الاتفاق المصري - السعودي: سابقة إيجابية لتبادل أراض بمشاركة إسرائيل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

 

•انتقال جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى السعودية - إعادة أو تأجير، لا يهم فعلاً - هي صفقة جيدة بالنسبة لإسرائيل لكونها تشكل سابقة معينة (ليست الأولى فعلاً). وحدهم الذين ينظرون إلى الوراء ينظرون بقلق. لكن لدى النظر إلى الأمام نرى أنها تنطوي على احتمالات إيجابية. ومن الأفضل التخلص من سيطرة الماضي واستبداده. 

•عندما ننظر إلى الوراء يمكننا الذهاب بعيداً جداً إلى ما هو أبعد من خمس حروب إسرائيلية - مصرية وفقاً للتعداد الغريب السائد اليوم ("حرب لبنان الثانية" و"الانتفاضة الثانية") الذي يخلط عمليات ومعارك من أحجام مختلفة، أجزاء منها سُمّيت "حرب سيناء الأولى" (عملية "حوريف" التي تغلغل فيها الجيش الإسرائيلي في شمال سيناء حتى العريش في سنة 1948)، و"الثانية" في 1956 (عملية "قادش")، والثالثة في 1967، والرابعة (حرب الاستنزاف 1969-1970)، والخامسة (حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973]. صحيح أنه من المتعارف عليه اعتبار حربي 1956 و1967 تتعلقان بحرية الملاحة في البحر الأحمر، لكن في الواقع فإن الحربين اللتين وقعتا بعد حرب الأيام الستة جرتا على خلفية الرفض الإسرائيلي للتخلي عن شريط برّي واقع بين العريش وشرم الشيخ. قبل ذلك بوقت طويل، وحتى قبل اعتراف الرئيس هاري ترومان بضم إيلات إلى أراضي دولة إسرائيل، جرى في مصر في شباط/فبراير 1945 لقاء بين سلف ترومان ووالد الملك الحالي سلمان (الذي كان حينها في التاسعة من عمره)، أي بين فرانكلين روزفلت وابن سعود. وعقد الملك السعودي مع روزفلت الذي هو ربما من أهم زعماء الحرب العالمية الثانية، التحالف السعودي - الأميركي الذي صمد أمام أزمات كثيرة شهدتها العقود السبعة الأخيرة، والذي سيحاول الرئيس باراك أوباما إنقاذه خلال زيارته للخليج في الأسبوع المقبل. لقد فشل ابن سعود في مساعيه الرامية للتأثير من أجل بلورة سياسة أميركية معادية للصهيونية. كان روزفلت منفتحاً على الاقتناع بالفكرة السعودية التي دعت إلى توطين لاجئي المحرقة النازية في أوروبا التي دمرت ملايين اليهود وأخلت بذلك مكاناً لإنقاذ الناجين، لكن بعد شهرين مات الملك السعودي، وتبنى ترومان بعد ثلاثة أعوام من التردد، خطاً أكثر توازناً، وبحسب العرب، شديد الانحياز لإسرائيل.

•لقد كانت مصر على الدوام تفتقر إلى المال، وكانت السعودية تفتقر إلى جيش. لقد كان المصريون أقوياء وفقراء، وكان السعوديون ضعفاء وأغنياء. وأدى ذلك إلى علاقة سيئة [بين الطرفين] خلال فترة حكم جمال عبد الناصر الذي ساعد خصوم السعودية في اليمن (بينما في المقابل قدم الأميركيون والإسرائيليون مساعدة للملكيين، خصوم ناصر). لكن بدأت علاقة جيدة في فترة حكم أنور السادات ومن بعده.

•حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]، مع أنها لم تلغ تماماً أهمية مضائق تيران، إلا إنها قللت إلى حد كبير من أهميتها. في أثناء هذه الحرب فخخ المصريون الجانب الثاني من شرم الشيخ، في خليج السويس. لكن الأخطر من ذلك كان: انتقال التهديد على الملاحة في إيلات جنوباً إلى مضائق باب المندب. وتأخر وصول سفن الصواريخ التي كانت معدة للتوجه إلى البحر الأحمر من خلال الالتفاف حول الرأس الصالح. ونشأ واقع جيو - استراتيجي: عادت تيران وصنافير إلى وضعهما الهامشي منذ منتصف القرن العشرين. السلام مع مصر والملاحة الإسرائيلية في قناة السويس، بما في ذلك سلاح البحر، أعادا أكثر فأكثر البحر الأحمر إلى حجمه الطبيعي.

•يوجد أربعة شركاء في البحر الأحمر: إسرائيل، ودولتان عربيتان وقعتا مع إسرائيل اتفاقات سلام، والسعودية التي هي حليفة غير معلنة ضد العدو المشترك، إيران. وعلى الرغم من التوترات بين العائلتين المالكتين [في السعودية والأردن] اللتين تتنافسان على المكانة الرفيعة التي تربطهما بالرسول محمد، فقد جرى التوصل بين الرياض وعمان في الستينيات إلى اتفاق تبادل أراض - حصل الأردن على جزء من الساحل السعودي جنوبي العقبة، مقابل تعديلات على حدوده الشرقية. والآن تعزز صفقة الجزيرتين مع مصر صلاحية هذه السابقة، وتزيد من فرص تسويات متعددة الأطراف مع إسرائيل والفلسطينيين ودول عربية.

•من الممكن على سبيل المثال، توسيع الإطار الضيق لتبادل الأراضي المقترح بين إسرائيل وفلسطين في اتجاه صفقة رباعية تشمل أيضاً مصر (استئجار جزء من سيناء يُضم إلى غزة)، والسعودية (تمنح مصر جزءاً من الضفة الشرقية من البحر الأحمر وتحصل على اعتراف بمكانة لها في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف])، وربما يمكن أن نضم إلى النادي سورية (تؤجر إسرائيل منطقة حيوية من أجل الدفاع عن الجولان، مقابل شريط في منطقة الحمة، التي جرى إعلانها منطقة منزوعة السلاح في اتفاقات الهدنة سنة 1949) وأن نضم الأردن أيضاً. ويجب خلط الأوراق وتوزيعها من جديد بما فيه مصلحة جميع اللاعبين.

•اسم اللعبة هو تعاون إقليمي من أجل الفائدة المتبادلة. إن صفقة الجزيرتين هي نموذج جيد لفكرة مبتكرة يجب محاكاتها. وإذا كانت هذه الصفقة تساعد مصر وتمنع انهياراً سيهدد الأمن الهش في الشرق الأوسط ويغرق أوروبا بفيضان آخر من المهاجرين الجائعين واليائسين، فماذا يمكن أن يكون أفضل منها؟

 

 

 

 

المزيد ضمن العدد 2353