الجبهة العربية تتفكك
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•ما دُرج على تسميته "الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني" كان طوال السنين السابقة صراعاً ثلاثياً لم يشمل الفلسطينيين فقط، بل شمل كذلك العالمين العربي والإسلامي. وكان العداء لإسرائيل عاملاً موحداً، ومن خلاله استطاع العالمان العربي والإسلامي تجاوز الخلافات في الموضوعات الأخرى.

•ومنذ قيام منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964، شكلت القضية الفلسطينية المحور الأساسي الذي تبلور حوله العداء لإسرائيل والمحافظة على وحدة الصف. وتعرضت إسرائيل إلى خطر وجودي ثلاث مرات في 1948 و1967 وفي 1973، بسبب الهجمات المشتركة للجيوش العربية التي كانت تحظى بدعم العالم الإسلامي كله. وردع انتصار الجيش الإسرائيلي في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973] جيوشاً عربية عن محاولة الهجوم عليها مجدداً، لكن دعم العمليات الارهابية ضد إسرائيل والقرارات المعادية لها في الهئيات الدولية يؤكد أن العداء لإسرائيل ما يزال موجوداَ في العالمين العربي والإسلامي.

•لكن في الفترة الأخيرة بدأت الرياح تغير وجهتها، على الأقل في كل ما يتعلق بالعالم العربي الذي يواجه بعض حكامه في السنوات الأخيرة أعداء أكبر من إسرائيل. هناك إيران التي تتطلع إلى الحصول على سلاح نووي، وهناك القاعدة، وداعش، و"حماس" وتنظيمات إرهابية عربية تسعى للقضاء على مكانة الطبقات الحاكمة في السعودية والأردن ومصر. وهذه العوامل تعرض وجود الحكام للخطر في حين لم تفعل إسرائيل ذلك قط. ولذا، فإن كبح هذا الخطر أهم في نظرهم أضعاف المرات من دعم الفلسطينيين. ومن وجهة النظر الجديدة هذه، بدأت إسرائيل تنظر إلى هؤلاء الحكام العرب ليس بوصفهم أعداء بل بكونهم حلفاء محتملين.

•إن قنبلة إيرانية نووية تخيف هؤلاء الحكام [العرب] حتى الموت، كما أن فرص الصمود في شرق أوسط خاضع لنفوذ إيران التي تملك سلاحاً نووياً قليلة جداً. وفي الواقع، فإن الطبقة الحاكمة السعودية هي الأكثر عرضة للخطر، ومن المؤكد أنهم سيكونون أول من سيطاح به إذا ازداد النفوذ الإيراني. لقد وجهت المعارضة الإسرائيلية انتقادات إلى بنيامين نتنياهو بسبب الخطاب الذي ألقاه أمام الكونغرس ضد الاتفاق مع إيران، لكن مما لا شك فيه أن السعوديين كانوا يدعمونه سراً.

•في هذه الأثناء تدق عصابات داعش أبواب الأردن من الشمال. وليس صعباً التكهن من سيكون أول رأس سيقطع إذا وصل هذا التنظيم إلى عمان. فليس من المستغرب والحال هذه أن يتطلع الملك عبد الله الثاني أمله إلى القدس كي تهب لنجدته إذا حدث الأسوأ. وعلى الرغم من أن الملك عبدالله كرر تأييده قيام دولة فلسطينية في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، لكنه يعلم جيداً أن المسألة مسألة وقت إلى أن تقع هذه الدولة تحت سيطرة داعش أو "حماس"، حينئذ سيدق العدو أبوابه من الغرب أيضاً. لذا يمكن افتراض أنه ليس معنياً فعلاً بقيام دولة فلسطينية على حدوده الغربية.

•وفي نظر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فإن محاربة التنظيمات الإسلامية وإرهابها يتقدم حتى على دعم النضال الفلسطيني. وتدل موافقة إسرائيل على دخول الجيش المصري إلى سيناء بعكس ما جاء في اتفاقية السلام الإسرائيلية – المصرية، على المصالح المشتركة للدولتين.

 

•إن الجبهة المعادية لإسرائيل الموجودة منذ 60 عاماً هي الآن في مرحلة تفكك. ولا يخفي زعماء دول عربية مهمة أن لهم مصالح مشتركة مع إسرائيل. صحيح أن فكرة قيام دولة فلسطينية ستظل تحظى بدعم واشنطن وبروكسل والأمم المتحدة والمعارضة في إسرائيل، لكنها تخسر دعم جزء كبير من العالم العربي. وصحيح أن لإسرائيل أعداء في الشرق الأوسط، لكنها تكسب أصدقاء أيضاً. قد يفضل هؤلاء الاجتماع مع نظرائهم الإسرائيليين في الدهاليز الخلفية، لكن كونوا متأكدين وواثقين بأن تجري هذه الاجتماعات بوتيرة متزايدة.