من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•تقرير لجنة حقوق الإنسان بشأن عملية "الجرف الصامد" لا يتساهل مع إسرائيل. والمعطيات القاسية التي يقدمها، ومن بينها مقتل 1462 فلسطينياً ثلثهم من الأطفال، وآلاف الجرحى والمشردين، والتدمير الممنهج للبنية التحتية المدنية، سبق أن جرى الحديث عنها في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية وليس فيها الكثير من التجديد. لكن الخلاف لا يكمن في المعطيات بل في تفسيرها: هل ارتكبت إسرائيل جرائم حرب ويجب بالتالي إحالتها على محكمة الجنايات الدولية كما توصي بذلك رئيسة اللجنة ماكغيوان ديفيس المجتمع الدولي؟ أم أن إسرائيل في نهاية الأمر كانت تدافع عن نفسها بطريقة شرعية؟
•لقد قررت إسرائيل عدم التعاون مع لجنة التحقيق الدولية، وتستند في ردها على التقرير إلى ثلاث حجج: "اللجنة تدين إسرائيل أكثر مما تدين إيران وسورية وكوريا الشمالية معاً"؛ "عينت اللجنة رئيساً لها يعتبر معادياً ومحرضاً ضد إسرائيل"؛ "إسرائيل لم ترتكب جرائم حرب، بل تدافع عن نفسها في وجه الارهاب الذي يدعو إلى القضاء عليها ".
•واستناداً إلى هذه الحجج الدفاعية، خلص رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قبل بضعة أيام إلى القول بأن قراءة التقرير "مضيعة للوقت".
•إن إسرائيل موجودة فعلاً اليوم في ذروة حملة لنزع الشرعية عنها لكونها دولة احتلال منذ 48 عاماً، لكن ردها على التقرير يشير إلى أنها لا تدرك حال مكانتها وموقعها. ففي نظرها الأمم المتحدة مذنبة لأنها قررت التحقيق، وموظفوها يكرهون إسرائيل. والخطيئة الكبرى للمنظمة أنها تدين إسرائيل التي تعتبر نفسها دولة ديمقراطية تنتمي إلى مجتمع الدول المتحضرة، أكثر مما تدين الدول الظلامية. لكن المشكلة أنه في صلب النزاع بين إسرائيل والأمم المتحدة، هناك عملية "الجرف الصامد" التي حتى بعد الانتهاء من كتابة تقرير الأمم المتحدة وتقرير التحقيق الإسرائيلي، لم تتوقف عن تقديم الروايات القاسية حول حوادث تصرف فيها جزء من الجنود الإسرائيليين بطريقة تتعارض مع قوانين الحرب.
•لا يحق لرئيس الحكومة أن يهز كتفيه بلامبالاة تجاه هذا التقرير القاسي ويتنكر له كما لو أنه مجرد إزعاج غير مهم، فالصراع الدائر لا يتعلق فقط ببراءة إسرائيل في نظر المجتمع الدولي، وخصوصاً في نظر محكمة الجنايات الدولية، بل إنه يضع إسرائيل أمام مرآة حتى لو كانت تشكو من عيوب، ويجب أن تثير القلق الشديد لدى كل مواطن ما يزال يعتقد أن الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي، وأن الدولة ليست تنظيماً إرهابياً، وأنه يتعين عليها أن تتصرف وفقاً لقواعد الحرب، خاصة ضد المدنيين، وأن مكانته كمواطن إسرائيلي مستمدة من مكانة الدولة في نظر العالم. إن الدولة ليست بحاجة إلى الدعاية والتبريرات الهزيلة، بل هي بحاجة إلى اصلاح عميق لعقيدتها الأخلاقية العسكرية.
•إلى جانب الدرس العسكري فمن المفترض أن يطرح التقرير مسألة أوسع يجب على إسرائيل أن تبدي رأيها فيها وهي: هل القتال الدوري الدموي في كل صيف هو الاستراتيجية التي يفضلها مواطنو دولة إسرائيل، أم السعي الحقيقي والجدي إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.