دفاعاً عن البقاء السياسي. هذا هو الهدف الأسمى لرئيس الحكومة الذي من المفترض أن يقود دولة إسرائيل عشية الذكرى الـ68 لإقامة دولة إسرائيل.