•يكثر السياسيون اليوم من الكلام عن مشكلاتنا الاجتماعية والاقتصادية، لكن الحكومة التي ستتشكل يجب أن تعطي الأولوية للمجال السياسي - الأمني، واستئناف العملية السياسية في محاولة لتغيير الواقع من أساسه.
•توجد اليوم فرصة نادرة من أجل الدفع قدماً بعملية السلام نتيجة مصالح مشتركة بيننا وبين الفلسطينيين والدول الإسلامية المعتدلة. جميعنا ضد إيران نووية، وجميعنا سيواصل محاربة الارهاب ولا سيما الارهاب المتشدد الذي يقطع الرؤوس ويحرق الأسرى. عندما سيتحقق السلام، فإنه سيكون مفتاحاً لحل جميع المشكلات في مجالات الأمن والعمل والتعليم والرفاه والإسكان والصحة وتصحيح العلاقات مع الولايات المتحدة.
•وحده السلام سيسمح للدولة بتخصيص الموارد المطلوبة من أجل رفع مستوى المعيشة وحل هذه المشكلات. سيتعين علينا وعلى الفلسطينيين تقديم تنازلات مؤلمة. لكن ألم التنازلات أقل بما لا يقاس من ألم الحرب.
•لقد قاتلت في حروب إسرائيل وشاركت في عمليات كثيرة ضد الارهاب. وفقط الذين كانوا هناك يعرفون ويلات الحروب والمعاناة التي مررنا بها، نحن الطرف المنتصر. إن القتلى والعائلات الثكلى والجرحى الذين يحملون على أجسادهم ندوب الحرب، دليل على المعاناة الأليمة. لذا يتعين على حكومة إسرائيل أن تبذل كل ما في وسعها للحؤول دون الحرب المقبلة، وعدم خوض الحرب إلا كخطوة أخيرة بهدف الدفاع عن الدولة وسكانها.
•لقد قاتل جيلنا المرة تلو الأخرى بهدف أن نترك لأولادنا وللأجيال المقبلة دولة آمنة مزدهرة تعيش بسلام مع جيرانها، لكننا لم ننجح حتى الآن في ذلك. لقد وضعت خطوط حل ممكن للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني مرات عدة، وخلال لقاءات لا تحصى بيننا وبينهم. كما أن العناصر الأساسية للصيغة التي يمكن أن تستخدم أساساً للمفاوضات معروفة. وما نفتقر إليه هو زعيم بقامة بن غوريون. إن رابين وبيغن اللذين اتخذا قرارات صعبة لم يخافا تحمل مخاطر مدروسة، وكانا مستعدين لتقديم تنازلات، ووضعا نفسيهما بصورة كاملة في خدمة الشعب والبلد، كما وضعا نصب أعينهما مصلحة دولة إسرائيل وليس مصلحتهما الشخصية أو بقاءهما السياسي.
•إن الجمود واستمرار الوضع القائم سيؤديان إلى تدهور خطير في وضعنا. وإذا لم ننفصل عن الفلسطينيين حتى في القدس، فسوف تنشأ بين نهر الأردن والبحر دولة عربية ستشكل نهاية لدولتنا. إن السياسيين الذي يقدمون وعوداً جذابة لحل المشكلات الاقتصادية - الاجتماعية من دون التطرق إلى حل المشكلات السياسية - الأمنية وفي مقدمها النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، مضللون وعلى خطأ. هناك بينهم من يهاجمنا قائلاً باستخفاف بعدم وجود شريك. هذا كذب، فإن 22 دولة عربية في الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية وأكثر من 35 دولة إسلامية تبنت المبادرة العربية [التي طرحت في بيروت سنة 2002]، هم شركاؤنا. ويتعين علينا نحن الناخبين أن نطلب من الأحزاب المختلفة أن تقدم الآن خطتها من أجل استئناف المفاوضات.
•لقد نشر بعض هذه الأحزاب برنامجه الانتخابي وفيه جزء سياسي - أمني يتطرق إلى الوضع في الشرق الأوسط والنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. لكن مع الأسف، جرى استخدام مصطلحات عامة ومبهمة تشير إلى مجرد توجهات. وبسبب الخوف الذي يسيطر على السياسيين فهم غير مستعدين لأن يقولوا بوضوح إن الحدود يجب أن تستند إلى خطوط الرابع من حزيران 1967 مع بقاء كتل المستوطنات المتاخمة للجدار تحت سيادة إسرائيل. ولا يقول السياسيون إنه من أجل منع نشوء دولة عربية، فإنه يجب الانفصال عن الفلسطينيين حتى في القدس.
•وما أخشاه أن السياسيين الذين ليسوا مستعدين اليوم لتسمية واضحة لعناصر الحل التي جرى بحثها ونشرها ولم تعد سراً من أسرار الدولة، سيكون من الصعب عليهم إظهار الشجاعة المطلوبة في المفاوضات مع الفلسطينيين ودول عربية، الأمر الذي سيؤدي مرة أخرى إلى تقويض فرص نجاح عملية السلام.