الدروز يطلقون النار على أرجلهم
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

•إن الاعتداءين الغوغائيين الأخيرين على مصابين سوريين نقلوا إلى مستشفيات في إسرائيل، هما جريمتان على غرار جرائم "جباية الثمن". وهناك غاية لجباية الثمن الدرزي، تماماً مثلما هنالك غاية يمارسها اليمين المتطرف في يهودا والسامرة ضد الفلسطينيين: جر إسرائيل والجيش الإسرائيلي إلى معارك في حرب ليست حربنا؛ إشعال حريق يجبر الجيش الإسرائيلي على وقف تقديم المساعدة الإنسانية لجماعات المتمردين السوريين، وعلى رأسها "جبهة النصرة"، وعلى محاربتها أيضاً على الأرض السورية إلى جانب الدروز. إن الاعتداء على الجرحى السوريين يهدف إلى تقريب هذا اليوم، وإلى شفاء غليل الدروز الغاضبين من جراء شحنهم بالشائعات عن مجزرة مزعومة ضد إخوانهم في قرية الحضر [في هضبة الجولان] وفي جبل الدروز.

•لقد راجت شائعة منذ مدة في القرى الدرزية في مرتفعات الجولان مفادها أن إسرائيل تساعد "جبهة النصرة" في مقابل أن يحافظ هذا التنظيم على الهدوء على الحدود، وكي يقاتل الموالين للأسد وحزب الله. وبحسب هذه السردية الدرزية، إسرائيل لا تكتفي بمعالجة جرحى التنظيم، وإنما تزوده بالأسلحة وتدعم بقوة نارية وعمليات عسكرية سرية رجاله ومتمردين آخرين في الجولان السوري.

•غير أن هذا محض هراء ولا أساس له في الواقع، فالعلاقة بين إسرائيل وقرى الجولان والمتمردين السوريين هي من منطلق إنساني بحت. تستقبل إسرائيل جرحى من المتمردين، لكنها تصر على ألا يكون رجال الارتباط في الجانب الآخر من جماعة "جبهة النصرة" أو تنظيم "داعش"، وإنما أطباء محليون وسكان قرى موالون للجيش السوري الحر.

•إن رجال "جبهة النصرة" موجودون في منطقة درعا، وليس لإسرائيل أي صلة بهم. إن المصابين هم عموما مواطنون عاديون، ومن بينهم نساء وأطفال، وإسرائيل تنقل أيضا إلى الجانب الآخر أغذية أطفال، وبطانيات، ومعدات طبية. هذا كل ما في الأمر.

•لكن في وسط الدروز في الجولان على جانبي السياج الحدودي مع سورية، في مجدل شمس وفي مسعدة، وفي الحضر، يزعم كثيرون أن الأمر ليس هكذا. وتلك الجهات نفسها هي التي تنشر شائعات عن مذبحة مزعومة في قرية الحضر، وفي منطقة السويداء (في جبل الدروز). وتصل تقارير إضافية من مراسل صحافي هو أسير محرر، اتهم بعمليات إرهابية وبالتعاون مع أجهزة استخبارات النظام السوري. وهو يأتي إلى هذه المنطقة، ويصور، ويبعث تقارير عبر الإنترنت، حول لقاءات مزعومة تجري بين إسرائيليين ومواطنين سوريين بهدف مساعدة المتمردين وعلى رأسهم "جبهة النصرة". وبالفعل، تجري هكذا لقاءات، لكن هدفها إنساني فقط. بيد أن هذا المراسل يبث عبر قناة الجزيرة تقارير حول مساعدة مزعومة مقدمة لجبهة النصرة، ويغذي الإشاعات الرائجة على أي حال في الجولان ومخاوف الدروز.

•إن المخاوف بشأن مذبحة ترتكبها جماعات سنية متشددة بحق أبناء طائفتهم مبررة بالتأكيد. وهذا هو السبب الذي دعا مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي وفي المؤسسة الأمنية - العسكرية إلى الخروج عن تحفظهم المعتاد من أجل طمأنة الدروز في إسرائيل إلى أن الجيش الإسرائيلي لن يقف موقف المتفرج إذا تعرضوا لأي خطر. وقال رئيس هيئة الأركان العامة بوضوح وعلانية في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست وكذلك في الجولة الميدانية التي أجراها أول من أمس مع قيادات الطائفة الدرزية في منحدرات جبل الشيخ، إن إسرائيل ستساعد الدروز الذين قد يضطرون إلى الفرار من أماكن وجودهم وستدافع عنهم. وهذا سيحدث في قرية الحضر، وفي جيوب محمية على طول السياج الحدودي إذا ما لجأ إليها الدروز.

