المنطقي هو أن ينتهي اللقاء مع أوباما بسلام - لكن نتنياهو لا يلتزم بالمنطق
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى لقائه مع الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض مع مزيّة نفسية واضحة. ففي الأشهر الأخيرة سجل نتنياهو رقماً قياسياً من التصرفات غير المنتظرة التي لم تنجح فقط في مفاجأة كبار معارضيه، بل فاجأت أيضاً كبار مؤيديه. إن قدرة نتنياهو الأكيدة على العمل ضد ما يعتبر منطقاً أساسياً ومصلحة شخصية، تضمن أن يتعامل معه أغلبية محاوريه في واشنطن وبينهم أوباما، كي لا يثيروا جنونه. 

•السلوك المتقلب وغير المنطقي من العوارض المعروفة لظواهر نفسية كثيرة. ويعتقد باحثون في نظرية التطور والارتقاء أن الكائنات التي تبنت سلوكاً غير متوقع نجحت في التهرب من الحيوانات التي أردات افتراسها والبقاء خلال الأجيال المقبلة. وبالنسبة إلى سياسي مثل نتنياهو يشعر بأنه مضطهد ومعزول، فقد تبين أنه الأطول بقاء في السياسة الإسرائيلية، وهذا ألف باء المهنة.

•بسبب هذا كله، فإن جميع التوقعات والإرشادات والتقديرات والتحليلات المتعلقة بلقاء نتنياهو مع أوباما تصاغ بعبارت مثل "النية هي" و"الأمل هو" و"التقدير هو". منطقياً، للرجلين مصلحة مشتركة في إنجاح الاجتماع المتوتر بينهما، وتخطي العوائق من دون أن يسبب لهما ذلك إحراجاً. لقد انتصر أوباما في نضاله المتعلق بالاتفاق مع إيران، ويبدو أنه يئس من تقدم عملية السلام وهو معني بهدوء على صعيد الوسط اليهودي، والكونغرس تمهيداً لسنته الأخيرة في البيت الأبيض، ويسعى الديموقراطيون للوصول إلى البيت الأبيض مجدداً. أما نتنياهو فيبحث عن رزمة مساعدات أفضل، ويحتاج إلى دفاع الإدارة عنه في الساحة الدولية المكفهرة، وينبغي أن يكون مسروراً جداً من تجميد الرئيس بمبادرة منه لطموحاته السياسية.

•لكن هذا المنطق ليس مرتبطاً دوماً بالطريقة التي يتصرف بها نتنياهو، وهذه الظاهرة أصبحت أكثر حدة في الفترة الأخيرة. لنفترض أن خطاب نتنياهو في الكونغرس ضد الاتفاق النووي مع إيران، برغم أنف أوباما، كان يمكن احتواءه، مع أن مؤيديه يعترفون في الوقت الحالي بأن هذه الخطوة القصيرة النظر سممت علاقة نتنياهو بعدد كبير من أعضاء كتلة الديمقراطيين في الكونغرس، وأحبطت المساعي للحصول على أغلبية ضد الاتفاق، إلا أن ظهور نتنياهو في يوم الانتخابات وكلامه عن "العرب القادمين في الحافلات" أثار صدمة عميقة واشمئزازاً حاداً لم يزولا حتى اليوم. وإذا كان بالإمكان تبرير هذا الكلام بفوز نتنياهو الساحق في الانتخابات، فإن كلامه عن هتلر البريء الذي وقع في فخ المفتي الشرير كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فمثل هذا الكلام لا يمكن لأحد النجاح في تبريره، وهو دليل قاطع على أن نتنياهو لا يعمل وفق الأصول السائدة حالياً في الخطاب السياسي.

•بعد ذلك بوقت قصير، اختار نتنياهو تعيين شخص في منصب مدير جهاز الدعاية سبق له أن وصف أوباما بأنه معاد للسامية، وذلك في وقت أعلن فيه  نتنياهو نيته فتح صفحة جديدة مع الرئيس والحصول منه على مساعدة أمنية غير مسبوقة. حتى الآن لم يعثر الأميركيون على تفسير لسلوك نتنياهو، وإذا كانوا قد وجدوه فإنهم يمتنعون عن التحدث عنه بصوت مرتفع.

•وفقاً للمنطق، يعتقد المراقبون أن نتنياهو سيتصرف بشكل لائق، وسيحصل على أكبر قدر من الفائدة من أوباما، وسيعود بسلام إلى إسرائيل. كما أن المنظمين للقاء العام مع المنظمات اليهودية حيث سيلقي نتنياهو خطاباً غداً، يتوقعون ويأملون بلقاء هادئ ومثمر مع الرئيس يسمح لآلاف العاملين في المؤسسة اليهودية بالترحيب برئيس الحكومة الإسرائيلية مثلما كان يجري في الماضي. لكن العديد منهم كانوا سيستيقظون هذا الصباح أكثر اطمئناناً لو كانوا متأكدين من أن نتنياهو لن يحمل معه مفاجأة قاتلة. 

 
 

المزيد ضمن العدد 2249