من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•جلسة المجلس الوزاري المصغر أمس كانت جلسة المداولات الأمنية الثانية التي يعقدها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال 48 ساعة منذ عودته من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وفي المرتين لم يكن هناك سبب لتوقع بشارة مهمة، فالقيادة الإسرائيلية ستواصل اطلاق التصريحات الصارمة في مواجهة الارهاب الفلسطيني، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تهدئة الغضب المتصاعد للمستوطنين حيال موجة الهجمات الأخيرة. لكن الخطوات الأساسية التي تقررت حتى الآن، ومن بينها تشديد الاعتقالات الإدارية وهدم منازل المخربين، هي بمثابة بضاعة قديمة عاد نتنياهو إلى تسويقها للجمهور.
•عملياً، لا يوجد هنا تغيرات كبيرة. ويبدو أن رئيس الحكومة يأمل أن يكون الرد الحالي كافياً، أي زيادة القوات وعمليات الاعتقال وجمع المعلومات الاستخباراتية والتحقيقات وربما تحسين التنسيق مع الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية للمساعدة في التهدئة التدريجية للنفوس. إن هدم منازل المخربين على سبيل المثال، عقوبة يعود إليها نتنياهو ويلوح بها مرة كل بضعة أشهر منذ مقتل الكولونيل باروخ مزراحي بالقرب من الخليل قبل عام ونصف العام. وحقيقة اختلاف الخبراء في الارهاب بشأن مدى فعالية هذه الخطوة (وقيام لجنة رسمية في الجيش الإسرائيلي بإلغاء هذه السياسة في الضفة الغربية سنة 2005) هما أمران لا يذكرهما نتنياهو. لكن الظاهر أن نتنياهو أكثر واقعية في توجهه من الوزير يسرائيل كاتس الذي اقترح عشية العيد "عملية سور واق رقم 2" ضد الإرهاب، كما نُقل عن أوساط قريبة من رئيس الحكومة، وظهرت أصداء من اقتراحه في ذلك الصباح في العنوان الرئيسي لصحيفة "يسرائيل هَيوم".
•يعتبر مقتل الزوجين هانكين بالقرب من نابلس، الذي نجح الشاباك بسرعة في حل رموزه، الحدث الأكثر استثنائية نسبياً بالنسبة لهجوم إرهابي منظم في الضفة. لقد اعتقل في هذه القضية خمسة مشتبه بهم بأنهم أعضاء خلية عسكرية تابعة لـ"حماس"، لكن أغلبية المتورطين الآخرين في الهجمات الإجرامية وفي المواجهات العنيفة ليسوا جزءاً من بنية تحتية منظّمة، بل هم شبان مستقلون يخرجون من منازلهم لطعن يهود أو لدهسهم، أو لرشق الحجارة على سيارات المستوطنين، يدفعهم إلى التحرك سببان مباشران: اتهامات السلطة والحركة الإسلامية في إسرائيل بأن إسرائيل تعمل على تغيير الوضع القائم في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] (تكذيبات نتنياهو لم تنفع في إقناعهم بأن ما يقال مجرد كذبة)؛ والغضب بسبب مقتل عائلة الدوابشة في قرية دوما قبل شهرين، التي حتى الآن لم يعتقل مرتكبوها اليهود.
•يملك الجيش الإسرائيلي الآن حرية عمل واسعة في الضفة، فعندما يعطيه الشاباك اسم مطلوب، سواء كان في القصبة وفي نابلس أو في مستشفى رفيديه في المدينة (كما جرى لدى اعتقال أحد المشتبه بهم في مقتل الزوجين هانكين) ليس هناك أي صعوبة لاعتقاله خلال ساعات معدودة. وإذا كان وزير الشؤون الاستخبارتية كاتس يتصور أوكاراً إرهابية تعمل بحماية السلطة من دون أي عائق، فإن من الأفضل له أن يخصص المزيد من الوقت لقراءة التقارير التي تصل إليه. إن النتيجة الوحيدة لعملية "سور واق 2" حالياً ستكون انهيار السلطة في الضفة، وهذا تحديداً ما يريد رئيس الحكومة منعه، ناهيك أنه من المشكوك فيه أن تؤدي هذه العملية إلى القضاء على موجة الارهاب. إن الحل وفقاً لرئيس الحكومة ورؤساء المؤسسة الأمنية يكمن الآن في تنفيذ وتوسيع السياسة الحالية، لا في محاصرة المقاطعة في رام الله بالدبابات كما فعل أريئيل شارون في نيسان/أبريل 2002.
•هل نحن في الطريق إلى انتفاضة؟
عشية العيد، اقترح ناحوم برنيع في "يديعوت أحرونوت" تسمية الولد باسمه: انتفاضة ثالثة. ونبه إلى أن الحكومة تحاول الامتناع عن استخدام هذا الاسم لأن الاعتراف بذلك دليل على فشلها في ضمان أمن مواطنيها. وانطلاقاً من المنطق عينه امتنعت الدولة من اعتبار المعركة في غزة في صيف 2014 حرباً بكل معنى الكلمة وأصرت على تسميتها عملية "الجرف الصامد" (وبذلك وفرت على نفسها دفع تعويضات أكبر للمدنيين الذين تضرروا اقتصادياً من القتال).
