الوعود الأوروبية بالدفاع عن بقاء قرية سوسيا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•في الأيام الأخيرة وقعّت الولايات المتحدة وأوروبا على شيك اسمه "سوسيا" وأثارتا الآمال من جديد بشأن قدرتهما على وقف الجنون الإسرائيلي. هناك إغراء كبير بالتفاؤل، لكن الخوف من خيبة الأمل كبير أيضاً. 

•على الرغم من أن سوسيا ليست القصة التي تثير اهتمام الإسرائيليين، فإن مرهفي الاحساس من بيننا يستمدون التشجيع من الاعتقاد بأن الولايات المتحدة وأوروبا على الأقل ستحترمان توقيعهما، وأن مخطط هدم القرية لن يتحقق. لقد تحولت سوسيا إلى رمز، وهنا تحديداً يكمن الفخ.

•يعرف وزراء خارجية أوروبا اسم هذه القرية الواقعة جنوب جبل الخليل كما لو أنها ضاحية  تقع على الطريق المؤدية إلى مطار بروكسل. ويلفظ الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية اسم القرية وكأنه شرب القهوة في الخيمة المعرضة للهدم. ومطالبة إسرائيل بعدم هدم سوسيا قد جرى ضمه علناً إلى ملخص الاجتماع الشهري لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. ومن غير المألوف أن يذكر مكان صغير إلى هذا الحد في محاضر مكتوبة. وأصر الناطق بلسان الخارجية الأميركية على القول إن انعكاسات هدم القرية ستكون أكبر من الضرر اللاحق بسكانها، وأضاف أن الهدم يعكس واقعاً سلبياً عن اقتلاع أشخاص وضم أراض.

•ولكن إذا جرى هدم سوسيا من جديد، فإن هذا لن يكون أمراً جديداً. وحتى لو بدأنا العد قبل عشرين سنة سنرى أن اسرائيل دأبت على طرد وهدم المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية، وذلك خلال ذروة "عملية السلام".

•ما هو عدد الملخصات الحادة الصادرة عن الاتحاد الأوروبي التي قرأناها في السنوات الأخيرة وتضمنت تحليلاً ثاقباً للمخاطر التي تشكلها سياسة إسرائيل على مصير حل الدولتين؟ صحيح أنه بتمويل أوروبي متواضع قُدمت وتقدم خدمات مختلفة لسكان المنطقة ج (مياه، مبان موقتة، أجهزة طاقة شمسية) تساعدهم في نضالهم البطولي ضد المخطط الإسرائيلي لطردهم. وقد تعامل الاتحاد الأوروبي مع هذا التمويل الحذر على أنه رمز واضح على إيمانه بأن مناطق ج جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية العتيدة. لكن إسرائيل لا تفهم الرموز، وهي فقط تستفيد من تدفق أموال المساعدة الأوروبية التي تمنع تفاقم الأزمة الإنسانية.

•ونظراً إلى أن سوسيا تحولت إلى رمز، فإن سكانها الشجعان والصامدين الذين حتى الآن أحبطوا مخططات هدم قريتهم (بفضل سنوات طويلة من المساعدة المقدمة من جانب الناشطين والجمعيات الإسرائيلية وعلى رأسها تعايش وحاخامون من أجل حقوق الانسان)، قد ينقذون. حينئذ ستشعر وزارات الخارجية الغربية بالرضا لأن تحذيرها قد نجح. لكن الجرافات الإسرائيلية سوف تتوجه بصمت وبمساعدة الدعم الشعبي لمواصلة هدم حياة ومبان جماعات فلسطينية أخرى، لا تقل شجاعة وصموداً، لكنها غير معروفة. 

•ونظراً إلى تحول القرية إلى رمز فقد تقرر إسرائيل هدمها. ماذا ستفعل أوروبا والولايات المتحدة حينها مما لم يسبق لهما أن قامتا به حتى اليوم؟ هل ستوقف الولايات المتحدة التعاون الأمني مع إسرائيل؟ وهل ستستدعي أوروبا سفراءها وتغلق مطاراتها في وجه السياح الإسرائيليين؟ 

•قد تدل التصريحات بشأن سوسيا على تغيير وتأكل في الموقف المتسامح الذي يظهره الغرب وحتى الولايات المتحدة حيال الهوس الإسرائيلي بإشعال الحرائق، لكن وتيرة هذا التغير والتأكل أبطأ بكثير من النار.