على نتنياهو الاعتراف بتقصيره في هجوم تل أبيب لا إلقاء المسؤولية على القطاع العربي
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•ثمة أسباب عديدة تجعل من هجوم تل أبيب الذي وقع يوم الجمعة الماضي حادثاً خطيراً بصورة خاصة. أولاً: استخدام السلاح الناري؛ ثانياً: عدد المصابين؛ ثالثاً: كون القاتل من العرب في إسرائيل؛ رابعاً: فرار القاتل مع سلاحه سالماً؛ خامساً: هوية القتلى وكونهم مدنيين وليسوا جنوداً. ويمكن أن نضيف سبباً سادساً هو مكان وقوع الهجوم. إن هجوماً إرهابياً على كريات غات أو بئر السبع أو مفرق طرق في غوش [عتسيون] لا يعني أحداً خارج دولة إسرائيل، لكن هجوماً يقع في قلب تل أبيب هو خبر دولي. 

•إن هجوماً إرهابياً ليس كارثة طبيعية بل هو من صنع الإنسان. وفي خلفيته أعمال وتقصيرات أفراد ومؤسسات دولة كان في إمكانهم منعه لكنهم لم يفعلوا ذلك. هناك شخص مسؤول عنه؛ هناك مذنب. وهذا هو الافتراض الأساسي بالنسبة لنا كإسرائيليين. شعوب أخرى في دول أخرى قد تقتنع بأن الضربات التي لحقت بها هي من صنع القدر أو إرادة إلهية، لكننا مختلفون. نحن نبحث عن تفسير وننتقد ونستخلص العبرة. 

•بطبيعة الحال تتوجه أنظارنا إلى رئيس الحكومة. ويصح هذا على كل رئيس حكومة وبصورة خاصة على نتنياهو في ولايته الرابعة. ففي الحكومة الحالية هو المسيطر: نحو ثلث الحقائب في يده، ولا ينافسه أحد من الوزراء، كما أن المعارضة ضعيفة ومذعورة، وليس هناك غيره في السراء والضراء. 

•لا يعني هذا أنه يعتبر مسؤولاً عن كل أمر سيئ يحدث هنا. وليس نتنياهو معلماً في روضة أطفال ولسنا أطفالاً. فإذا قرر شاب من وادي عارة أن يضع سلاحاً في حقيبته ويطلق النار على الناس، فإن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتقه، ومن بعده على الذين سمحوا له بالوصول إلى هذا السلاح، ثم على سلطات الأمن التي أعادت السلاح إلى والده برغم معرفتها بماضي الابن الصارخ، وفي النهاية إنها مسؤولية الشخصية التي أصدرت أمراً شاملاً بمنع نشر [معلومات عن المهاجم] وربما سهلت بذلك فراره. تتطلب جميع هذه التقصيرات والأفعال تفحصاً. وهي لا تقع ضمن مسؤولية رئيس الحكومة.

•صحيح أنه لو كان نتنياهو اليوم رئيساً للمعارضة لكان زار حي ديزنغوف يوم الجمعة، وتصوّر أمام الرصيف المغطى بالدماء واتهم رئيس الحكومة بالتقصير. هذا ما فعله خلال فترة الهجمات الانتحارية في مواجهة رابين وبيرس. لكن ذنوبه القديمة يجب ألا تعمي أبصارنا عن كل ما هو مطلوب من رئيس الحكومة وما هو غير مطلوب منه.

•يتعين البحث عن مسؤولية نتنياهو في أماكن أخرى. عندما زار مكان الهجوم في نهاية يوم السبت، اتهم القطاع العربي بأنه دولة داخل الدولة. وقال إنه في دولة العرب "يوجد سلاح غير شرعي يستخدم في أوقات كثيرة في إطلاق النار في الأعراس والأفراح وكذلك في حوادث إجرامية". 

•هذا كله صحيح باستثناء حقيقتين. الأولى هامشية وعرضية. فالسلاح المستخدم هنا كان شرعياً بصورة مطلقة مثل كل سلاح يقترح وزراء الليكود السماح لأي مواطن بحمله. أما الحقيقة الثانية فجوهرية، وهي وجود تقصير في تطبيق القانون في القطاع العربي، وهذا يتحمل مسؤوليته نتنياهو. فخلال السنوات السبع الأخيرة كان هو رئيساً للحكومة. وخلال تلك الفترة كرر أعضاء الكنيست العرب وعلى رأسهم أحمد الطيبي تحذيراتهم، وقالوا له إن القطاع العربي يطفح بالسلاح غير الشرعي وبالعنف والجريمة، افعل شيئاً ما. نتنياهو أهمل الموضوع. والآن بعد أن أصبح  مطروحاً على جدول الأعمال، ها هو يلقي بتقصيره على عاتق غيره. 

•لا يملك نتنياهو حلاً لموجة الارهاب التي تمر بها الدولة. وفي الحقيقة، ليس لدى الآخرين أيضاً في هذه اللحظة صيغة سحرية، لا لدى المؤسسة السياسية ولا لدى المؤسسة الأمنية. إن الزعيم الحقيقي هو الذي يخاطب مباشرة جميع مواطني دولته ويقول لهم الحقيقة. لكن ليس هذا ما يفعله نتنياهو، فهو يبحث عن متهمين بالتقصير، والمتهم المباشر والسهل هو الجمهور العربي في إسرائيل.

 

•ومثلما فعل من خلال الإعلان الكاذب يوم الانتخابات، فإنه يدفع اليهود والعرب في إسرائيل إلى مواجهة في ما بينهم، هذا القطاع ضد ذاك. لا تنطوي هذه الخطوة في الوقت الراهن على فائدة سياسية. فالانتخابات بعيدة، وبالتأكيد هي ليست مفيدة أمنياً، وأكثر ما تكشفه هو عري نتنياهو وخوفه وضعف شخصيته.

 

 

المزيد ضمن العدد 2284