لنفترض أنني أحرقت طفلاً فهل يُطبق عليّ قانون الإرهاب؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•أشهر طويلة عمل خلالها مستشارون قانونيون ومشرعون ورجال شرطة وشاباك وجيش حتى استطاعوا أن يقدموا سلاح يوم القيامة القانوني ضد الإرهاب. ومن الآن فصاعداً على كل إرهابي أن يعلم أنه سيواجه 104 صفحات من قانون يطفح بعشرات البنود المشحوذة جيداً بحيث لا بد أن ينطبق أحدها  على الأقل على أفعاله.

•ومن المثير للاهتمام أن نرى كم من "الإرهابيين الجدد" سيضافون الى الإحصاءات بسبب الغموض الكثيف الذي يغلف عدداً من البنود الملتوية في القانون الجديد. لنأخذ مثلاً البند 27 الذي يقول "إن كل من يرتكب عملاً يظهر فيه تضامنه مع تنظيم إرهابي من خلال النشر أو الثناء، أو الدعم أو التعاطف، أو التلويح بعلم، أو عرض أو نشر رمز، أو عرض أو نشر أو إسماع شعارات أو نشيد وطني، وكل هذا بطريقة علنية، حكمه السجن ثلاث سنوات... بشرط أن تكون بحكم مضمون ما نُشر، أو ظروف نشره، على إمكانية معقولة بأن يؤدي ذلك إلى تنفيذ عمل إرهابي أو جريمة عنيفة".

•والسؤال هو: كيف يمكن تحديد أن التعبير عن التأييد، التضامن أو الثناء ينطوي على "إمكانية معقولة" لتنفيذ عمل إرهابي؟ لنفترض أنني مخرج مسرحي، لا يهم من أي ديانة، وعرضت أمام جمهور عربي أعمال تنكيل جندي يهودي بشاب عربي، فهل سيكون هناك شرطي خارج المسرح في انتظاري؟ بالطبع لم أحرض على الإرهاب، لكن ثمة "إمكانية معقولة" بأن يكون بين الجمهور العربي من يستوحي من العرض إلهاماً للقيام بعمل إرهابي. وإذا نحتّ نصباً تذكارياً لضحايا النكبة، فهل يجب أن أتوقع أن يُحكم عليّ بالسجن ثلاث سنوات؟ صحيح أنني لم أعرب عن تضامني مع تنظيم أو عمل إرهابي، لكن مثل هذا النصب قد ينطوي على "إمكانية معقولة"  للتشجيع على أعمال إرهابية.

•بالنسبة للعرب في إسرائيل، فإن الأمر بسيط ومريح، فلا حاجة تقريباً لإثبات وجود "العلاقة المعقولة" بين الإعراب عن التضامن مع الإرهاب واستعدادهم للقيام بهجمات، فمثل هذه الإمكانية كامنة فيهم منذ ولادتهم. ولكن في المقابل، ومع اليهود فإن المشكلة معقدة ومعقدة جداً. لنفترض أنني الفنان الذي صنع النصب التذكاري لباروخ غولدشتاين، أو الحاخام المحترم الذي كتب "توراة الملك"، أو أباً في عائلة يهودية، مثلاً، وقمتُ بإحراق ولد اسمه محمد أبو خضير (لأن الذين أبادوا عائلة الدوابشة لم نعثر عليهم، لكن سنعثر عليهم يوماً ما)، أو أنني من المهللين لجماعة "جباية الثمن"، فإنني بحسب قانون الإرهاب الجديد مطابق لجميع معايير منفذ عمل إرهابي، أو على الأقل مؤيد أو متضامن أو مشيد بالإرهاب. فهل سيحيلونني على المحاكمة وفقاً للقانون الجديد؟ 

•لم يجر تصنيف جماعة "جباية الثمن" كتنظيم إرهابي، لذا مسموح لي أن أكتب كل الأغاني التي تمجّدها، وأن ألحن لها موسيقى إيقاعية. وفي الأساس - كيف سيكون في استطاعة المدعي العام القول بأن أعمالي تؤثر على يهود آخرين وتشجعهم على تقليدي؟ ماذا! ألم يكونوا يكرهون العرب حتى قبل كتابة "كهانا على حق"؟ وحتى لو أزلت النصب التذكاري لغولدشتاين، فهل سيتوقفون عن كراهية العرب؟ إنني في نهاية الأمر حلقة صغيرة في سلسلة مقدسة.

 

•لم تقتنعوا؟ سأقدم إليكم الدليل القاطع. هل تعرفون وزيرة الثقافة ميري ريغيف؟ هي لا تحتاج إلى قانون إرهاب، ففي إمكانها معرفة الإرهاب والتحريض على الإرهاب من بُعد. وهي شرحت هذا الأسبوع من هم الذين لن تقدم لهم مساعدة، إنهم كل من يرفض وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية (باستثناء ناطوري كارتا)، ومن يحرض على الإرهاب والعنف، (باستئناء "الأعشاب الضارة" [تعبير استخدمه وزير الدفاع موشيه يعلون في إشارته الى الإرهاب اليهودي])، ومن يعتبر يوم الاستقلال يوم حداد، ومن يهين أو يشوه علم الدولة أو رمزها، ومن أيّد أو دعا إلى مقاطعة إسرائيل. ففي النهاية، إن إحراق طفل وإشعال النار في مسجد وكتابة شعارات تدعو إلى قتل الغوييم (الأغراب)، ليس عملاً متضمناً في قائمتها.

 

 

المزيد ضمن العدد 2212