لسنا مسؤولين عن تلك الحرب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

•أعلن وزير الدفاع قبل بضعة أيام عن تنظيم احتفال رسمي للدولة في كل عام في ذكرى الذين سقطوا خلال عملية "الجرف الصامد" [حرب غزة صيف 2014]. إنها لفتة جميلة من قبل "بوغي" [موشيه يعلون]: إنه يتذكرهم، وهم بالتأكيد يتذكرونه. هذا هو الأمر المعتاد عندنا: كل أمير حرب مبجل يخلد ذكرى الذين ضحوا بحياتهم من أجل مجده، وهم وحدهم سوف ينقلون تراث المعركة من جيل إلى جيل.

•وهاكم البرهان: قبل بضعة أيام شرعوا في تنظيم ذكرى مرور تسعة أعوام على حرب لبنان الثانية [2006]؛ ولم يكلف أي وزير نفسه عناء المشاركة فيها، بما في ذلك وزير الدفاع الحالي لأنها لم تكن حربه. هو فقط أعد الجيش الإسرائيلي لها، وتبين لاحقاً أن الجيش لم يكن جاهزاً تماماً لذلك. وفيما لو خاطر وشارك في التأبين، فلعلهم سيحملونه المسؤولية عنها، ولماذا هو؟ فليذهبوا إلى إيهود أولمرت وعمير بيرِتس ودان حالوتس؛ وليلق هؤلاء كلمات التأبين. أما الحكومة الحالية فهي معفاة. 

•فقط "حربه الخاصة" كانت وستكون "الحرب المحقة والمبررة أكثر من أي حرب أُخرى." هي فقط جلبت الهدوء للبلاد لفترة 40 عاماً على الأقل. وكل الحروب الأخرى هي من نصيب الذين قضوا وعائلاتهم، وحدهم.

•من سيتطوع للحضور عندما سيجري إحياء ذكرى مرور 33 عاماً على حرب لبنان الأولى [1982]؟ قد يخطئ شخص ما ويفكر بأنه كان لبيبي وبوغي يد في التلاعب بخصوص ما حدث آنذاك، وأنهما شريران. وبالتالي، يفضل عدم حضور هذه المناسبة، وهذا ما سيوصي به "كل مستشار استراتيجي". ومن هنا، ألم يحن أوان التساؤل: حروب من هي هذه الحروب؟ فلتذهبوا إلى الجحيم. ولماذا هي منسية إذا كانت ناجحة إلى هذا الحد؟ ولماذا أهالي الضحايا فقط يتذكرون، وبعض الرفاق.

•إن حرب لبنان الأولى هي حرب لقيطة. جميع آبائها ذهبوا إلى مثواهم الأخير: رئيس حكومة توفي عن شيخوخة سيئة، وزير دفاع دخل في غيبوبة لم يستيقظ منها، ورئيس هيئة أركان أخذه البحر. لقد كشف أرشيف الجيش الإسرائيلي "أمر العمليات" الأصلي للحرب: الترابط مع القوات المسيحية في محيط بيروت، والقضاء على الجيش السوري في لبنان، والتمركز على طريق "بيروت - دمشق". الآن، سمح بكشف كل ما عرفه المطلعون منذ اليوم الأول للحرب ومنذ الكيلومتر الأول: مناحيم بيغن، أريئيل شارون، رفائيل إيتان- الأشقاء الثلاثة الذي خدعوا الجمهور وممثليه عن قصد، والرأي العام كان ساذجاً أو غبياً ليصدق. 

•عندما وقف بيغن في الكنيست وتعهد بوقف القتال في غضون 48 ساعة وبعدم تجاوز مسافة 40 كلم، كذب علينا وعلى العالم أجمع. ولم تكن عملية "سلامة الجليل" تهدف إلى "منع إطلاق نيران المدفعية في الحدود مع لبنان"، لأن الهدوء كان مخيماً هناك طيلة تسعة أشهر. ولم يكن المقصود هو الانتقام من منظمة التحرير الفلسطينية لمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، لأن المسؤول عن محاولة اغتيال شلومو أرغوف كانت مجموعة أبو نضال، عدو عرفات اللدود. كما لم يكن المقصود تلقين الشيعة درساً، ولكن إخضاع منظمة التحرير الفلسطينية، وبذلك القضاء نهائياً على "المشكلة الفلسطينية". لم تكن عملية "سلامة الجليل" سوى "حرب يهودا والسامرة" [الضفة الغربية]، التي هدفت إلى إطالة أمد الاحتلال.

•الآن فقط انكشفت الحقيقة فيما يتعلق بكل الأكاذيب المتراكمة. لقد سقط 1800 جندي قتلى خلال 18 عاماً. من يريد التذكر وتذكيرهم بخطايانا الكثيرة؟ هكذا يخرجون هنا إلى الحروب – في ذاك الزمن وفي هذا الزمن. 

•انتظروا الأرشيف الذي سوف يفتح بعد 30 عاماً، وعندها سوف تفهمون ماذا ومن أيدتم قبل عام.