من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•مثل كل عملية عسكرية واسعة جرت في العقد الأخير، كذلك بعد الحرب التي جرت الصيف الماضي في قطاع غزة، نُشر تقرير مفصل أعدّته منظمة "نحطم الصمت" يروي للجمهور الإسرائيلي أموراً يفضل أغلبنا على ما يبدو ألا يسمعها. إنها شهادات مفصلة لمقاتلين وضباط تضمنت ادعاءات تتعلق بأحداث شاركوا فيها أو شاهدوها، انتهك خلالها الجيش الإسرائيلي قواعد القانون الدولي والقيم القتالية التي يقول إنه يؤمن بها.
يصف واضعو التقرير عملية "الجرف الصامد" بأنها "عملية رصاص ممصهور مكثفة". وفي رأيهم أن الجيش الإسرائيلي استخدم أثناء الحرب نيراناً أكثر وألحق قدراً أكبر من الإصابات والأضرار مما خلفه في أعقاب العملية البرية السابقة في القطاع قبل خمس سنوات ونصف السنة. إن الجيش الإسرائيلي نفسه لا يعترض على جزء من هذه المعطيات. وقد ارتفع معدل القتلى الفلسطينيين العام الماضي بنحو 70% عن عددهم في عملية "الرصاص المصهور". واستناداً إلى جميع التقديرات فإن نصف القتلى (وبحسب الفلسطينيين ثلثاهم)، كانوا مدنيين ولم يشاركوا في القتال.
•ومع ذلك، فقد حدثت منذ عملية "الرصاص المصهور" الوقت تطورات أخرى لا يمكن تجاهلها. فقد استطاعت "حماس" ما بين المعركتين تحسين قدرتها على إلحاق الضرر [بإسرائيل] بصورة واضحة، وتجلى ذلك من خلال إطلاق الصواريخ بكثافة على الجبهة الداخلية، والتي وصلت إلى غوش دان وإلى الشمال منها، (في الرصاص المصهور أُطلقت الصواريخ حتى بئر السبع). كما تجلّى ذلك من خلال شبكة الأنفاق المتشعبة التي حفرتها الحركة منذ ذلك الحين، وجزء منها وصل إلى داخل إسرائيل، وكذلك بصورة خاصة من خلال منظومتها الدفاعية، التي جرى فيها استخدام العبوات الناسفة، وقذائف الهاون، ونيران القناصة والصواريخ المضادة للدروع التي أطلقت على قواتنا، وقتل أثناء القتال على الأنفاق 67 جندياً من الجيش الإسرائيلي.
•وعندما يرتفع مستوى الخطر على القوات (في العملية الماضية قُتل عشرة جنود معظمهم بنيران خطأ من الجيش الإسرائيلي)، يتقلص هامش المخاطرة الذي يكون القادة مستعدين لأن يأخذوه على عاتقهم. ومن الواضح أيضاً أنه كلما ارتفع عدد المصابين الإسرائيليين خلال العملية مع خطر خطف جنود، وقد تحقق ذلك من خلال خطف جثتي الجنديين هدار غولدمان وأورون شاؤول، كلما استخدمت النار بصورة أشدّ كثافة بهدف إحباط نجاحات أخرى لحركة "حماس".
•وتبرز مرة أخرى على هذا الصعيد ظاهرة سبق أن ظهرت في "الرصاص المصهور". فعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي لم يتبن أبداً شيفرة أخلاقية تنص على "حد أدنى من المخاطر لقواتنا" كنقطة انطلاق في كل ما له علاقة بالسكان المدنيين أثناء القتال، إلا إنه يبدو أنه في أماكن كثيرة جرى اعتماد هذه المقاربة كعقيدة شفهية للسلوك.
•في نهاية الأسبوع أجرى موقع Walla الإلكتروني مقابلة مع قائد لواء المظليين العقيد إليعيزر توليدانو شرح خلالها الأمور ببساطة قائلاً: "نحن لا ندخل إلى بيت لاحظنا وجود مخرب فيه. فإذا لاحظنا وجود مخرب في بيت، فإن هذا البيت يدمر". ويعترف بأن كل مكان قاتل فيه لواء المظليين خلال الجرف الصامد "لم يعد مكاناً يصلح للسكن".
•وفي مقابلة مع "هآرتس" قبل شهر قال المدعي العام العسكري داني عفروني: "لن تسمع مني أن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم". وهذا الكلام للمدعي العام الذي استقبل باستياء من جانب قسم من زملائه في هيئة الأركان العامة، يعبر عن نهج سليم حيال الحرب الأخيرة.
•عملياً هناك أماكن بذل فيها الجيش جهوداً تستحق التنويه من أجل تقليص إصابة المدنيين بالمقارنة مع جيوش غربية أخرى، وهناك حوادث أخرى مثل تلك التي يصفها التقرير الجديد [لمنظمة "نحطم الصمت"]. في الكثير من الشهادات، محدودية الرقابة على وحدات الأطراف في القوات البرية. فعندما تقوم طائرات سلاح الجو بقتل أطفال على الشاطئ من طريق الخطأ الجيمع يعرف بذلك، والخلل يمكن التحقق منه من دون صعوبة خاصة. لكن عندما يسمح قائد دبابة لرجال المدفعية لديه بالتدرب على إطلاق النار من بعيد على سيارات من دون أن يحددها أحد بأنها خطرة، أو عندما تطلق قوات المشاة النار في اتجاه أشخاص يوصفون بأنهم يقومون بالمراقبة ليتبين لاحقاً أنهما امرأتان لا تحملان أي وسيلة مراقبة، فثمة شك في أن أحداً في سلسلة القيادة العسكرية يسيطر على جميع التفاصيل.
•في بعض الشهادات يظهر أن أعمال القصف او التدمير بواسطة الجرافات جاءت كعمل انتقامي على وقوع اصابات بين الجنود أو كوسيلة للتخفيف من الضجر. وهذه ظواهر معروفة في الحروب السابقة ولا ينبغي أن تفاجئ أحداً.
إن منظمة "نحطم الصمت" ليست منظمة لا تملك أجندة سياسية. فقد أقامها مؤسسوها سنة 2004 تحت تأثير تجربتهم كمقاتلين في قوات الناحل في ذروة الانتفاضة الثانية. ومن الواضح أنها تعمل من منظور يساري، لكن يجب ألا يمنع ذلك النظر في الادعاءات بحد ذاتها.
•لقد جُمعت هذه الشهادات من عشرات المقاتلين على الرغم من أنهم يشكّلون نسبة صغيرة من عدد الذين شاركوا في الحرب، ولكنهم يتحدثون عن أمور عايشوها واختبروها وأزعجتهم.
•من الأفضل ألا ينجر الجيش الإسرائيلي إلى قلب الخلاف السياسي مثل ما جرى بعد عملية "الرصاص المصهور"، وأن يدرس هذه الادعاءت بصورة موضوعية. وإذا كان المدعي العام قد فعل ذلك حيال عشرات الحوادث التي وقعت في الحرب الأخيرة، فلا شيء يمنعه من درس الشكاوى في الحالات الجديدة كذلك