•لا يوجد خطر وجودي على إسرائيل، يقول رئيس الموساد المنتهية ولايته تامير باردو الذي استقال قبل عشرة أيام بعد خدمة 35 عاماً في المؤسسة، الخمسة الأخيرة منها تولى رئاستها. تقدير باردو هذا الذي لن يستسيغه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو صدى لكلام مشابه قاله من سبقه في هذا المنصب، مئير داغان. قال باردو في مقابله خاصة مع "ساحة البيت"، التي هي نشرة دورية للشؤون الاستخباراتية والأمنية يصدرها مركز "الإرث الاستخباراتي" في غليلوت [(israel intelligence heritage & commemoration center (iicc] بمناسبة مرور 30 عاماً على تأسيسه: "الجميع يعرف أن إسرائيل دولة قوية جداً. لم نعد في الزمن الذي اضطرت إسرائيل خلاله كدولة صغيرة إلى مواجهة خطر وجودي".
•وقال باردو في المقابلة: "في بداية تولي منصبي كرئيس للموساد التقيت مسؤولاً كبيراً من دول الأطراف العربية (بالاستناد إلى تقارير غربية، يمكن افتراض أن ما قصده باردو هو السعودية أو إحدى دول الخليج)، سألني إذا كنا قررنا العيش في الشرق الأوسط، لأننا في رأيه لم نفعل ذلك. وعندما سألته لماذا يعتقد ذلك؟ سأل: كم عدد الإسرائيليين الذي ولدوا في البلد يعرفون اللغة العربية؟ وما هو العدد الاجمالي للذين يريدون معرفتنا؟ وكيف تريد أن تفهمني وأن تسكن في الشرق الأوسط من دون معرفة اللغة التي يتحدث بها مئات الملايين؟ وكم عدد الأشخاص عندكم الذين فتحوا القرآن؟ ليس للصلاة، بل لمحاولة فهم ما كتب فيه، وليفهموا الثقافة. نحن لسنا جميعاً متشابهين، يوجد فرق بين المصري والأردني والفلسطيني والسعودي أو اللبناني. أنتم لا تعرفون الجميع ولا تعرفون شيئاً. من الأسهل لكم أن تعيشوا في كندا. هناك ستشعرون أنكم في وطنكم أكثر مما تشعرون بذلك هنا من الناحية الثقافية. فلماذا لا تزالون هنا؟ أنتم لم تختاروا بعد أن تكونوا جزءاً من الشرق الأوسط؟".
•في رأي رئيس الموساد المنتهية ولايته: "إن أكبر تحدّ مطروح على رئيس الموساد هو التأقلم مع الواقع. إن هذا الواقع مختلفاً تماماً عن الواقع الذي كان قائماً عندما تجندت في الجيش سنة 1971. مواجهة مسائل الردع تغيّرت تغيراً مطلقاً لأن المخاطر اختلفت. حزب الله مختلف تماماً عما نعرفه، كما تغيرت إيران بصورة كلية، وكذلك تركيا والسعودية لم يعودا كما كانا عليه".
•وفي رأي باردو "مسألة الردع تشهد تغيراً ويجب علينا أن نأخذ في الحسبان تأثير أحداث بعيدة عن منطقتنا. نحن نعيش في منطقة الزمن فيها واحد ولا أهمية للمسافات. لا تكفي السيطرة على المحيط المحاذي لنا، ويجب أن نفهم صعوبة توفير ردع لكل حادث يقع من حولنا، لكن يتعين علينا أن نعرف بوقوع الأحداث في زمنها الحقيقي، ويجب أن أعرف انعكاساتها على النطاق الأوسع. الاستخبارات أصبحت مختلفة".
•يشدد باردو أيضاً على الثورة التي طرأت على كل ما له علاقة بالمعلومات وتأثير الإعلام في الاستخبارات. يقول: "نحن نعيش في قرية عالمية في زمن واحد. وهذا يعني أن المسافة لم تعد شيئاً مهماً. على سبيل المثال جزء مما حدث في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973] ما يزال سرياً، لكن الحروب الحديثة تغطى إعلامياً من خلال الإنترنت وبالبث الحي. منذ بداية القرن الواحد والعشرين كل شيء أصبح شفافاً. والجميع يرى كل شيء طوال الوقت".
•في المقابلة وصف باردو وضع إسرائيل والوضع المتغير في الشرق الأوسط بمثابة الجمع بين ما يسميه "Friendemy" وهو مصطلح يجمع كلمتي صديق وعدو. ووفقاً لباردو: "نحن نعيش اليوم في عالم كل شخص هو صديق وعدو في الوقت عينه. ففي لحظة هو عدو، وفي لحظة أخرى هو صديق. ومع كل قوة من القوى الفاعلة في الشرق الأوسط وفي العالم عامة، هناك أهداف مشتركة الى جانب العداء والمنافسة. من الطبيعي أن تكون مؤسسة الموساد في المنطقة الرمادية، فبالنسبة إلينا كل شخص هو عدو وصديق في آن معاً".
•لم يذكر باردو أسماء دول أو منظمات ينطبق عليها هذا التعريف. لكن يمكن التفكير بتنظيم مثل جبهة النصرة (الذراع العسكرية للقاعدة) الذي يسيطر على المنطقة الحدودية بين سورية وإسرائيل ويحافظ على الهدوء هناك. لا تفعل جبهة النصرة ذلك انطلاقاً من صداقتها مع إسرائيل بل بسبب وجود أعداء آخرين مثل نظام الأسد وتنظيم داعش. مثال آخر للعدو الذي هو صديق له مصالح مشتركة معنا، السعودية التي هي مثل إسرائيل تعتبر إيران عدواً لها.
•من المعروف استناداً إلى تقسيم العمل في الاستخبارات، أن مسؤولية العلاقات مع دول ليست لديها علاقات علنية مع إسرائيل ومع أجهزة استخبارات في العالم، ملقاة على عاتق الموساد. في الماضي نشرت أخبار كثيرة عن أن رؤساء الموساد وأيضاً زعماء الدولة، مثل رئيس الحكومة إيهود أولمرت، التقوا رؤساء الاستخبارات السعودية وموظفين كباراً في المملكة لتبادل الأفكار وإجرء تقويمات وتبادل معلومات استخباراتية. نأمل أن تستمر هذه الاتصالات خلال ولاية يوسي كوهين الذي حل محل باردو.