من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•إن الحكومة الـ34 لدولة إسرائيل هي حكومة رحلة إلى لامكان. ماذا بالنسبة إلى السلام؟ حتى لو هبط الوحي الإلهي على محمود عباس ذات ليلة وأصبح محباً للحركة الصهيونية واعترف بالدولة اليهودية وقبِل بخطة ألون، فإن حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة ستقول له "كلا". ذلك بأن تبعية هذه الحكومة المطلقة للمجموعات المتطرفة لن تسمح لها بإنهاء النزاع حتى لو قُدم لها على طبق من فضة.
•وماذا بشأن الحرب؟ حتى لو هوجمت إسرائيل بطريقة إجرامية من جانب عدو مجرم، فإن حكومة يمين - يمين - اليمين لا تملك الشرعية المطلوبة من أجل الدفاع بفعالية عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. فالصورة الحالكة السواد لهذه الحكومة، التي تضم نفتالي بينت وياريف ليفين وزئيف ألكين، ستجعل من الصعب جداً مواجهة أي معركة قد تُفرض على إسرائيل.
•وماذا بشأن الإصلاحات الاجتماعية - الاقتصادية؟ على الأرجح سوف يبذل موشيه كحلون أقصى ما يمكنه، لكنه يعرف جيداً أن حكومة تستند إلى أغلبية 61 عضو كنيست، أي حكومة أسيرة في يد المستوطنين والحريديم ورجال الأعمال، لا تستطيع إحداث التغييرات البنيوية المطلوبة في السوق، ولا حتى رأب الصدع في المجتمع.
•وماذا بشأن تغيير الحكم؟ إنكم تثيرون ضحكي. الدفع قدماً بجـدول أعمال مدني - ديمقراطي؟؟؟
•لكن الرحلة إلى لامكان معناها أيضاً الذهاب إلى مكان سيئ جداً. ففي ظل غياب رؤيا تتعطل الحكومة، وفي ظل غياب الأمل، سيصبح الوزراء أكثر صقرية من الصقر. فوزيرة العدل ستقوض استقلالية جهاز القضاء، ووزيرة الثقافة ستقمع الثقافة (النخبوية) والفنون (التخريبية)، ووزير الإعلام سيفقأ أعين الإعلام، والحريديم سيصرون على المحافظة على مصلحة الحريديم، والمستوطنون سيعملون على زيادة أعداد المستوطنين، وممثلو اللجنة المركزية في الليكود سيعملون لمصلحة اللجنة المركزية في الليكود.
•إن الفصل بين اليهود والفلسطينيين في الباصات في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] هو مجرد البداية فقط، فالرحلة إلى لامكان ستتفكك وتفككنا بسرعة قياسية. والقبطان البائس يعرف جيداً وجهة رحلته، وهو يكره الطائرة التي اضطُر إلى تركيبها، ويحتقر تقريباً جميع ركابها. كما يعي القبطان أنه في أي لحظة قد يطرق شخص، لا قيمة له، الباب ويوجه مسدساً إلى صدغه. لذا فإن المدة التي يقدّرها نتنياهو في قرارة نفسه لاستمرار هذه الحكومة الـ34 هي نصف سنة، وإذا لم ينجح حتى نهاية سنة 2015 في تأليف حكومة وحدة فسيختار التوجه إلى الانتخابات.
•إننا أمام سيناريو جمهورية رابعة يشبه ما كانت عليه فرنسا في الخمسينيات، إذ تواجه إسرائيل مشكلة احتلال خطيرة، وهي مثل فرنسا آنذاك تجد نفسها في وضع تتخبط فيه أجهزة الحكم، الأمر الذي لا يسمح لها بمواجهة الاحتلال والتصرف كدولة ذات سيادة. لكن ليس لدى إسرائيل شخصية مثل ديغول كما كان لدى فرنسا، كما أنه ليس لديها خطة يمكن أن تؤدي إلى قيام الجمهورية الخامسة المستقرة والداعمة للاستقرار.
•من هنا تأتي سيطرة القوى والغرائز الظلامية التي لا تمثل أبداً الأغلبية الإسرائيلية، ومن هنا تتفاقم أزمة النظام وتتفكك الثقافة السياسية. إن الرحلة إلى لامكان تؤدي بصورة عبثية إلى إفلاس السياسة الإسرائيلية، فالسيرك لم يعد متنوع الألوان ولا مسلياً، وإنما من شأنه أن يدمر الدعائم الأساسية للمشروع الصهيوني.