من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•لقد قضيت صيف سنة 2005 في غوش كطيف، فبالنسبة إلي لم يكن هناك احتمال آخر، لأنني كنت من أوائل الذين طرحوا فكرة الانفصال ودعمت (مع تحفظات) الخطة، وكان واضحاً لي أنه أثناء تطبيق الانفصال يجب أن أكون موجوداً مع ضحاياه. قبل عشر سنوت تحديداً سكنت في نتسار حزاني [مستوطنة تقع جنوبي قطاع غزة]، وعشت الأسبوعين الأخيرين الفظيعين من حياة هذا الموشاف. وفي النهاية جرى إخلائي على يد الجنود الإسرائيليين، وانتقلت مع الذين جرى إخلاؤهم في الباصات إلى حاجز كيسوفيم ومن ثم ذهبت للمشاركة في الصلاة التي أقامها هؤلاء بالقرب من الحائط الغربي.
•نظراً إلى أنني كنت من المساهمين فكرياً في قرار هدم 24 تجمعاً سكنياً وإخلاء 8500 شخص من أرضهم، شعرت بأن من واجبي أن أكون موجوداً مع الذين هُدمت منازلهم، ومحيت مستوطناتهم، ودُمر عالمهم.
•خلال السنوات العشر الأخيرة اكتسب الانفصال سمعة سيئة، فالرد الفلسطيني على انسحاب إسرائيل لم يكن إقامة سينغافورة الشرق الأوسط، بل إقامة حماستان متطرفة لا تتوقف عن مهاجمة سديروت وعسقلان وتل أبيب. ولم يكن الرد الدولي على الانفصال تعاطفاً ودعماً طويلي الأمد، بل تقرير غودلشتاين [التقرير الدولي بشأن عملية الرصاص المصهور ضد غزة 2008] و تقرير مكيغوان ديفيس [المتعلق بعملية الجرف الصامد ضد غزة صيف 2014]، والانتقادات الموجهة ضد العمليات الدفاعية المستقلة للجيش الإسرائيلي.
•أما الرد الإسرائيلي على الخطوة الأحادية الجانب فلم يكن تجديد الدولة وإنشاء مركز وسط صهيوني قوي، وتبني نهج سياسي مبتكر وواقعي، بل كان تعزيز قوة المتطرفين. وكان الدرس الذي استخلصته أغلبية الإسرائيليين من الانفصال هو أنه يجب عدم تكرار ذلك، ومن الأفضل عدم تجريب السلام، وعدم تقسيم البلد، بل يجب ترسيخ الوضع الراهن.
•لكن في ذكرى مرور السنة العاشرة للانفصال تبدو الأمور مختلفة. وفي الوقت الذي تضج سديروت بالحياة وتزدهر مستوطنات النقب، لا يبدو الوضع في غلاف غزة خطيراً. واستطاعت عمليات "الرصاص المصهور" و"عمود سحاب" و"الجرف الصامد" برغم ثمنها البشري المروع، تحقيق ردع معين، وكرست نوعاً من الاستقرار على الحدود الجنوبية. وأثبتت قوة الجيش الإسرائيلي، ومناعة المجتمع المدني، وتقنية "القبة الحديدية" أن إسرائيل قادرة على مواجهة خطر حماستان العسكري.
•لكن إسرائيل لا تعرف كيف تواجه خطر ييشعستان [ييشع = الاسم المختصر لكلمتي يهودا وشومرون، أي الضفة الغربية]. فأختنا دانيالا فايس [ناشطة في حركة الاستيطان وعضو في حركة غوش إيمونيم الدينية الاستيطانية] تشكل اليوم خطراً علينا أكثر من عدونا إسماعيل هنية. وفي الواقع، فإن البناء المجنون في المستوطنات، والتطرف المقيت هناك، والهجمة المباشرة للمستوطنات على الديمقراطية، هو الذي يهدد هويتنا وصورتنا وجوهر وجودنا. إن الخطر الحقيقي الذي يتربص بإسرائيل ليس المنطقة المحتلة التي انسحبت منها، بل مناطق محتلة لم تنسحب منها.
•هل معنى ذلك أنه يتعين تنفيذ الانفصال مرة ثانية وفوراً في يهودا والسامرة؟ قطعاً لا. إن الدروس من أخطاء أريئيل شارون واضحة: يجب أن نحاول أولاً الحوار السياسي، وبعده نحاول التوصل إلى تفاهمات رسمية مع الفلسطينيين، ويجب أن يأتي الانسحاب ضمن سياق استراتيجي إقليمي واسع وأن يترافق مع خطة مارشال فلسطينية وخطة أمنية إسرائيلية تضمنان الاستقرار والازدهار حتى من دون سلام.
•لكن على الرغم من هذا كله لا مجال للانتقاص من الحقيقة التي توصل إليها شارون. ففي النهاية لا يوجد سبيل آخر سوى أن نقرر مصيرنا بأنفسنا ونحدد حدودنا ونقسم البلد. وهذا الأمر المطلوب كان مرتبطاً في الماضي وسوف يرتبط في المستقبل بوحشية لا بأس بها. لكن مع كل الاحترام للطف رؤوفين ريفلين المؤمن بالثنائية القومية، فإن مستقبلنا في هذا البلد لا يضمنه سوى صهيونية قوية وواقعية من نوع صهيونية ديفيد بن غوريون.
•لقد حان الوقت للعودة إلى صيف 2005 والتعلم من فشله وإنجازاته، ومواصلة الطريق من تلك النقطة المؤلمة التي عبرت فيها الباصات حاجز كيسوفيم.