من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•بعد أن بدأ السباق الرئاسي في الولايات المتحدة، في الإمكان أن نفكر في الإرث الذي يريد الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما أن يتركه وراءه، وكيف سيحاول بلورة ذلك الإرث في السنة الأخيرة من ولايته.
•من المتعارف عليه أن الرئيس الأميركي في سنته الأخيرة أقرب إلى أن يكون "بطة عرجاء"، فهو غير قادر على فعل الكثير، لكنه في هذه السنة تحديداً يكون متحرراً نسبياً من القيود السياسية. إن إنجازات أوباما على صعيد السياسة الخارجية ضئيلة للغاية، وهو يستطيع أن ينسب لنفسه فقط مساهمته الكبيرة في منع المواجهة مع إيران. وفي مقابل ذلك، فهو يتحمل بقدر لا بأس به مسؤولية جمود العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين. لقد بدأ ولايته الأولى بضجة كبيرة بشأن هذا الموضوع، ويبدو أنه سينهي ولايته الأخيرة بصمت مطبق. إلا إذا تذكر سابقة تعود إلى سنة 1988. قبل عام من ذلك فشلت مساعي الإدارة الأميركية ووزير الخارجية في حكومة الوحدة الإسرائيلية شمعون بيرس وحسين ملك الأردن، في عقد مؤتمر دولي (في النهاية عُقد هذا المؤتمر، ونجح بعد وقت طويل في تحريك عملية سياسية)، لكن رئيس الحكومة حينذاك يتسحاق شامير، أفشل "مبادرة لندن" لأنه لم يكن من بين أمور أخرى، على معرفة بها.
•وفي تموز/يوليو 1988 قطع الملك حسين علاقات المملكة بالضفة الغربية، وترك إسرائيل قوة محتلة، وترك الدبلوماسية الأميركية محبطة حتى يومنا هذا. لكن في نهاية فترة رئاسة رونالد ريغن، اعترفت الإدارة الأميركية بمنظمة التحرير الفلسطينية (بوساطة سويدية)، وبدأت محادثات رسمية مع المنظمة. ويمكن اعتبار هذا القرار بداية "عملية أوسلو".
•لدى أوباما أيضاً وسيلة لتحريك عملية [سياسية] يعوّض فيها عن خيبة أمله من عدم نجاحه في الدفع قدماً بعملية سياسية إسرائيلية - فلسطينية. ولهذا الغرض هو بحاجة إلى طرف خارجي- سويدي، فرنسي، أو من يشاء - يقدم (بعد الانتخابات الرئاسية في 8 تشرين الثاني/نوفمبر) مسودة اقتراح قرار إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة، يحل محل القرار 242 الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 1967. ويمكن أن يستخدم القرار الجديد أساساً جديداً لأي مفاوضات بين إسرائيل وجيرانها. وكل ما هو مطلوب من أوباما أن يفعله هو ألا يفعل شيئاً، أي أن يسمح بالموافقة على اقتراح القرار من دون أن يستخدم الفيتو. وفي نهاية ولايته، من الصعب رؤية أي قوة تستطيع إجباره على استخدام الفيتو.
•عملياً، إذا أراد أوباما أن ينقش اسمه على خارطة معالم التسوية السياسية، فما يجب عليه فعله هو أن يطلب من سفيرته في الأمم المتحدة أن تقدم اقتراح القرار بنفسها.
•القيادتان الإسرائيلية والفلسطينية ستعتبران قراراً كهذا كابوساً. وستجدان نفسيهما مع آمال وأوهام مهشمة، وسيكون من الصعب عليهما تفسير كيف تلاشت تلك الآمال والأوهام. وهذا سيحدث لأن القرار الجديد عن مجلس الأمن في الأمم المتحدة سيكون تسوية، وكل تسوية مؤلمة لمن خدع نفسه بأوهام من الممكن التنصل منها.
•سينص القرار على أن التسوية الجغرافية ستكون على أساس خطوط 1967 مع تعديلات طفيفة تأخذ في الاعتبار فقط جزءاً من التغييرات الديموغرافية (توصيف مهذب للمستوطنات)، وكتل المستوطنات اليهودية. كما سينص القرار على أن عشرات آلاف فقط من اللاجئين الفلسطينيين يحق لهم العودة إلى إسرائيل إذا نجحوا في تحريات أمنية ليست بسيطة، والباقون سيحصلون على تعويضات من صندوق دولي سيشكل وسيطلب من إسرائيل المساهمة فيه بسخاء.
•سيُنشأ في الأماكن المقدسة في القدس نظام دولي. وستُقسم أحياء المدينة وفقاً للخطة التي اقترحها اقترحه الرئيس بيل كلينتون سنة 2000: ما هو عربي للعرب وما هو إسرائيلي للإسرائيليين. وكي لا يبدو القرار منقطعاً تماماً عن التطورات في المنطقة، سيتقرر تطبيق بنوده على مراحل، بما يتلاءم مع قرارات لجنة تكون إسرائيل وفلسطين أعضاء فيها من دون أن يكون لهما حق الفيتو.
•ليس أكيداً أن قراراً كهذا سيجلب الخلاص، وبالتأكيد ليس على الفور. ففي ضوء عدم وجود ترسيم دقيق لخط الحدود، سيبقى هناك هامش كبير للمساومة. وفي غياب تفاصيل بشأن مكونات السيادة مثل السيطرة على المجال الجوي أو المسؤولية عن الأمن الداخلي، يستطيع الطرفان مواصلة التمسك بمواقفهما التقليدية. لكن المساهمة الكبيرة لهذا القرار ستكون بتثبيته مبدأ دولتين لشعبين، وتفكيك مكونات مشكلة القدس، ومن خلال الاعتراف بوضوح بعودة لاجئين فلسطينيين إلى أراضي إسرائيل.
•يمكننا منذ الآن صياغة ردود الأطراف المعنية: القيادتان الإسرائيلية والفلسطينية ستستخدمان 50 نوعاً من الإدانة والغضب والشكوى. لكن إذا استطعنا إزالة القناع عن وجهي رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الفلسطيني فسنكتشف ابتسامة لأن قراراً كهذا سيحررهم، ولو ليس تماماً، من مواجهات كلامية وغيرها، يمكن أن تحدث فيما لو إذا أرادا التوصل إلى النتيجة عينها بمبادرة منهما من دون قرار من مجلس الأمن.
•إذا أراد بنيامين نتنياهو أن يثني الرئيس الأميركي المنتهية ولايته عن تبني مبادرة كهذه، يتعين عليه أن يقترح بديلاً حقيقياً. على سبيل المثال، إعلان موافقته على أن تكون مفاوضات بشأن الحل الدائم على أساس خطوط 1967 واعتبارات أمنية وديموغرافية، والتعهد، مثلاً، بوقف كل بناء يهودي خارج الكتل الاستيطانية اليهودية، والامتناع عن البناء في القدس الشرقية. كما يستطيع نتنياهو أن يقترح تسهيلات واضحة ومحددة للسكان الفلسطينيين في مجالات المياه وتراخيص العمل في إسرائيل، وأجزاء من الاتفاق الاقتصادي بين إسرائيل والفلسطينيين مع جدول زمني للتطبيق.
•لقد قُدمت إلى نتنياهو خطط تفصيلية في هذا الموضوع، وإذا وافق عليها وقدمها إلى الإدارة الأميركية فمن المحتمل أن يغيّر أوباما رأيه ويحول دون قرار لمجلس الأمن في الأمم المتحدة في هذا الشأن.