•كما تعمل إسرائيل بنجاح عبر قنوات سرية، وتعد بأن المتمردين السوريين السنة لن يتعرضوا للدروز. لكن كل هذا لا يكفي على الأقل قسماً من أبناء الطائفة الدرزية ، ولا يكفي كذلك النظام السوري الذي يريد رؤية إسرائيل تقاتل عملياً "جبهة النصرة" وسائر مجموعات المتمردين السنة في هضبة الجولان.

•بيد أن حرباً كهذه تتعارض مع مصلحة إسرائيل الاستراتيجية، ومصلحة الدروز أنفسهم، ويجب الحذر من السقوط في المرجل العنيف لحرب الجميع ضد الجميع الدائرة في سورية. وكما تقدم، فلا يوجد حالياً محاولة فعلية للمساس بالسوريين في الجولان. لكن نشطاء الإعلام المضلل يعملون ساعات إضافية، فينشرون إشاعات حول مجازر لم تحدث في وسط الدروز في الجولان. لكن إسرائيل تمارس ضبط النفس وتحاول طمأنة النفوس.

•إعدام من دون محاكمة (لينش): كمنوا لسيارة الإسعاف في مجدل شمس وطاردوها 

•وهذا ما يفسر على ما يبدو لماذا قرر الموالون للأسد في وسط دروز الجولان تصعيد تحركاتهم. فالاعتداءان على سيارتي الإسعاف اللتين كانتا تقلان أمس مصابين من السياج الحدودي في الجولان إلى مستشفيات في إسرائيل، جرى من دون شك التخطيط لهما. فقد استند المعتدون إلى معلومات استخبارية بالوقت الحقيقي - على ما يبدو من عمليات رصد قام بها سكان دروز في منطقة السياج الحدودي - أتاحت تزويد إنذار للمعتدين، ومكنتهم من اعتراض سيارتي الإسعاف داخل أرض إسرائيل، والاعتداء على المصابين بشراسة. ويمكن القول إن هذا إعدام (لينش) شبه مخطط له مسبقاً. وتصفية جريح لا حول ولا قوة له، وضربة قاتلة لجريح آخر والاعتداء على جنود إسرائيليين هو عمل إجرامي وجريمة كراهية لا يوجد أخطر منهما. 

•وبالإضافة إلى ذلك فإن الدروز المعتدين بفعلهم هذا الحقوا الأذى بأنفسهم، وإعدام المتمردين السوريين لن ينتج منه سوى إثارة غضب مجموعات المتمردين السنة في الجولان، وسيفاقم التهديد القائم في أي حال ضد الدروز في سورية، بل قد يدفع الاعتداء على سيارات الإسعاف "جبهة النصرة" للانضمام إلى القتال. وهذا هو بالضبط ما يريده نظام الأسد - الذي امتدحت وسائل إعلامه هذا الصباح "الأبطال" الذين نفذوا الإعدام بدون محاكمة ضد متمردين جرحى داخل أرض إسرائيل.

 

•الأسد يشاهد أمنيته بجر إسرائيل إلى محاربة أعدائه تتحقق أمام عينيه بفضل الدروز. وعلى زعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل أن يمعنوا التفكير في ما قد يحدث إذا تحقق هذا السيناريو وفقدت أمهات إسرائيلية، يهودية ودرزية، أولادهن في حرب ليست حربنا في سورية، فقط لأن الدروز الموالين للأسد في سورية يتمنون ذلك. ويصعب أيضاً التحرر من الانطباع بأن منفذي هذه الجريمة اعتمدوا على الوضع المميز والمبرر لأبناء الطائفة في إسرائيل، الذي يمنع الدولة من تنفيذ العدالة بحقهم. لكن الدروز في الجولان تجاوزوا حدود ما تستطيع إسرائيل تحمله، ولا يجب أن يخرج منفذو عملية الإعدام أبرياء.