في الظروف القائمة حالياً من الخطأ إطلاق مبادرة سياسية لحل النزاع مع الفلسطينيين على أساس "خطة كلينتون"
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•يمكن حصر الشكاوى التي تُطلق ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الآونة الأخيرة في ثلاث: الأولى تتعلق بسلوكه الشخصي وسلوك زوجته سارة، والثانية ترتبط بانتقاد نشاطه حول الخطاب الذي ألقاه أمام الكونغرس الأميركي من وراء ظهر البيت الأبيض، والشكوى الثالثة هي أنه لا يملك أي مبادرة سياسية لتسوية النزاع مع الفلسطينيين.

•يمكنني أن أتفهم بل وأن أتفق مع الشكويين الأولى والثانية، لكن من غير الواضح لي ما الذي يريده بالضبط أولئك الذين يعبرون عن الشكوى الثالثة بمن في ذلك رئيس جهاز الموساد السابق مئير داغان.

•إن من يؤيد الآن "مبادرة سياسية" أو "خطة سلام إسرائيلية" ويريد أن تُعتبر خطته واقعية في نظر الفلسطينيين والعالم العربي والأسرة الدولية، يؤيد عملياً مبادئ "خطة كلينتون" التي عرضها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في تشرين الثاني/ نوفمبر 2000.

•وتشمل هذه المبادئ ما يلي: انسحاب إسرائيلي إلى خطوط 1967 مع تبادل محدود للأراضي؛ إخلاء أكثر من 100،000 إسرائيلي [مستوطن] يعيشون في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]؛ تقسيم القدس وتطبيق حل مركب لمنطقة الحوض المقدس؛ لا تكون هناك سيطرة إسرائيلية في غور الأردن وفي المجال الجوي للضفة؛ الاتفاق على عدد الفلسطينيين الذين يمكنهم العيش في إسرائيل.

•معروف أن خطة السلام السعودية [التي هي في صلب مبادرة السلام العربية] تطالب هي الأخرى بهذه الشروط على الأقل (وكذلك بالانسحاب من هضبة الجولان)، حتى قبل الاعتراف العربي الشامل بدولة إسرائيل. 

•إن السؤال المطروح هو: هل كل الذين يطالبون الحكومة باتخاذ مبادرة سياسية معنيون بهذه الخطة؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يقولون ذلك بصراحة؟ وإذا كانت لديهم فكرة سياسية أخرى فما هي؟. وما دام الحديث يدور حول اتفاق إسرائيلي - فلسطيني محصور جغرافياً بالأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، فلا توجد أي خطة أخرى باستثناء خطة كلينتون. ومن غير المبالغة القول إن كل من سيجري مفاوضات مع الفلسطينيين على أساس حل الدولتين لا بُد من أن يصل إلى خطة كلينتون في أفضل الأحوال. 

•لكن في الظروف القائمة حالياً التي تسيطر فيها حركة "حماس" على قطاع غزة وتحظى بشعبية آخذة في التعاظم في الضفة الغربية ويهدّد تنظيم "داعش" الاستقرار في الأردن، سيكون من الخطأ الموافقة على خطة كلينتون بالضبط مثلما كان من الخطأ محاولة الوصول إلى اتفاق سلام مع سورية في ظل الموافقة على التنازل التام عن هضبة الجولان.

•بهذا المفهوم، فإن سياسة نتنياهو صحيحة ومسؤولة. أما الأخطاء التي ارتكبها نتنياهو وارتكبتها حكومته فلا تتعلق بالجانب الاستراتيجي وإنما بالسلوك التكتيكي. إن من يمتنع الآن عن الموافقة على خطة كلينتون ويفضل إدارة النزاع بدلاً من حله، يتعيّن عليه أن يدير المواجهة [مع الفلسطينيين] كما ينبغي. 

•إن نتنياهو يؤيد "السلام الاقتصادي" لكنه من ناحية عملية يتصرف على نحو مغاير. فحكومته توقف التيار الكهربائي عن مدن الضفة، وتمنع على مدى أشهر ربط المدينة الفلسطينية الجديدة الروابي بالماء، وتجمّد تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، وتفرض مصاعب لا داعي لها على اقتصاد قطاع غزة.  فضلاً عن ذلك تمتنع حكومة نتنياهو عن الوصول إلى تفاهمات مع الأميركيين بالنسبة للبناء في المستوطنات، وبذلك تساعد أعداء إسرائيل على اتهامها بعرقلة أي احتمال للتسوية في المستقبل. لكن إلى جانب هذه الأخطاء كلها، فإن الامتناع عن إطلاق مبادرة سياسية على أساس مبادئ خطة كلينتون هو بالذات عمل صحيح ومسؤول.

•إن الخطوة السياسية التي من الصحيح اتخاذها في هذه اللحظة بالذات هي الحوار الهادئ مع الولايات المتحدة لدرس بدائل أخرى من تلك الخطة. ولا شك في أنها خطوة للمدى البعيد ويجب أن تبدأ بمراجعة جذرية لكل الفرضيات الأساسية القائمة بما في ذلك فرضية أن حل النزاع يجب أن يكون محصوراً بين النهر والبحر. 

 

•نأمل أن تبدأ الحكومة المقبلة مهما تكن تركيبتها بمثل هذه المراجعة. أما من سيحاول إحياء الخطة القائمة فقط ويسمي هذا "مبادرة سياسية"، فسيصل مرة أخرى إلى طريق مسدود ومحبط تماماً مثلما يحدث لنا منذ أكثر من 21 سنة.

 

 

المزيد ضمن العدد 2090