•إن اتفاق هدنة لفترة طويلة مع "حماس" لقاء إعادة إعمار القطاع وتطويره هو الفكرة الأكثر منطقية في الظروف الصعبة الراهنة. فالسلام في الفترة الحالية غير ممكن من ناحية "حماس" لأن الحركة غير مستعدة من حيث المبدأ للتنازل عن استخدام السلاح من أجل تحقيق أهدافها. لكن في المقابل، فإن الحركة تستطيع الرجوع إلى سوابق تاريخية لا تحصى اضطرت خلالها أطراف إسلامية إلى التصالح مع أعدائها لفترة محدودة.
•بالنسبة لإسرائيل فإن مثل هذا الوضع يتيح فرصة هدوء في الجنوب يمكن أن تستمر لعدة سنوات. وإذا لم تحترم "حماس" بتعهداتها، تستطيع إسرائيل التراجع عن الخطوات التي اتخذتها بالاستناد إلى اتفاق الهدنة. لكن إذا لم تتم معالجة مشكلة الضفة الغربية، فإن وقف النار هذا سيزيد من العنف "الحمساوي" في الضفة، وسيضر بالتعاون الأمني مع السلطة الفلسطيني.
•وكما أخطأ رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون عندما اكتفى بالانسحاب من غزة، وبخطوة رمزية فقط في الضفة الغربية، وتجاهل السلطة الجديدة للرئيس محمود عباس، فإن قيام بنيامين نتنياهو بخطوة مشابهة قد تؤدي إلى أن ما نربحه في غزة قد نخسره في الضفة الغربية.
•وإذا صح أن هناك محادثات غير مباشرة تجري مع "حماس" على وقف النار وعلى التطبيع، فإنه من الضروري اجراء حوار مقابل مع السلطة الفلسطينية. من الواضح أن منظمة التحرير الفلسطينية ليست متحمسة حيال الاخبار التي تتحدث عن اتفاق قريب بين إسرائيل و"حماس". وهي ترى في ذلك تطبيقاً لسياسة "فرق تسد"، وإعطاء جائزة للارهاب، وتجاهلاً للطرف الفلسطيني الشرعي الذي يواصل التنسيق الأمني مع إسرائيل، وينشط على الصعيد السياسي الدولي (حتى لو كانت إسرائيل لا تحب ذلك) ويتنكر للارهاب ويحاربه.
•يجب إطلاع منظمة التحرير على تقدم محادثاتنا (غير المباشرة على ما يبدو) مع "حماس". وإذا كان ممكناً، فمن الأفضل التوصل إلى وقف للنار بواسطة السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير (الشريك الرسمي في الاتفاقات السياسية مع الفلسطينيين). إن اتفاقاً سياسياً ولو جزئياً مع منظمة التحرير ضروري بحد ذاته من أجل ضمان نجاح العملية السياسية في غزة. أما اتفاقاً ثنائياً مع "حماس" فقد يكون مريحاً لحكومة إسرائيل الحالية، والدليل على ذلك إعراب أطراف في اليمين عن تأييدهم خطوات ليبرالية حيال قطاع غزة. وفي النهاية فقد تنازلت إسرائيل عن القطاع، وإذا جرى ضمان الهدوء ولو بصورة موقتة، فربما سيكون ممكناً إقناع دول العالم بالاعتراف بأن القطاع لا يقع ضمن مسؤوليتنا.
•لكن الهدنة في غزة قد تؤدي إلى زيادة نشاط "حماس" في الضفة، ليس فقط كي تبرر أمام مؤيديها استعدادها لإبرام اتفاق موقت مع إسرائيل، لكن بسبب احتمال أن تقدم السلطة الفلسطينية بسبب تخوفها من تفضيل إسرائيل الاتفاق مع "حماس"، على التفاهم معها على تقليص التنسيق الأمني مع إسرائيل. وفي مثل هذه الحال، فإن ضرر الاتفاق مع "حماس" سيكون أكبر من فائدته.