•عندما أطلع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الحكومة في الفترة الأخيرة على تأخر المفاوضات المتعلقة باتفاق المساعدة الأمنية مع الولايات المتحدة، لم ينتقد الإدارة الأميركية وبالتأكيد لم "يهددها" كما كتبت بعض الصحف الإسرائيلية. لكنه أوضح أنه إذا لم يكن إطار الاتفاق في شكله المقترح يتلاءم مع حاجات إسرائيل الأمنية، فإنه سيكون من الضروري تمديد النقاشات حتى إلى ما بعد ولاية الرئيس الحالي. في هذه الأثناء تتواصل بصورة منتظمة النقاشات بين الجهات الأمنية الأميركية والإسرائيلية، وشهدت الأيام الأخيرة محادثات أجراها طاقم أميركي مع أطراف في القيادة العليا للأمن القومي في ديوان رئيس الحكومة، ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية والجيش الإسرائيلي.
•ويعود السبب الحقيقي للتأخير إلى تطورات في الميزانيات الأميركية لا علاقة لها مباشرة بإسرائيل. فقبل ثلاثة أشهر أعلن الرئيس أوباما أنه في مواجهة الاحتياجات المالية الكبيرة للولايات المتحدة في مجالات الصحة والبنى التحتية والموضوعات الاجتماعية وغيرها، فإنه لن يوافق على طلب البنتاغون زيادة ميزانية الدفاع زيادة كبيرة، لكنه الآن غيّر موقفه ووافق على زيادة ميزانية الدفاع بمليارات كثيرة.
•السبب في هذا التبدل في الموقف يعود بحسب تفسيرات رائجة في واشنطن إلى التغييرات الاستراتيجية الجيوسياسية التي حدثت في العالم - الحرب ضد تنظيم داعش، المواجهات المحتملة والفعلية مع روسيا في الشرق الأوسط وشرق أوروبا، ومع الصين في الشرق الأقصى.
•ليس سراً أن جزءاً لا بأس به في قائمة المخزون الموجود لدى الأميركيين، والمخزون الاحتياطي المخطط له، موجود أيضاً في قائمة المطالب الأمنية الإسرائيلية في إطار الاتفاق الأمني المنتظر. لكن توجد خلافات معينة بشأن الأنواع والكميات. ونظراً إلى كوني من الأشخاص الذين شاركوا مرات عدة في المفاوضات مع إدارتين أميركيتين مختلفتين وأربع حكومات إسرائيلية فيما يتعلق بهذه الموضوعات، أستطيع القول إن مثل هذه الأسئلة أثيرت في الماضي، سواء في ما يتعلق بالمساعدة العسكرية السنوية العادية، أو بشأن اتفاقات مساعدة خاصة، وفي بعض الأحيان لم تكن تغيب شروط وتحفظات سياسية للجانب الأميركي لا علاقة لها تماماً بالموضوع الأمني الصرف. وهذا من طبيعة كل مفاوضات بين دولتين، على الرغم من أن الالتزام الأميركي الأساسي بحاجات إسرائيل الأمنية لم يكن يوماً، وليس هو اليوم، موضع شك.
•مع ذلك، فإذا كان التعاطي الاستراتيجي للولايات المتحدة قد شهد تبدلاً من جراء التغيرات الجيوسياسية في العالم، فإن هذا ينطبق أضعافاً مضاعفة على إسرائيل أيضاً: الواقع الجديد في موضوع إيران بعد الاتفاق النووي، والتطورات في سورية والعراق التي من الصعب التنبؤ بانعكاساتها، وعدم الاستقرار الشامل في المنطقة بأسرها (بالإضافة إلى حزب الله و"حماس" وداعش). ويستدعي هذا الوضع في رأي إسرائيل زيادة في المساعدة تتيح لها شراء المزيد من الطائرات الهجومية المتطورة، ومنظومة دفاعية ضد الصواريخ، وأجهزة سيبرانية وتكنولوجيات أخرى، ووفقاً لما نشرته صحف في الخارج، أيضاً من أجل شراء تكنولوجيا ومواد متطورة للقضاء على خطر الأنفاق. ويمكن افتراض أنه بالاضافة إلى ما ذُكر سابقاً، يجري الحديث عن وسائل مختلفة تتيح لإسرائيل الاستعداد لمواجهة تهديدات قد تحدث من جراء الخلل والثغرات الموجودة في الاتفاق النووي مع إيران، ولمواجهة النشاطات العدائية والإرهابية في المنطقة.
•نأمل أن يبذل الطرفان جهوداً كبيرة من أجل إنهاء النقاشات قبل نهاية ولاية الإدارة الحالية. هذه هي نية رئيس الحكومة الذي سيلتقي الرئيس أوباما بعد شهر خلال انعقاد مؤتمر منظمة أيباك.