•اختيار رئيس الحكومة يوسي كوهين ليكون الرئيس الـ12 للموساد هو اختيار صحيح وموضوعي ويعكس تفضيلاً واضحاً في مجال الأمن القومي لإسرائيل. كثيرون جاؤوا بالأمس إلى منزل كوهين، ووصف مئير داغان مستشار الأمن القومي السابق ونائب رئيس الموساد السابق التعيين بأنه "جيد جداً".
•كما هو معروف، يهتم الموساد بثلاثة مجالات، الأكثر أهمية بينها هو جمع معلومات استخبارية حيوية للأمن في أنحاء العالم. المجال الثاني هو عمليات سرية يهدف جزء منها إلى الحصول على معلومات استخبارية، في حين يهدف معظمها إلى إحباط وتعطيل تهديدات لأمن دولة إسرائيل ومواطنيها، سواء في مجال محاربة الإرهاب أو مجالات أُخرى، مثل تشويش البرنامج النووي الإيراني وعرقلته. كما يهتم الموساد بالعمليات التي تهدف إلى ضمان سلامة الشعب اليهودي في الشتات وأمنه.
•المجال الثالث هو علاقات دولة إسرائيل الخارجية السرية، خصوصاً مع دول ليست لديها علاقات دبلوماسية معها، وإقامة علاقات مع الأجهزة الاستخبارية في دول صديقة عندما لا تكون العلاقات الرسمية معها جيدة، مثل العلاقات مع جهاز الاستخبارات الأميركي CIA التي تبقى على ما يرام حتى عندما تكون العلاقات بين إدارة أوباما ونتنياهو على غير ما يرام.
•يكشف اختيار يوسي كوهين بوضوح تفضيل نتنياهو في هذه الفترة للعلاقات الخارجية السرية التي تجري من خلال الموساد.
•قبل أي شيء، هذه العلاقات ضرورية لبلورة تعاون دولي لمحاربة الإرهاب، وللسماح لدولة إسرائيل بالقيام بدورها والتأثير في التحركات الدولية التي تتركز على القضاء على إرهاب الإسلام المتطرف النضالي. وفي الواقع، من دون تعاون دولي من غير الممكن إحباط ومحاربة فعالة للارهاب الداخلي من نتاج المحور الراديكالي الشيعي بزعامة إيران، وفي الإرهاب الجهادي السني الذي يشكل داعش رأس الحربة فيه من دون أين يكون العنصر الوحيد العامل في إطاره.
•وحده التعاون الدولي الذي في إطاره تساهم إسرائيل في تقديم معلومات وقدرات وتكنولوجيا وتحصل من الآخرين على معلومات وقدرات عملانية، هو الذي يسمح بمحاربة فعالة للتهديدات التي تحيط بنا، والتي تهدد أغلبيتها سلام العالم أيضاً.
•السبب الثاني للحاجة إلى زيادة النشاط الدبلوماسي السري في إطار الموساد هو العزلة السياسية المتزايدة لدولة إسرائيل في الفترة الأخيرة. فهناك العديد من الدول، مثل السويد على سبيل المثال، تنتهج سياسة مقاطعة لإسرائيل، لكنها مستعدة للتعاون معها عن طيب خاطر عندما يتعلق الأمر بالحوار بين الأجهزة الاستخبارية.
•السبب الثالث لتفضيل خيار السياسة الخارجية السرية في إطار الموساد هو استغلال الفرص. ليس سراً أنه توجد لدول عربية وإسلامية مصالح مشتركة قوية مع دولة إسرائيل. وبرغم ذلك، فإن هذه الدول ليست مستعدة لإقامة علاقات علنية وطبيعية معها على الأقل حتى الاتفاق على تسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. والموساد هو القناة التي من خلالها تجري العلاقات الأكثر وضوحاً والأقل وضوحاً.
•يوسي كوهين هو الرجل المناسب لتولي رئاسة الموساد في هذه الفترة لأن التجربة الدولية التي راكمها عندما كان رئيساً لفرع الموساد في أوروبا، وكذلك عندما كان مستشاراً للأمن القومي، لا تقدر بثمن. وقد أثبت قدراته في هذا المجال عندما أدار في الفترة الأخيرة الحوار مع الأميركيين مع نائب مدير عام وزارة الخارجية الديبلوماسي جيريمي يسّخروف، خلال الفترة التي أجرت فيها الدول العظمى مفاوضات بشأن الاتفاق النووي مع إيران.
•كان كوهين بوصفه رئيساً لمجلس الأمن القومي على صلة بالمفاوضات أكثر مما كان ظاهراً، وأثر على النتائج النهائية برغم أنها لم تكن لصالح إسرائيل وقلّص الأضرار. كما عالج كوهين ويسّخروف موضوعات حساسة أخرى مع الإدارة الأميركية في ذروة العداء بين أوباما ونتنياهو.
•وليس هذا كل شيء، فلدى يوسي كوهين تجربة غنية في المجال العملاني "البشري" (الاستخبارات التي تستند إلى مصادر بشرية)، وكان رئيساً لشعبة "تسومِت" التي استخدمت ضباطاً لجمع المعلومات والعملاء خلال ذروة الحرب السرية ضد البرنامج النووي الإيراني. وقد نال طاقم برئاسة كوهين من شعبة "تسومِت" جائزة أمن إسرائيل.
•يفتقر كوهين إلى التجربة والتخصص في المجالين التكنولوجي والسيبراني الذي كان مختصاً فيه رئيس الموساد المنتهية ولايته تامير باردو، ونائبه الذي كان مرشحاً للمنصب ولكن في النهاية لم يجر اختياره.
•يتمتع كوهين بعدة نقاط في نظر رئيس الحكومة، فهو ابن عائلة مقدسية لديها جذور قديمة في أرض إسرائيل، والده كان كبار الإيتسل في القدس. من هنا فإنه من الزاوية السياسية وكذلك فإن خلفية كوهين، شكلا خياراً طبيعياً من وجهة نظر نتنياهو.
•يوسي كوهين الذي سينتقل إلى الموساد من مكاتب مجلس الأمن القومي لن يحتاج إلى وقت طويل للتأقلم، ليس لأنه يعرف عمل الموساد جيداً ولا لأنه كان نائباً لرئيسه، إنما لأن عمله في مجلس الأمن القومي على تماس مع عمل الموساد في مجالات كثيرة. ومن هنا ليس من المتوقع حدوث هزات ولا استقالات ولا شتائم. لقد كان يوسي كوهين مرشحاً طبيعياً، ومن الطبيعي حصوله على هذا المنصب.