من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•أبطلت المحكمة العليا يوم الأحد الماضي اتفاق الغاز الخلافي الذي أقرته الحكومة. وشكل هذا القرار علامة فارقة على صعيد النشاط القضائي من قبل محكمة تميزت قراراتها في الأعوام الأخيرة بضبط النفس والتحفظ.
•وكان لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي رمى بثقله دعماً للمصادقة على الاتفاق، حتى إنه مثل على نحو غير مسبوق أمام قضاة المحكمة، تعليق حاد اللهجة على الحكم، فهو ألقى اللوم على المحكمة [محملاً إياها مسؤولية] عدم الاستقرار الاقتصادي الذي سينجم عن الحكم، وبهّر تعليقه بتهديدات مفادها أن الغاز الطبيعي سيبقى عميقاً في باطن الأرض.
•وانتهز بعض الوزراء، ومن ضمنهم وزيرة العدل أييلت شاكيد، الفرصة للتنديد بالمحكمة قبل الاطلاع على نص الحكم البالغ 180صفحة وقبل إدراك فحواه. وقالت شاكيد التي من أول واجباتها حماية السلطة القضائية واستقلاليتها، ما يلي: "من غير المعقول أن تكون الحكومة، المسؤولة عن اقتصاد البلاد ونموها، محرومة من الصلاحية الضرورية للفعل. من المستحيل العمل بهذه الطريقة في بلد يدار بشكل صحيح".
•هكذا ساهم الوزراء في التحريض وفي الخطاب الأجوف المعادي للمحكمة العليا. وقد درج وزراء الائتلاف الحكومي والمشرعون على تشجيع هذا الخطاب في السنوات الأخيرة، وازداد هذا الخطاب تشدداً في كل مرة لم يرق لهم فيها الحكم.
•واستغلت رئيسة المحكمة العليا ميريام ناؤور مناسبة تدشين محكمة الصلح في بيت شيمش يوم الثلاثاء الماضي، فخرجت عن عادتها ووجهت انتقادات علنية لهجمات الحكومة على الجهاز القضائي الذي ترأسه. ودون أن تذكر نتنياهو وشاكيد بالاسم، قالت إن التصريحات التي صدرت عن جهات في الحكومة والكنيست لا تتفق ودولة يهودية ديمقراطية تحترم حكم القانون.
•وبالفعل، لا يفترض أن يتحدث عن أعلى سلطة قضائية في الدولة على هذا النحو مسؤولون كبار منتخبون، وكان يجدر بنتنياهو أن يضبط انفعالاته، وخصوصاً رداً على قرار لا يروق له، وأن يعلن مثلما فعل مناحم بيغن في زمانه: "يوجد حقاً قضاة في القدس". وهكذا كان بوسعه أن يوجه رسالة تليق برجل دولة لكل المحرضين مفادها أنه ينبغي احترام الجهاز القضائي مهما كانت قراراته.
•ولو تكبد السياسيون عناء قراءة قرار المحكمة قبل أن يسارعوا إلى الرد، لكانوا اكتشفوا أن رفض "بند الاستقرار" [التزام الدولة عدم إدخال أي تغيير على الأحكام الناظمة لقطاع الغاز الطبيعي حتى العام 2025 لطمأنة المستثمرين وشركات الطاقة] في اتفاق الغاز، لا ينبع من استخفاف المحكمة بقوة وصلاحية الحكومة، بل من احترامهما.
•ومثلما حكمت المحكمة العليا في الماضي بأن للسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية صلاحية وواجب ممارسة اجتهادهما بشكل مستمر ودائم، ولكن لا تملك الحكومة ولا الكنيست الحاليان صلاحية تقييد اجتهاد أولئك الذين سيحكمون [سيتولون مناصب تشريعية وحكومية] في المستقبل.
•وعلى المسؤولين [ممثلي الشعب] أن يستوعبوا هذا الدرس لدى وضعهم خطة بديلة عن الاتفاق الذي ألغي.