•في هذه الأثناء، وقبل أن يجري تصنيف موجة الإرهاب بصورة نهائية كانتفاضة، يجب ألا ننسى أن وسائل الاعلام (وبخاصة المعارضة لنتنياهو) قامت بمحاولة مشابهة في تصنيف الأحداث أكثر من مرة في السنوات الأخيرة لكن خاب أملها. في الماضي حدثت موجات ارهاب في القدس الشرقية والضفة: في خريف 2013، وصيف 2014 وقبيل الحرب في غزة في خريف 2014 على خلفية المواجهات في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، وجميعها تلاشت في نهاية المطاف.
•إذا اعتمدنا إحصاءات المؤسسة الأمنية، ففي 2014 كلها قتل في هجمات الضفة وداخل الخط الأخضر 14 إسرائيلياً (من دون أن ندخل في ذلك القتلى بصواريخ من غزة)، مقابل 8 قتلى بسبب الارهاب في الأشهر التسعة الأولى للسنة الحالية. لكن الفارق السيئ هو الانخفاض الواضح في الشعور بالأمن. فقد سُجل ارتفاع واضح في عدد حوادث رشق الحجارة على الطرقات وفي خطورتها في موازاة العنف في القدس المستمر من دون توقف منذ أكثر من سنة.
•ويجب أن نضيف إلى ذلك جو الهستيريا في قنوات التواصل الاجتماعي التي تؤثر على رود فعل السياسيين.
•إن موجة الإرهاب في الأسبوع الأخير هي بالتأكيد خطيرة ومقلقة بحد ذاتها، لكنها حتى الآن لا تشبه انتفاضة على نطاق واسع لأن عدد المشاركين في التظاهرات في المدن لا يصل إلى مئات أو آلاف في كل مدينة، كما جرى في الانتفاضتين السابقتين، ولم ينزلق العنف إلى داخل حدود الخط الأخضر. وفي الوقت الذي هز القدس مقتل مصلين في البلدة القديمة عشية يوم الجمعة، شهدت تل أبيب مهرجاناً كبيراً لموسيقى الروك، وتظاهرة غير مسبوقة في حجمها دفاعاً عن حقوق الحيوانات. يبقى أن نرى كيف ستؤثر الأحداث في القدس والضفة على جبهتين إضافيتين: العرب في إسرائيل، وقطاع غزة، فحتى الآن يسودهما هدوء نسبي، لكن من الواضح أن استمرار العنف والقتلى سيؤثر على الوضع هناك (حتى الآن يحصي الفلسطينيون 4 قتلى، بينهم المخربان اللذان قاما بهجوم الطعن في القدس وشابان قتلا في التظاهرات العنيفة في الضفة). ما يزال التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة قائماً، لكن مستواه يختلف من منطقة إلى أخرى. في الأيام الأخيرة أعادت الأجهزة الفلسطينية الى الجيش الإسرائيلي ثمانية إسرائيليين ضلوا طريقهم ودخلوا إلى أراضي السلطة. في المقابل، يسجل في عدد من المناطق انخفاض في استجابة الأجهزة الفلسطينية لطلبات الجيش الإسرائيلي.
•ثمة عامل آخر مقلق في الموجة الحالية هو العنف من الجانب الإسرائيلي. ففي المداولات الأمنية الأخيرة أعرب الجيش الإسرائيلي والشاباك عن قلقهما حيال زيادة اعمال شغب يقوم بها نشطاء من اليمين المتطرف ومستوطنون أضرت بأملاك فلسطينيين. وجزء من القوات التي انتشرت في الضفة الغربية مهمتها تهدئة الوضع بدلاً من توظيف وقتها في ملاحقة خلايا المخربين.
•إن أعمال العنف هذه يشعلها الغضب الحقيقي من جرائم القتل التي يتعرض لها الأهالي وأطفالهم في السامرة وفي البلدة القديمة، وكذلك الكلام غير المسؤول للسياسيين. إن الحجج التي سمعناها بشأن افتقار قادة الجيش إلى الدعم وتقييد يديه لا أساس لها، ورئيس الأركان غادي إيزنكوت مقتنع أنه وفّر في هذه المرحلة كل الوسائل المطلوبة من أجل مواجهة العنف في حجمه الحالي.
•يطالب المستوطنون وممثلوهم السياسيون برد صهيوني شامل وبناء أحياء ومواقع جديدة. لكن يبدو أنه من الصعب على نتنياهو الاستجابة لهم بسبب الضغوط التي تُمارس عليه في الساحة الدولية. وبدلاً من ذلك يقترح شق المزيد من الطرقات الالتفافية. وهذا التعويض سيأخذ وقتاً كي يتحقق، وهو في جميع الأحوال إشكالي إلى حد ما، لأن تخصيص طرق لعبور الإسرائيليين فقط يجعل من هؤلاء هدفاً واضحاً للمخربين الفلسطينيين الذين قد يكمنون لهم إلى جانب تلك الطرقات.