أعلام إسرائيل بدلاً من أعلام سورية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

•من يقوم بزيارة هضبة الجولان سيشاهد كالعادة مشهداً طبيعياً جميلاً ومساحات واسعة مفتوحة. لكنه بعكس المعتاد، سيكتشف أن شيئاً ما قد تغير في هذا المشهد: الأعلام السورية اختفت وبدأت ترفرف محلها أعلام إسرائيل. 30% من سكان المنطقة الدرزية في مجدل شمس حصلوا على الجنسية الإسرائيلية، وبقية المناطق الدرزية على ما يبدو ستحذو حذوهم. إن الدروز الذين توقعوا على مدى سنوات طويلة أن تنتقل هضبة الجولان إلى سورية، بدأوا بالتعود على فكرة أنهم سيبقوا في دولة إسرائيل. وكثير منهم يعتقدون أمام مشهد النزيف الدموي الذي يجري في سورية، أن مصيرهم أفضل. فالتعود على العيش في دولة ديموقراطية يسودها القانون والنظام ومليئة بالفرص الاقتصادية، عملية طبيعية تقريباً.

•إسرائيلية الجولان بدأت تُقبل في المنطقة على أنها ظاهرة دائمة. إزاء ذلك، تتجه الأفكار إلى ما قبل 16 عاماً حين كانت خطوة واحدة- ولمزيد من الدقة، بضعة أمتار- كانت بين إيهود باراك وتوقيع اتفاق مع حافظ الأسد. هذا الاتفاق الذي كان سيشمل تسليم الجولان إلى سورية. وقبل ذلك بسنوات كان يتسحاق رابين أيضاً مستعداً للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق. ويبدو أن بعض الإسرائيليين ما زالوا يعتقدون أن تلك كانت صفقة جيدة، لكنهم اليوم قلة قليلة.

•ومن يريد أن يحاول استحضار مناحي التفكير التي كانت وراء محاولات باراك سحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان في إطار اتفاق مع سورية يشمل التنازل عن الجولان، أنصحه بقراءة كتاب عاموس غلبواع "القصة الحقيقية لخروج الجيش الإسرائيلي من لبنان" الذي يصف منحى تفكير السياسيين والجنرالات آنذاك، والانطباع المذهل الذي ينشأ من وصف المؤلف هو أن الجميع كانوا يركزون على المدى القريب. ويبدو أن الأمر الوحيد الذي أثار اهتمامهم هو الخروج من لبنان، ولم يهتموا كثيراً بحلفاء إسرائيل الذين تركوهم خلفهم.

•إن التنازل عن الجولان كجزء من صفقة شاملة كان يبدو وكأنه سيحل جميع المشكلات المباشرة، ومشكلات جيش لبنان الجنوبي التعيس. لكن السوريين لم يتعاونوا. لذلك، فإن السؤال الذي شغل اهتمام قادة الجيش الذين أرادوا الخروج من لبنان حتى من دون الاتفاق مع سورية هو: كيف نضمن صمود جيش لبنان الجنوبي خلال المدة الزمنية المطلوبة لخروج الجيش الإسرائيلي من هناك بسرعة وفجأة. لقد تجاهلوا نتائج ترك الحلفاء الذي قدموا قتلى في مواجهة حزب الله أكثر مما قدم الجيش الإسرائيلي، لكن يبدو أنه لم يكن لهؤلاء أمهات يتوسلن من أجلهم [إشارة إلى حركة الأمهات الأربع التي كانت في أساس التحرك الشعبي للمطالبة بخروج الجيش الإسرائيلي من لبنان]. لقد كان ذلك خيانة بكل معنى الكلمة.

•وبالإضافة إلى ذلك، أُهمل التكتيك الذي جرى تبنيه في الشهر الأخير الذي كنت فيه وزيراً للدفاع في حزيران/يونيو 1999: قصف جوي للبنى التحتية في لبنان لإجبار السوريين الذين كانوا يسيطرون حينها تماماً على لبنان على كبح حزب الله. وعلى الرغم من وجود انطباع بأن هذا التكتيك ناجح، فإنه لم ينجح في إثارة اهتمام أولئك الذين كانوا يتوقون إلى التنازل عن الجولان مقابل اتفاق.

•يعيش في شمال إسرائيل الآن مئات من عائلات جنود جيش لبنان الجنوبي سابقاً، ممن استطاعوا الهرب أثناء الانسحاب المتسرع للجيش الإسرائيلي، بالملابس التي كانوا يرتدونها فقط. والعديد منهم تركوا وراءهم عائلاتهم وأملاكهم وتوقعوا التعويض عليهم لقاء سنوات خدمتهم الكثيرة إلى جانب إسرائيل، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل مريرة. وألقيت مسؤولية الاهتمام بهم على عاتق أوري لوبراني- أحد الديبلوماسيين الممتازين في إسرائيل الذي طرح فكرة الانسحاب في إطار قرار الأمم المتحدة 425، على أمل أن يمنح ذلك شرعية دولية لرد إسرائيل على أي تحرش من جانب حزب الله. لكن المهمة كانت أكبر من قدرة الطاقم الصغير الذي وُضع تحت تصرفه، ولم يُعيَّن إطار بديل للقيام بالمهمة. ومع الأسف الشديد، فإن هذا الوضع مستمر حتى الآن.

 

 

المزيد ضمن العدد 2342