•الاتفاق النووي الذي يوقع اليوم بين إيران والدول العظمى هو حدث تاريخي: فقد منحت الدول العظمى إيران الشرعية لمواصلة مساعيها النووية شرط التباطؤ فيها خلال العقد القادم، على أن يكون في مقدورها الحصول على سلاح بعد ذلك فقط. هذا مع الافتراض المتفائل بأن الإيرانيين لن ينجحوا في خداع الجميع قبل ذلك الحين.
•حتى الآن لم أتمكن من قراءة الاتفاق بكل تفاصيله. لكن مهما كانت هذه التفاصيل مهمة (وهي بالفعل مهمة جداً)، فإنها لا تستطيع تغيير حجم التبدل في الموقف الأميركي الذي انتقل من سياسة "تجريد إيران من قدراتها" إلى سياسة "مراقبة هذه القدرات". علاوة على ذلك، فإن العقوبات التي دفعت إيران إلى المجيء إلى طاولة المفاوضات ستختفي تدريجياً (هكذا قيل) وسوف تزداد إيران قوة بحيث تكون أي عقوبات مستقبلية، هذا إذا كان في الإمكان تجديدها، ذات أهمية هامشية فقط. وفي جميع الأحوال، فإن الاتفاق سيجعل إيران أقوى اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.
•عندما تكون أسس الاتفاق سيئة، فإن تفاصيله مهمة لكنها لا تغير جوهره. وإلى جانب تحول إيران إلى دولة نووية، فإن للاتفاق بضع نتائج مباشرة هي:
-البدء بسباق تسلح نووي وتقليدي. فقد ألمحت السعودية ومصر وتركيا بأنها لن تقبل بتحول إيران إلى دولة نووية من دون حصولها هي أيضاً على هذه القدرة. وقرارها سيشكل بدء سباق على تسلح نووي لا يمكن وقفه.
وسيضع الاتفاق دول الخليج والسعودية في وضع صعب، وستحاول الولايات المتحدة التعويض عليها والسماح لها بشراء كل شيء تقريباً. ومن الواضح أن إيران أيضاً ستدخل في سباق تسلح كبير وشامل بعد سنوات عديدة من الحظر، وبالتأكيد ستكون روسيا مسرورة بتزويد إيران بما تشاء، وستكون النتيجة نشوء سباق هائل للتزود بالأسلحة التقليدية. وستضطر إسرائيل أيضاً الى الانضمام إلى هذا السباق، على الأقل بناء على التعهد الأميركي بالمحافظة على تفوق إسرائيل النوعي في المنطقة.
-سوف تتدخل إيران بعدائية أكبر في النزاعات في المنطقة في سورية والعراق واليمن وأماكن أخرى. فهي الآن حرة من جميع الضغوط وسيكون لديها المال من أجل تمويل ما ستبادر إلى القيام به. وسوف تركز جهودها على الدفع قدماً بمصالحها في المنطقة. وستعزز جهودها أيضاً في مجال الإرهاب في العالم، حيث أنها هي القوة الموجهة لهذا الإرهاب، وفقاً لتقرير وزارة الخارجية الأميركية، وسوف نشهد المزيد من العمليات الإيرانية.
-ومن المفارقات التي يمتاز بها الشرق الأوسط أن الاتفاق يمكن أن يؤدي إلى زيادة قوة تنظيم "داعش"، فقد يفسر السّنة في الشرق الأوسط توقيع الاتفاق مع إيران، القوة الشيعية العظمى، بأنه مؤشر على قرار الغرب الوقوف مع الشيعة الذي يحاربون السنة.
ومعنى هذا أن الاتفاق قد يدفع بالكثير من السّنة إلى استنتاج أنه من أجل الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الشيعة الذين تتعاظم قوتهم، يتعين عليهم الانضمام إلى التنظيم السني الأقوى، وبذلك يكون "داعش" هو الرابح الأكبر.