•تبدأ الحكومة الـ34 لدولة إسرائيل عملها في وقت تتخبط المنطقة من حولنا في حالة من عدم اليقين وسط وضع متفجر أكثر من أي وقت مضى. فقد تنشب حرب أو معركة عسكرية كبيرة بلا أي إنذار، وقد تمتد إلى أكثر من ساحة، ناهيك عن الأضرار الاقتصادية والدبلوماسية والأكاديمية التي تتسبب بها العزلة السياسية الآخذة في الازدياد يوماً بعد يوم، ويمكن، في المستقبل، أن تُفرض على إسرائيل عقوبات اقتصادية ودبلوماسية كتلك التي فُرضت على نظام الأبارتهايد في أفريقيا الجنوبية. والأخطر من هذا كله تآكل الشرعية الدولية فيما يتعلق باستخدام الجيش الإسرائيلي كامل قوته دفاعاً عن النفس، وهذا ما اختبرناه في أثناء عملية "الجرف الصامد" وما بعدها. لذا على نتنياهو أن يشكل فوراً مجلساً وزارياً أمنياً مختلفاً عن المجلس السابق.
•وكي يقوم المجلس الوزاري الأمني - السياسي (لجنة وزارية للأمن القومي) بمهمته على أفضل وجه، يتعين على رئيس الحكومة أن يدعوه إلى الاجتماع مرة كل أسبوع أو كل أسبوعين، إن لم يكن من أجل اتخاذ القرارات فمن أجل إطلاعه على المستجدات الاستخباراتية وعلى قدرات الجيش الإسرائيلي. كما يتعين على أعضاء هذا المجلس أن يخضعوا، من دون خجل، لإعداد من جانب خبراء في المجالات التي يفترض أن يتخذوا قرارات بشأنها، كي لا يقولوا "لم نعلم ولم نر"، كما جرى في قضية الأنفاق في عملية "الجرف الصامد".
•إن مجلساً وزارياً فعالاً يتعين عليه أن يحدد في أوقات الهدوء أهدافاً استراتيجية تخدم الأمن القومي وتعزز مكانتنا في العالم. كما عليه إقرار عمليات تحقق هذه الأهداف والمصالح. أمّا في أوقات القتال، فعلى هذا المجلس، أن يصدر قرارات يحدد من خلالها الأهداف الاستراتيجية والسياسية والعسكرية التي على الجيش الإسرائيلي والأذرع الأمنية الأُخرى تحقيقها عبر استخدام القوة، بالإضافة إلى تحديد الوضع المرغوب فيه لإنهاء القتال.
•ممنوع أن يتحول المجلس الوزاري أثناء الحرب إلى ناد للنقاشات أو إلى برلمان مصغر وقت الحرب، وعلى أعضاء المجلس ألاّ يملوا على لواء غولاني، أو على قائد فرقة عسكرية في الجليل كيفية مهاجمة الأهداف، ويجب صوغ قرارات المجلس بصورة واضحة ودقيقة كي تستطيع رئاسة أركان الجيش وقيادته العليا وضع الخطط العملانية واللوجستية، وإصدار أوامر واضحة تحدد للقوات المقاتلة مهماتها.
•في زمن الهدوء، يتعين على المجلس المراقبة والتأكد من أن جميع الأذرع في الجيش، وليس فقط سلاح الجو، على علم بما هو مطلوب منها وقت الحرب، وأن لدى الجيش تعليمات تتعلق باستخدام القوة تتلاءم مع ما هو مطلوب منها.
•هذه هي مهمات المجلس الوزاري، وقد رأينا ما يحدث عندما لا تقوم هذه الهيئة بوظيفتها. كما أننا دفعنا ثمناً كبيراً بالدماء في الجبهة الداخلية وعلى جبهة القتال بسبب سوء أداء هذا المجلس في أثناء ولاية أولمرت خلال حرب لبنان الثانية، وبسبب السلوك الرديء وغير المسؤول من جانب عدد من أعضائه خلال عملية "الجرف الصامد".
•وفي ضوء هذه المتطلبات، من المخيب للأمل أن نرى أن تركيبة الائتلاف الحالي تفرض على رئيس الحكومة أن يضم إلى هذا المجلس 11 وزيراً، هم: نتنياهو، وموشيه (بوغي) يعلون، ويسرائيل كاتس، ونفتالي بينت، وآرييه درعي، وموشيه كحلون، وسيلفان شالوم، وياريف ليفين، وأييلت شاكيد، وزئيف ألكين، وبني بيغن، وذلك خلافاً للقانون الذي ينص على ألاّ يتعدى عدد الوزراء في المجلس نصف عدد الوزراء في الحكومة.
•إن هذا العدد من الأعضاء، وبعضهم ليس لديه خبرة في الموضوع، يحول المجلس الوزاري إلى ناد للنقاشات. لذا من الممكن الافتراض أن نتنياهو سيشكل لنفسه مجلساً مصغراً (مطبخاً) مثل طاقم "التسعة" أو السبعة" من أصحاب الكفاءة والاختصاص الذين سبق أن خدموا رؤساء حكومات سابقين (ونتنياهو أيضاً)، والذين قدموا نصائح عقلانية ومتزنة في أوقات الطوارىء، ولم يسارعوا إلى تسريب مضمون الاجتماعات إلى الخارج.