داعش يختلف عن الفلسطينيين
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني

•الهجوم [الإرهابي] في باريس لا يبرر أبداً استمرار سيطرتنا على الفلسطينيين، ولا يجعل رؤيا الدولة الثنائية - القومية أفضل بالنسبة لدولة إسرائيل.

•لو استطاع عناصر داعش المس بأبو مازن وقطع رأسه لما ترددوا. فبالنسبة إلى الإسلام المتطرف الذي يتبع فكر داعش، الفلسطينيون وقيادتهم هم من الكفار. وفي الواقع، إن الهجوم الذي شهدته باريس لا علاقة له بالنضال الفلسطيني، وهو لا يمثل العالم العربي كله، ومحاولة الربط بينه وبين الإرهاب الذي نتعرض له كإسرائيليين، قد يلاقي آذاناً صاغية لكن لا علاقة له بالواقع، فالإرهاب الإسلامي المتطرف موجّه أيضاً ضد أولئك القاطنين في الأردن ومصر ورام الله الذين يعتبرون إسرائيل والعالم الغربي حلفاءهم.

•منذ إعلان حصول الهجوم، لم تتوقف ماكينات الدعاية اليمينية عن العمل. والرسالة بسيطة وواضحة - الإرهاب هو نفسه الإرهاب، والعرب هم العرب أنفسهم، والحبر هو البحر نفسه. ولم تتوقف محاولة تحقيق مكسب سياسي على حساب القتلى والجرحى في باريس. وكان ممكناً أيضاً الشماتة والسخرية من رغبة أوروبا في رؤية حل للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني. 

•إلى جانب الطريقة البشعة التي يصور فيها الأمر ويفسر، فإنه حتى من الزاوية الجوهرية ما نسمعه ليس سوى ديماغوجية رخيصة. فالهجوم [الارهابي] على باريس لا يبرر ولو للحظة استمرار سيطرتنا على الفلسطينيين، ولا يجعل رؤيا الدولة الثنائية – القومية أفضل بالنسبة لدولة إسرائيل. ومهما بذلنا من جهد، فإن المستوطنات واحتلال المناطق لن يصبحا شرعيين بسبب إرهابيين إسلاميين متطرفين يهاجمون قلب باريس. إن العالم سيظل ينظر إلى إسرائيل، وعن حق، على أنها رأس حربة في مواجهة الارهاب وسيواصل منحنا مساعدة عسكرية واستخباراتية وسياسية. لكن العالم أيضاً لن يقبل دعم مواصلة الاحتلال والمستوطنات واستمرار سيطرتنا على الشعب الفلسطيني تحت غطاء حرب شاملة ضد الإرهاب.

•وقبل أن تتوالى التعقيبات على هذا المقال، أود إيضاح أن الإرهاب مدان ولا شرعي ومرفوض بتاتاً، ولا يوجد أي شيء يمكن أن يبرر، حتى النضال من أجل الاستقلال الوطني، القتل والاعتداء على الأبرياء. يمكننا إدانة الإرهاب ليلاً ونهاراً، بيد أنه من أجل القضاء عليه يجب أن نعرف دوافعه ومعالجته من جذوره. 

•إن الدافع إلى الهجوم الوحشي في باريس هو الصدام بين قيم ديموقراطية تدعم المساواة والحرية والأخوة، وقيم إسلامية متطرفة تدعو إلى نشر الإسلام والقتل انطلاقاً من إيمان ديني. وخلافاً للإرهاب الداعشي، فإن النضال الفلسطيني الذي تتعرض له إسرائيل، والذي يشمل أيضاً هجمات إرهابية غير شرعية، دافعه في الأساس التطلع الفلسطيني للاستقلال والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي.

•قبل بضعة أسابيع فقط، قال رئيس الاستخبارات العسكرية، اللواء هرتسي هليفي إن سبب نشوب موجة العنف الأخيرة التوتر بشأن جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، ومقتل عائلة الدوابشة، وشعور الجمهور الفلسطيني بالإحباط نتيجة عدم وجود أفق سياسي. إن الواقع الذي يعيش في ظله آلاف الإسرائيليين المعرضين للخطر يمكن أن يتغير، فالقيادة الفلسطينية وأغلبية الجمهور الفلسطيني يقبلان بتقسيم البلد وحل الدولتين، والمحرك لنضالهم ليس الرغبة في تدمير الغرب أو القضاء على إسرائيل، بل الرغبة في العيش بكرامة، والتمتع بحقوق واستقلال وطني، مثلما يحق لأي شعب آخر.

•بالإضافة إلى ذلك، يجب عدم الاستخفاف بالذين يعتبرون أن هجوم باريس يستدعي استنهاض العالم الغربي وإسرائيل لمحاربة الإرهاب الإسلامي المتطرف. إن داعش والقاعدة وأشباههما تنظيمات متطرفة تستند إلى أيديولوجيا دينية متطرفة هدفها الحرب ضد قيم الديموقراطية. وهذه الحجة التي نسمعها خصوصاً من جانب اليمين، تستحق انتباهاً وإصغاء خاصين. 

•إن الإسلام المتطرف الأصولي هو عدو خطر يجب العمل ضده بكل الوسائل الممكنة. وحتى في العالم العربي تجري حرب بين المتطرفين والمعتدلين. بين الذين يؤمنون بالسلام والذين يؤمنون بالحرب الدينية.

 

•ويتعين علينا نحن الموجودين في قلب الخطر، وفي عمق الشرق الأوسط، أن نفهم ذلك والتصرف بما يتلاءم مع خطورة الوضع. وإذا استمررنا في رفضنا إنهاء سيطرتنا على الفلسطينيين، فإن المعتدلين من أنصار التعايش سيجري الاستخفاق بهم، وسيخسرون قوتهم وسيقل عددهم. في إمكاننا شن حرب لا هوادة فيها على المتطرفين، لكن كي نستطيع أن نخوض هذا النضال حتى النهاية وننتصر فيه، يجب أن نتحالف مع المعتدلين. ولأن نضالنا سيكون من أجل المساواة والحرية والأخوة، فإن العالم كله سيقف إلى جانبنا، وسنجد شركاء لنا في العالم العربي. أما إذا ناضلنا من أجل قيم تعني السيطرة على شعب آخر، وخسارة الديمقراطية ومواصلة للاحتلال، فإننا سنجد أنفسنا كالعادة وحدنا، في حرب لا نهاية لها، دموية وميؤوس منها.