•حدثان وقعا خلال يوم واحد أظهرا عمق الفجوة بين المستويين السياسي والعسكري فيما يتعلق بقضايا استراتيجية شديدة الأهمية: مثول رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء هرتسي هليفي أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست حيث ألمح إلى ضرورة عملية سياسية، وكلام وزير الخارجية جون كيري في مجلس الشيوخ الأميركي حيث قال إن رئيس الأركان الجنرال غادي أيزنكوت يعتقد أن الاتفاق النووي مع إيران حسّن وضع إسرائيل. وأي تكذيب لا يمكنه أن يردم هذه الفجوة.
•لم يقل هليفي صراحة إنه من دون عملية سياسية سينتشر العنف في المناطق، لكن هذا كان ما يمكن فهمه من كلامه. وهذا الكلام يعكس موقف رئيس الأركان وموقف منسق الأنشطة في المناطق اللواء يوآف (بولي) مردخاي. وفي كل التوجيهات المعطاة من مسؤولين عسكريين لكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي يُسمع نفس الكلام، إلى جانب توصيات بتقديم تسهيلات جديدة إلى سكان القطاع حيث الوضع الإنساني الكارثي يهدد إسرائيل. وإذا ما وصل الوضع إلى حد الانفجار، هم يوضحون، فالعنف لن يوجه ضد مصر التي أغلقت معبر رفح، إنما ضد سكان غلاف غزة.
•منذ صيف 2014 يسود هدوء في الجنوب لم يعرف مثله منذ زمن طويل - خلال الـ18 شهراً التي مرت أطلقت "حماس" 30 صاروخاً فقط، وهي الكمية التي كانت تطلقها قبل عملية [الجرف الصامد] خلال يوم واحد. ومن المحتمل أن يتضح أن تقدير القائد السابق للمنطقة الجنوبية سامي ترجمان الذي قال مباشرة بعد عملية الجرف الصامد إن الهدوء قد يستمر لسنوات، كان صحيحاً. كما أن توصيات الجيش في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] مشابهة: ضد الحصار، ومع تقديم تسهيلات اقتصادية وزيادة نسبة العمال الذين يعملون في إسرائيل من أجل تقليص حافز الانخراط في دائرة العنف. ويجب أن نضيف إلى ذلك الموقف الذي عرضه أيزنكوت في "خطاب المقص" [الخطاب الذي قال فيه أنه يجب عدم إطلاق وابل الرصاص على فتاة تنوي ارتكاب هجوم وتحمل مقصاً أو سكيناً]. في ما يتعلق بإجراءات فتح النار.
•وفي مواجهة هذا كله تأتي محاولات جهات سياسية لنزع الشرعية عن الآراء المهنية لكبار مسؤولي الجيش. وهذه المحاولات لتحييدهم من خلال استخدام اتهامات لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة بأنهم يتدخلون في السياسة، ترمز إلى توجه مثير للقلق. على سبيل المثال تحويل اللواء هرتسي هليفي إلى يساري، وهو الذي ترعرع في عائلة تنتمي إلى "بيتار" [تنظيم الشباب التابع للصهيونيين التصحيحيين وبعد ذلك لحركة حيروت]، وشقيقه عضو قديم في الليكود، وقد حاول رئيس الحكومة نتنياهو ترقيته إلى منصب سكرتيره العسكري، وهذا يدل على مدى سطحية النقاش وعدم جديته.