راضخون لروتين الإرهاب
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

•كان يوم أمس استثنائياً في روتين الإرهاب. وكما يبدو، تدل خمس هجمات أو محاولات هجوم في أربعـة أماكن مختلفة – قلنديـة والقـدس وبيتـاح تكفا وتـل أبيـب ويافا - انتهت بموت شخص وإصابة عشرة أشخاص بجروح من مستويات مختلفة، على ارتفاع درجة في مستوى العنف.

•زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بادين لإسرائيل ومشاركته في مناسبة في مركز بيرس في يافا، ليس بعيداً عن موقع الهجوم في مرفأ يافا، زادت المزاعم التي لا أساس لها بشأن وجود علاقة ما. لكن الحقيقة العارية هي عدم وجود علاقة. ليس هناك أي علاقة بين سلسلة الهجمات بالأمس سوى عامل ظرفي. 

•المهاجمون يوم أمس ينطبق عليهم ما أصبح معروفاً منذ أكثر من خمسة أشهر، أي منذ بدء الانتفاضة الثالثة التي قتلت حتى اليوم 34 إسرائيلياً ونحو 180 فلسطينياً. إنهم مهاجمون أفراد لا ينتمون إلى تنظيم، أغلبيتهم ذكور صغار السن ولكن يوجد نساء أيضاً، وبينهم من هو حتى في سن الكهولة. أما سلاحهم فكل ما يقع تحت أيديهم- سكين مطبخ، أو رشاش من نوع كارل غوستاف من صنع محلي. والهجوم يمكن أن يحدث في كل مكان، في المناطق، وفي القدس الشرقية، أو في أي مكان داخل حدود الخط الأخضر.

•إنها انتفاضة تعجز عن مواجهتها أجهزة الأمن العام (الشاباك) وشرطة إسرائيل والجيش الإسرائيلي. والهجمات ليست موجهة من تنظيم معين. ولا يستطيع الشاباك ولا قوات الأمن جمع معلومات مسبقة عنها، ولذلك ليس في الإمكان إحباطها. في مثل هذا الوضع من غير الممكن القيام بمبادرات لإحباطها، ولكن يمكن القيام بخطوات فقط رداً عليها.

•الحقيقة هي أن هناك رضوخاً للواقع، إذ يتعامل الجمهور مع الهجمات الإرهابية كما لو أنها قدر من السماء، أو حدث كوني، أو ظاهرة طبيعية. ومن جهة أخرى، تشير هذه المقاربة إلى حصانة قومية، وإلى أن المقولة الداعية إلى مواصلة وتيرة الحياة الطبيعية قد استوعبها [الجمهور] جيداً. لكن استسلام الجمهور للوضع القائم يخدم الحكومة، فالوزراء لا يتعرضون للانتقادات ولهذا يشعرون بالثقة لتضليل [الجمهور] باقتراحات تافهة لا حظ لها بأن تقر، وحتى لو أقرت فإنها لن تغير الواقع.

•إن الفرصة الوحيدة من أجل تقليص حجم هذه الظاهرة هو خطوة سياسية أو مبادرة جدية تدل على حسن نية من جانب إسرائيل. وهذا ما يقترحه ضمناً المستوى العملياتي - الشاباك والجيش - لكن التوصيات والاقتراحات لا تلاقي آذاناً صاغية لدى رئيس الحكومة نتنياهو ووزرائه، فهم يشعرون بالثقة لأنهم لا يتعرضون لضغط شعبي من أجل العمل على تغيير الواقع.

•في سنة 1992، أدى مقتل شابة من بيت يام إلى تظاهرات في الشارع، وفي النهاية تسبب الأمر بسقوط رئيس الحكومة اللامبالي والسلبي يتسحاق شامير في الانتخابات، وانتخب يتسحاق رابين.

•هذا لا يحدث هذه المرة، فأغلبية الجمهور غير مبالية وترضخ للواقع من دون أن تتحدى الحكومة ومن دون المطالبة بردود.

•في مثل هذا الوضع يمكن التقدير بأنه سيحدث غداً أو بعد غد أو ربما بعد أسبوع أو أكثر، هجوم جديد "فجأة". ومرة أخرى سيتهم السياسيون في الائتلاف السلطة الفلسطينية و"حماس" بالمسؤولية عن الوضع، ولن يكون مطلوباً منهم القيام بخطوات سياسية يمكنها تقليص هذه الظاهرة. 

•إنه روتين إرهاب يحصد ضحايا، ولكن بمقدار يبدو أن الجمهور يستطيع استيعابه.