أوباما لا يدرك مع من يتعامل
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

•يشرح رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما بصورة مدهشة المنطق الذي يستند إليه الاتفاق الذي وقع بين ممثلي الدول العظمى وإيران. وهو يدعي أن "الحجج ضد الاتفاق مع إيران تتعارض مع المنطق". وبالاستناد إلى كلامه، فإن هدف المفاوضات التوصل إلى اتفاق يمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية.

•لقد كان السبيل المفروغ منه لتحقيق هذا الهدف هو تفكيك البنية التحتية التي أقامها الإيرانيون من أجل تطوير هذه القنبلة. لكن وفق أوباما، لم يكن ممكناً أن توافق إيران على ذلك. وحتى الهجوم العسكري لتدمير هذه البنية التحتية كان سيؤدي إلى حرب يريد أوباما منع وقوعها. ومعنى ذلك أن أي اتفاق سيقبله الإيرانيون، ولا يهم إلى أي حد سيكون سيئاً، هو الاتفاق المحتمل الأفضل، وبحسب تعريف أوباما فإنه اتفاق جيد. 

•إن تخلي أوباما عن موقفه السابق القائل بأن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة"، وتخليه عملياً عن أي تهديد بهجوم عسكري، كانا واضحين للجميع قبل بدء المفاوضات، وبصورة خاصة للإيرانيين. وكما قال أوباما: "الحرب ليست خياراً". وفي مثل هذه الحال ما هو الخيار الذي بقي مطروحاً على الطاولة مع تقدم المفاوضات؟ الجواب: لا شيء.

•إن تحديد المواعيد النهائية للتوصل إلى اتفاق أظهر بوضوح أن تمديد المفاوضات ومواصلة تطبيق العقوبات لم يكن خياراً مطروحاً على الطاولة. كذلك، فإن الانسحاب من المفاوضات وتشديد العقوبات، في وقت يعاني الاقتصاد الإيراني من أزمة، ليس خياراً. وهكذا يبدو ألا وجود لأي خيار آخر على الطاولة باستثناء الموافقة على شروط إيران التي فهمت ذلك بسرعة.

•ومن الأمثلة على التغيير في المواقف الذي طرأ خلال المفاوضات، مسألة الرقابة. ففي نظام رقابة ناجح يجري الكشف عن أي خرق للاتفاق في الوقت الحقيقي، مما كان سيكبح البنية التحتية النووية الإيرانية لمدة طويلة. لهذا طُلب من الإيرانيين السماح برقابة "في كل وقت وكل مكان". لكن تعترف نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان اليوم، بأن هذا الطلب كان زخرفة كلامية، وأنهم اضطروا إلى الموافقة على تقديم اخطار قبل 24 ساعة من تنفيذ أي فحص.

•من المحتمل ألا ينجح الإيرانيون في إنتاج قنبلة نووية طوال فترة معينة، وأنهم عندما سينجحون في ذلك الا يستخدموها. بيد أن الانعكاسات السلبية للاتفاق على الشرق الأوسط  ستكون فورية، وسيكون لدى إيران موارد كبيرة جداً ستستخدمها لدعم التنظيمات الإرهابية التي هدفها المس بحلفاء الولايات المتحدة ولزيادة تأثيرها السلبي في المنطقة.

•لقد قال أوباما رداً على الحجج بشأن زيادة نفوذ طهران، إن "إيران ستصبح ويجب أن تصبح قوة عظمى إقليمية". لكن على الولايات المتحدة أن تأسف لأنها من خلال هذا الاتفاق حولت إيران إلى تلك القوة. أما بشأن انعكاسات نفوذ إيران في المنطقة على حلفاء الولايات المتحدة، فيوضح أوباما: "ليس مهمة الرئيس أن يحل كل مشكلة في الشرق الأوسط". لكن هذا الاتفاق سيزيد في حدة المشكلات في الشرق الأوسط، وأول الدول التي ستشعر بهذا التأثير إسرائيل والسعودية. وليس من المستغرب الحماسة الكبيرة التي أبداها الأسد وحزب الله و"حماس". 

•تكمن العلة الأساسية في عملية المفاوضات في رفض ممثلي الدول العظمى أو عدم قدرتهم على فهم الطرف الذي يتعاملون معه، على الرغم من أن ممثلي إيران كانوا يتلقون التعليمات من آية الله خامنئي الذي لا يخفي نياته، أي القضاء على إسرائيل و"الموت لأميركا".

•من الصعب عدم مقارنة هذه المفاوضات بمفاوضات ميونيخ سنة 1938 حين كان نيفيل تشامبرلين وإدوارد دلادييه مصرّين على منع الحرب وإحلال "السلام لأجيال"، ولكنهما ببساطة لم يفهما مع من هما يتعاملان.

 

 

المزيد ضمن العدد 2175