من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•إن إطلاق القذائف الصاروخية من غزة إلى النقب مرتين خلال ثلاثة أيام في الأسبوع الماضي، ما يزال مشكلة محدودة. فالمسؤول عن هذه القذائف فصيل سلفي متطرف، وإطلاقها يأتي على خلفية نزاع محلي مع سلطة "حماس" في قطاع غزة التي أوقفت عدداً من ناشطي هذا الفصيل وقتلت واحداً منهم. في هذه الأثناء تعمل "حماس" على كبح إطلاق النار، وإسرائيل تمنحها الوقت كي تعالج الموضوع. وحتى الآن ثمة أمل في إسرائيل بأن تستطيع سلطة "حماس" في غزة التغلب على التهديد الداخلي وكبح تصاعده ومنع تحوله إلى مواجهة شاملة جديدة مع الجيش الإسرائيلي، مثلما يهدد بذلك السلفيون.
•وبرز بالأمس في التغطية الإعلامية الإسرائيلية للتصعيد، تصنيف التنظيم الذي أطلق النار بأنه تابع لـداعش، وهذا ادعاء غير دقيق نسبياً، ففي الأشهر الأخيرة وفي ضوء نجاحات داعش في سورية والعراق، أعلنت تنظيمات جهادية مختلفة في شتى أنحاء العالم العربي بأنها تابعة لهذا التنظيم العالمي. وفي أماكن معينة مثل سيناء، يوجد فعلاً علاقة بين الفصيل المحلي ("أنصار بيت المقدس" الذي غيّر اسمه إلى "ولاية سيناء") وداعش، ويبدو أن أموالاً تدفقت إليه أيضاً. أما في أماكن اخرى مثل غزة، فإن المقصود حتى الآن هو خطوة رمزية. لكن اعتبار التنظيم الغزاوي تابعاً لداعش من جانب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يخدم هدفين: فهو يعزز نهج رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يتحدث عن واقع إرهابي متطرف على مقربة من حدود إسرائيل كلها؛ وفي الوقت عينه يقدم مبرراً للسلوك الإسرائيلي. فإذا كان الخيار بين "حماس" وداعش (على عكس ادعاء نتنياهو في نهاية حرب الصيف الأخير أن "حماس هي داعش")، فهناك سبب يمنع إسرائيل من أن تسارع إلى إسقاط سلطة "حماس".
•في هذه الأثناء، فإن إسرائيل و"حماس" لا تتعاملان بصورة حازمة مع التنظيمات السلفية، إذ تجد الحركة صعوبة في مواجهة تحدي السلفيين على الرغم من أن عدد أنصارهم أقل بكثير من أنصار الجهاد الإسلامي الذين فرضت "حماس" إرادتها عليهم بسهولة نسبية. ويبدو أن السلفيين يتحركون وفقاً لقواعد لعبة مختلفة ولا يتراجعون. وحتى إسرائيل امتنعت حتى الآن عن المس مباشرة بكبار المسؤولين في هذه التنظيمات.
•رسمياً تعتبر إسرائيل "حماس" عدواً وتحملها مسؤولية أي هجوم من غزة، وترد على أي إطلاق نار بعنف مستهدفة منشآتها وتهدد بتصعيد خطواتها، لكنها عملياً تنتهج سياسة معاكسة فتحرص على عدم إصابة أحد بالقصف، وتسعى إلى تعزيز سلطة "حماس" (شرط احترامها لوقف إطلاق النار)، وتقوم بإنشاء قنوات وساطة جديدة على الرغم من معارضة مصر.
•إن مصر اليوم هي الشريك الإقليمي الأقرب إلى إسرائيل، وتوحد الدولتان جهودهما من أجل مواجهة الجناح المحلي لداعش في سيناء والتنظيمات السلفية الأخرى الفاعلة في المنطقة، وهما ينسقان بينهما خطوات أخرى كذلك. كما أن مصر لا تثق بنيات "حماس" وتستمر بفرض الحصار على غزة من طريق إغلاق معبر رفح ودفع السلطة الفلسطينية الى تدخل أكبر على المعابر.
•لكن إسرائيل تشك في أن السلطة معنية فعلاً بأن تأخذ على عاتقها أي مسؤولية في غزة، ناهيك بتوتر العلاقات بين القدس ورام الله في ضوء اعتماد حكومة نتنياهو الجديدة على ائتلاف يميني ضيق.
•بناء على هذه الأسباب، يبدو أنه من المريح أكثر لإسرائيل التوصل إلى تفاهمات غير مباشرة وعامة مع "حماس" لا تُلزم نتنياهو بتقديم تنازلات سياسية أو الاعتراف العلني بـ"حماس" شريكاً. وهذه هي خلفية النشاط المتزايد الذي يقوم به ممثلون عن قطر في المنطقة وهم لا يهتمون فقط بإعادة الإعمار الاقتصادي للقطاع. كما يشتبه المصريون أيضاً بأن تركيا، العدو الآخر لحكم الجنرالات في القاهرة وشريكة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، تزيد من تدخلها في القطاع.
•يتنافس عدد كبير من اللاعبين على الملعب الغزي وأكثرهم من وراء الكواليس. واليوم، يبدو أن التمرد السلفي ضد "حماس" يهدد الاستقرار النسبي بين غزة وإسرائيل. لكن في فترة لاحقة، فإن الخطر قد يأتي من جانب الذراع العسكرية في "حماس" التي تنتهج سياسة مستقلة ومنفصلة عن القيادة السياسية للحركة. وهناك قبل كل شيء الضائقة الاقتصادية في القطاع حيث يقترب معدل البطالة من 50%، ومصادر المياه الصالحة للشرب في خطر، ويشعر الناس أنهم في حال من الحصار الدائم (كما أظهرت الشهادات التي نشرتها "هآرتس" نهاية الأسبوع). ومن الصعب توقع استمرار الاستقرار فترة طويلة، حتى لو تحركت إسرائيل أكثر من مصر من أجل السماح بإعادة إعمار جزء من الأضرار التي تسببت بها حرب العام الماضي.