يجب تصحيح العلاقة مع أوباما
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•يخصص الشخص الذي يعمل في القاعة البيضاوية [في البيت الأبيض] الكثير من الوقت والعاطفة لدولة إسرائيل. والسبب الأول لذلك يعود إلى تماهيه مع إسرائيل المتحضرة والضائعة المتمثلة في حركة حزب العمل. أما السبب الثاني فيعود إلى شعوره بالإحباط لأن إسرائيل الحالية تبدو بالنسبة إليه دولة ضلّت الطريق. والسبب الثالث هو شعوره بالقرب من يهود أميركا الليبراليين الذين ترعرع بينهم ويعيش معهم. والسبب الرابع هو الحزن الذي يشعر به باراك أوباما لأن الكثير من اليهود في إسرائيل وفي الولايات المتحدة يتعاملون معه بوصفه عدواً لليهود. والسبب الخامس هو صفقة إيران - لوزان التي يريد أن يحولها إلى إرثه التاريخي على صعيد السياسة الخارجية. والسبب السادس الحاجة السياسية والأخلاقية التي يشعر بها كي يفعل شيئاً ما في الموضوع الفلسطيني. والسبب السابع هو بنيامين نتنياهو. 

•لكن أوباما ليس شخصاً متعسّغاً (dogmatic)، فهو يختلف بمعنى ما عن صورته. هو أكثر لطفاً وانتباهاً وهو عملي أكثر كذلك. والأمر الأساسي الذي تعلمه في السنوات الست الأخيرة هو أن للقوة حدوداً، أما الأمر الآخر الذي ما يزال يتعلمه فهو تعقيدات الواقع. وهو لا يبحث عن انتصار إيديولوجي بل عن حلول عملية يمكن التعاون والعمل معها، حلول يمكن أن تحقق تغييراً.

•ولهذه الأسباب السبعة يريد أوباما التصالح مع الإسرائيليين وإحلال السلام مع اليهود. ولهذا السبب أجرى مقابلات مثيرة للاهتمام مع جيف غولدنبرغ وإيلانا دايان. ولهذا السبب اعتمر كِبّا [طاقية يعتمرها اليهود المتدينون] وتحدث كما يتحدث حاخام إصلاحي في كنيس "طائفة إسرائيل" في واشنطن. ولهذا هو مستعد للقيام بأمور استثنائية للعثور على إسرائيل التي يحبها والتي يمكنه العمل معها ولإصلاح الأمور معها.

•هل من الممكن اصلاح الأمور؟ إن هذا ضروري. إن شبكة العلاقات بين رئيس الولايات المتحدة ودولة إسرائيل كانت مليئة بالأخطاء وسوء التفاهم والفرص الضائعة. وبينما كان الشعور في قدس نتنياهو هو أن واشنطن أوباما لا تفهم الشرق الأوسط، كانت واشنطن أوباما تشعر بأن نتنياهو لا يفهم روح العصر. وبينما تشعر الدولة الديمقراطية نظرياً [إسرائيل]، بأن الدولة العظمى أصبحت متساهلة للغاية، فإن الديمقراطية في الدولة العظمى تشعر بأن إسرائيل تحولت إلى دولة متطرفة قومية وظلامية.

•لكن كل ما جرى حتى الآن في السنوات الأخيرة لا شيء مقارنة مع ما قد يجري في الصيف عند توقيع الصفقة النووية الإيرانية. الصدام حينها سيكون جبهويّاً، والمواجهة ستكون حتى النهاية. فمن جهة سيقف رئيس ديمقراطي مصرّ على ترك بصماته في العالم، وفي الجهة الأخرى سيقف التحالف الإسرائيلي - الجمهوري المصرّ على منع ما يعتبره نهاية العالم. في جهة سيقف البيت الأبيض الليبرالي الذي يتمتع بدعم مطلق من أميركا الجديدة المنفتحة ذات الأقليات المتعددة، وفي الجهة الأخرى سيقف كونغرس محافظ يمثل أميركا القديمة البيضاء وينظر إليه باعتباره ينفّذ رغبات إسرائيل. 

•إذا أُبرمت الصفقة، فإن الانتقادات المخجلة ضد يهود الولايات المتحدة مثل تلك التي أطلقت ضد جاك لو [جاكوب لو من أصل يهودي عيّنه أوباما رئيساً لموظفي البيت الأبيض ما أثار الكثير من الانتقادات ضده]، سوف تتضاعف. أما إذا لم يتم إبرام الصفقة فسوف يُنظر إلى اليهود وكأنهم هم الذين كانوا وراء فشل أول رئيس أفريقي - أميركي، وأنهم فرضوا على الولايات المتحدة مواجهة خطرة مع إيران والإسلام. وبغض النظر عن نتائج هذه المواجهة، فإن انعكاساتها ستكون مدمرة، وسيخرج الرئيس الأميركي وإسرائيل واليهود في أميركا منها مصابين بالكدمات والجروح.

 

•لذا، ففي الوقت القليل الباقي قبل لحظة الحقيقة، يتعين علينا تنقية الأجواء ووقف التحريض ضد أوباما ومد اليد إليه. فالموجود في البيت الأبيض ليس فرعون بل هو صديق حقيقي. يمكننا الاختلاف مع رئيس الولايات المتحدة، لكن يجب أن نحترمه ونقدره. ولم يفت الأوان على بدء ذلك من جديد. لا، بل نحن مضطرون إلى أن نفعل ذلك.